صناعة السيوف.. كربلائي يحيي مهنة تاريخية مهددة بالاندثار (صور)

صناعة السيوف.. كربلائي يحيي مهنة تاريخية مهددة بالاندثار (صور)
2025-03-23 20:31

شفق نيوز/ تتعدد المهن والأعمال التي يعيش من خلالها الكثير من العراقيين الذين يفضلون أعمالاً خاصة على الوظائف الحكومية، ومنهم صانع السيوف، ليث الشريفي، الذي فضل أن يختص بمهارة غير منتشرة ولا نشاهدها في الأسواق أو المحال التجارية أو حتى الأسواق التراثية إلا نادراً كونها بدأت تندثر وتختفي.

الهواية تولد الإبداع

الشريفي ذو الـ27 سنة من قضاء الهندية بمحافظة كربلاء، المحافظة التي شهدت أكبر ملحمة للسيوف ما زال صداها يتردد في كل عام بعموم محافظات العراق، (معركة كربلاء أو واقعة الطف 10 محرم سنة 61 للهجرة والذي يوافق 12 تشرين الأول/ أكتوبر 680 ميلادية)، والتي أعطت انطباعاً لصانع سيوف فضّل أن يصنعها بعد أن كان يهوي جمعها فقط.

ويقول الشريفي لوكالة شفق نيوز، إن هوايته بدأت بعمر 23 سنة "عبر جمع السيوف القديمة والتي تحمل بصمة التراث والأصالة التي كان يتميز بها العرب، وأيضاً الجديدة التي تحمل الطابع الحديث المستورد من دول العالم، لاسيما من الصين التي اشتهرت هي الأخرى بالسيوف".

بداية المهارة

وكانت بداية الشريفي بصناعة السيوف من الصفر، لكنه استمر بتطوير نفسه واكتساب المهارات والخبرات، كما بدأ يجالس الحرفيين الذين امتازوا بهذه المهارات أمثال الحرفي، عمار الوائلي، ومصطفى البازي، ليجد نفسه بعد ذلك صانع سيوف ماهر ومتمكن من أدواته ليفتح لنفسه باباً من الفن والإبداع يكسب من خلاله الشهرة والمال.

ويوضح، أن "أول مرحلة لصناعة السيوف هي اختيار الحديد، وهذه من أهم المراحل التي تحدد مصير السيف وقيمته وأهميته، وتتنوع مصادر الحديد مثل الجوهر الدمشقي والذي يكون عبارة عن خليط من المعادن بأشكال ونقوش عديدة"، والحديد الصلب الذي ابتكره الشريفي من قطع غيار السيارات مثل النابض "السبرنك" وقطع الحماية والمصدات وغيرها ممن تكون صلابتها عالية.

التفنن في صناعة السيف

ويضيف، أن "السيوف المصنوعة حسب الطلب تكون تفاصيلها مفروضة على الصانع رغم إضافته للملاحظات التي اكتسبها من خبرته، وتبدأ أولى المراحل عبر الطرق بالمطرقة والسندان بعد تسليط درجة حرارة عالية على الحديد ليتم صناعة الشكل حسب الطلب، وبعدها تبدأ مرحلة تنظيف وتعديل وتلميع النصل، لتبدأ بذلك مراحل حفر الفرند الذي يكون في وسط السيف، وصولاً إلى مرحلة صناعة الغمد وعادة ما يكون من أجود أنواع الخشب وأشدها قوة وصلابة وتحملاً للظروف المختلفة".

ويؤكد الشريفي، أن "مراحل الإبداع عند صانع السيوف تبدأ في إضافة النقوش والأحجار الكريمة على الغمد بعد تغليفه بأجود أنواع الجلود الطبيعية، والتي عادة ما تكون بطلب من الزبون، وتكون متنوعة حسب قيمة الحجر ووزنه والذي يعطي للسيف أهمية كبيرة".

ويتابع "وهي تختلف من سيف لآخر، وهذه الأهمية تتناسب أيضاً مع عملية صناعة المقبض والذي يتنوع حسب مصادر صنعه، ويكون أحياناً من قرن الجاموس أو الخشب أو العاج أو السندلوس، أو يرصّع بالذهب والألماس وبعض المجوهرات، والتي عادة ما تستخدم هذه المواد لسيوف الزينة".

مهارات مطلوبة

ويبين الشريفي، أن "كل السيوف التي تصنع يدوياً تأخذ وقتاً طويلاً من الصانع، وأحياناً تصل إلى 15 يوماً، وبعضها يأخذ وقتاً أكثر حسب التفاصيل والإضافات والتعديلات ونوع الحديد وحجم السيف، ويختلف الصناع في مهاراتهم بصناعة الغمد، والذي تظهر عليه ملامح الصانع عبر النقوش الخاصة به والأحجار التي تضيف لمسات خاصة تخلد السيف وتعطيه قيمة كبرى تجعل صاحبه يعتز به ويحفظه لسنوات طويلة، وعادة ما تكون هذه السيوف مختومة بختم خاص بصانعها يدل على اسمه الحرفي".

ويردف "أهم مهارة لصانع السيوف والتي يجب أن يكتسبها ليحمل اسم (السياف) ويتميز بهذه المهنة عن باقي المهن والحرف، هي أن يتقن النقش اليدوي على الحديد، لأنها تضيف لمسة ممتدة عبر التاريخ وتروي حكاية السيف الذي يتقلده صاحبه ليمثل به شخصيته وقوته، ونقش السيف يدوياً يعطي روح له، ومؤخراً دخلت الكثير من الآلات التي سهلت عملية النقش وأمثالها الليزر والذي غالباً ما يستخدم في التصنيع التجاري، أما نحن فنتجنبه بسبب عدد السيوف القليلة التي ننتجها ونوعها الذي تكمن أهميته بيد الصانع".

رسالة صانع السيوف

ويلفت الشريفي في ختام حديثه، إلى أن "أغلب مقتني السيوف هم هواة الأنتيكات والتراثيات ومنهم شيوخ العشائر والمسؤولين وبعض الشخصيات العسكرية، كون السيف يرمز للقوة والسلطة ويعطي لصاحبه رونقاً خاصاً يلفت الأنظار، وفي كل بلدان العالم هنالك اهتمام بالتراث والتقاليد والمهن والحرف القديمة، ويقدم لهم الدعم اللازم من قبل دولهم ليحافظوا على هذا الإرث، لكن في العراق نواجه مصاعب وإهمال من قبل الحكومة والجهات المعنية، لذلك نطالب الاهتمام بتراث العراق وبهذه المهن الأصيلة عبر إنشاء متاحف ومراكز ومعارض فنية".

00:00
00:00
Shafaq Live
Radio radio icon