لاجئون عراقيون يعودون من "جنة أوروبا" إلى "جحيم" العراق
شفق نيوز/ لم يجد العراقيون الباحثون عن الأمان في الهجرة إلى دول أمريكا وأوروبا ما كانوا يبحثون عنه حين وصلوا إلى تلك البلدان؛ ليواجهوا معاملة سيئة من حكوماتها.
الأعداد الكبيرة للمهاجرين من دول مختلفة في آسيا وأفريقيا، التي تدفقت بشكل واسع إلى دول أوروبا وأمريكا، لا سيما في عامي 2014 و2015، رافقها خوف هذه الدول من انتقال "إرهابيين" إليها عن طريق هؤلاء المهاجرين.
تلا ذلك تلقّي هذه الدول تهديدات صريحة أعلن عنها تنظيم الدولة، ثم تنفيذ تفجيرات واعتداءات في بعض منها، كشف التنظيم وقوفه خلفها، تسبّبت في اتخاذ هذه الدول تضييقات ضد المهاجرين.
في الولايات المتحدة الأمريكية أوقف قاضٍ اتحادي، الخميس 6 يوليو/تموز، ترحيل كل المواطنين العراقيين الذين اعتقلوا خلال حملات على المهاجرين في الفترة الأخيرة في مختلف أنحاء الولايات المتحدة، حتى 24 يوليو/تموز على الأقل.
وكان من المقرر أن تنتهي المهلة المتاحة للعراقيين يوم الاثنين 10 يوليو/تموز المقبل.
وقال القاضي مارك جولدسميث، في ديترويت، إن هناك أسباباً مقنعة لمد أجل إقامتهم مثلما طلب الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية.
ويقول الاتحاد إن من اعتقلوا في حملات للسلطات المعنية بالهجرة، في يونيو/حزيران الماضي، ومعظمهم في ميشيجان وتنيسي، سيواجهون الاضطهاد والتعذيب أو الموت إذا جرى ترحيلهم للعراق.
وكثير من 199 عراقياً ألقي القبض عليهم، معظمهم في منطقة ديترويت وناشفيل، من الكلدان الكاثوليك والكورد العراقيين، ويقول المنتمون للمجموعتين إن من الممكن استهدافهم بهجمات في العراق كونهم من الأقليات.
منظمة هيومن رايتس ووتش قالت في تقرير سابق لها، إن الاتحاد الأوروبي ككل فشل في إظهار القيادة والتضامن في مواجهة أكبر أزمة نزوح في العالم منذ الحرب العالمية الثانية؛ موضحة أنه تركز كثير من النقاش حول سياسات الاستجابة على المخاوف بشأن تأثير ذلك على الأمن والهوية الثقافية، وتزايد التأييد للأحزاب الشعبوية كمنصات كراهية للأجانب.
وتؤكد المنظمة أن 85% من الذين وصلوا عن طريق البحر قدموا من أكبر 10 دول مصدّرة للاجئين في العالم، ومنها بينها العراق.
لكن الخلاص الذي كان العراقيون يرجون نيله في وصولهم لبلدان أوروبا وأمريكا، لبناء مستقبل أفضل بعيداً عن الإرهاب والجماعات المسلحة والتطرف، لم ينالوه بالسهولة التي تصوروها، إذ فُرضت عليهم قوانين صارمة، ووضعوا في أماكن بعضها لا يقاوم الطقس في الشتاء.
وكان عليهم البقاء على حالهم تلك لفترة طويلة؛ حتى تتخذ حكومات تلك البلدان قرار قبولهم كمهاجرين.
وذكرت تقارير إعلامية ألمانية، في وقت سابق من العام الماضي، أن عشرات العراقيين، الذين دخلوا ألمانيا طلباً للجوء يشعرون بخيبة الأمل، بعد أن وصلوا عن طريق التهريب، موضحة أن الحياة في أوروبا ليست خالية من المنغصات، وليست الجنة الموعودة لطالبي اللجوء.
وأيضاً كشفت أجهزة الهجرة في فنلندا عن رغبة عدد كبير من طالبي اللجوء العراقيين في العودة إلى بلادهم؛ بسبب عوامل عدة، أبرزها المناخ.
بحسب منظمة الهجرة الدولية فإن معظم العراقيين الذين لجؤوا إلى أوروبا كانوا قد وصلوا إلى نتيجة مفادها أن لا مستقبل لهم في العراق، والعديد منهم كانوا قد غادروا بالفعل بلداتهم التي سقطت تحت سيطرة تنظيم الدولة، أو كانوا يعيشون في مناطق تشتعل فيها المعارك بين المسلحين والقوات الحكومية.
ويبدو أن الترحيب الذي أبدته المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، باللاجئين كان عامل جذب للكثير من هؤلاء، الذين اتخذوا قرارات متسرّعة، فلجأ الكثير منهم إلى الهرب هم وعائلاتهم والتضحية بما يملكون في سبيل الوصول إلى ألمانيا ودول أوروبا.
ووفقاً لإذاعة صوت ألمانيا "دويتشه فيله" فإن ناجح المرزوقي، البالغ من العمر 55 عاماً، قال وهو يهم بمغادرة ألمانيا عائداً إلى العراق: "اعتقدت أن حياتي ستكون أفضل في ألمانيا، ولكنني فوجئت بالعكس. أنا محبط لأنني لم أجد راحتي النفسية في هذا البلد".
المرزوقي الذي قدم إلى ألمانيا عبر ما يسمّى بـ "طريق البلقان"، وهي رحلة شاقة كلفته 24 ألف دولار، كما يقول، لا يريد الانتظار أكثر، وكل ما يريده هو العودة إلى العراق.
ويتابع المرزوقي: "اضطررت لتغيير مخيمات اللجوء أكثر من مرة، كما أني تقاسمت غرفة صغيرة مع لاجئين آخرين غرباء. الخدمات الاجتماعية سيئة جداً، كالأكل والشرب والملبس، علاوة على ذلك لم نحصل على مساعدات مالية من الحكومة. لقد صرفت الكثير من الأموال هنا وهذا يكفي".