تفاؤل حذر بـ"نقطة تحوّل" في العراق
شفق نيوز/ بينما يشدد
خبراء في الاقتصاد على أهمية إجراء التعداد السكاني المزمع تنفيذه يومي الأربعاء
والخميس المقبلين في عموم العراق، أشار آخرون إلى أن جدواه تتوقف على مدى استعداد
الفعاليات السياسية التي تحكم البلاد لتغيير الوضع القائم بالاستفادة من مخرجاته
وتوظيفها ليكون التعداد نقطة تحول نحو تنمية مستدامة وتحقيق العدالة الاجتماعية.
وحول هذا الإجراء، أكد الخبير
الاقتصادي، أحمد عبد ربه، أن "التعداد العام للسكان سيوفر أرقاماً حقيقية عن
الوضع الاقتصادي في العراق وعن معدلات البطالة والفقر ومشكلة السكن والحاجة إليها،
وكل الأرقام التي تحدثت عنها وزارة التخطيط في السابق كانت عبارة عن تخمينات، لكن
التعداد سيوفر أرقاماً دقيقة وحقيقية".
وأضاف عبد ربه، خلال
حديثه لوكالة شفق نيوز، أن "الأرقام التي سيوفرها التعداد قد تساعد صانعي
القرار ومعدي السياسات الاستراتيجية وراسمي موازنات العراق، في إعداد موازنات
واستراتيجات وخطط قريبة من الواقع، تعتمد على أرقام حقيقية وليست تخمينات، لذلك
التعداد السكاني مهم وقد يعيد وجه الاقتصاد من جديد وكذلك يعيد الخارطة
الاستثمارية والخدمية بشكل كبير".
ويمثل التعداد السكاني
"خطوة محورية قد تؤثر بشكل كبير على الوضع الاقتصادي والاجتماعي للبلاد في
المستقبل"، بحسب أستاذ الاقتصاد الدولي، نوار سعد.
وأوضح سعد، للوكالة، أن
"هذا التعداد ليس مجرد حصر لعدد السكان، بل هو أداة استراتيجية لتحديد تفاصيل
التركيبة السكانية، مثل أعمار السكان، أماكن إقامتهم، ومستوى تعليمهم. هذه
البيانات ستكون أساساً لبناء خطط تنموية مستدامة ومبنية على احتياجات فعلية، ما
يمكن أن يدعم الاقتصاد الوطني بشكل كبير".
وبين أن "من بين
التأثيرات الإيجابية المتوقعة، أن التعداد سيوفر للحكومة والشركات الخاصة معلومات
دقيقة لاتخاذ قرارات استثمارية واقتصادية أكثر ذكاءً. مثلًا، يمكن استخدام هذه
البيانات لتوزيع الموارد بشكل أكثر عدالة بين المحافظات أو تحسين التخطيط العمراني
والخدمات العامة، ضافة إلى ذلك، يمكن أن يساعد في تعزيز دور القطاع الخاص وتقليص
الاعتماد على القطاع العام، وهو توجه تدعمه الحكومة ضمن خطتها التنموية 2024-2028".
وتابع: "مع ذلك،
يمكن أن تكون هناك تداعيات سلبية إذا لم تستغل البيانات بالشكل الصحيح. التعداد قد
يكشف عن مشكلات خطيرة، مثل ارتفاع معدلات البطالة أو نقص البنية التحتية في مناطق
معينة، ما قد يؤدي إلى زيادة التوترات الاجتماعية إذا لم تعالج هذه القضايا بسرعة
وفعالية. إضافة إلى ذلك، غياب التخطيط الدقيق لما بعد التعداد قد يُبقي العراق في
دائرة الاعتماد على التقديرات غير الدقيقة، مما يُضعف فرص التنمية".
وخلص سعد إلى القول، إن
"نجاح التعداد يعتمد على قدرة العراق على استخدام نتائجه بفعالية لتطوير
سياسات اقتصادية واجتماعية شاملة. إذا تم ذلك، فقد يكون التعداد نقطة تحول نحو
تنمية مستدامة وتحقيق العدالة الاجتماعية. أما إذا أُهملت نتائجه، فقد تتحول هذه
الخطوة إلى فرصة ضائعة أخرى".
من جهته، ذكر الخبير
الاقتصادي، ضياء المحسن، أن "الوضع في العراق لا يتعلق بمخرجات التعداد
السكاني فقط، بل يتعلق قبل كل شيء بمدى استعداد الفعاليات السياسية التي تحكم
البلاد لتغيير الوضع القائم في العراق، والمتمثل في التخبط الواضح على جميع
المستويات والتي يقف على رأسها المستوى الاقتصادي الذي يشهد مراوحة في مكانه إذا
كنا متفائلين".
ولفت المحسن، خلال حديثه
لوكالة شفق نيوز، إلى أن "التعداد السكاني مقدمة أو مجموعة من المؤشرات التي
على ضوءها تعمل الحكومة على وضع خطط مستقبلية تتعلق بالسياسات الاقتصادية
والاجتماعية المحتملة للبلد، لأن المعلوم أن جميع البيانات التي سوف يجمعها
العاملون في يوم التعداد سوف تدخل في عملية فلترة لتوضيح قوة العمل ومجالات عملها
الفعلية ومدى إمكانية استفادة الاقتصاد الوطني من هذه القوى العاملة".
وزاد بالقول: "كما
أن التعداد السكاني سوف يمنح القائمون على وضع السياسة الاقتصادية صورة عن مستويات
تعليم الأفراد وتوزيعهم جغرافياً، بحيث يمكن رسم سياسة اقتصادية من خلالها ينهض
الاقتصاد الوطني بشكل كبير".
وأكد المحسن في نهاية
حديثه، "أخيراً كما قلت في البداية كل الذي نتمناه يتوقف على جدية النظام في
الاستفادة من مخرجات التعداد السكاني وتوظيف هذه المخرجات في إحداث تغيير في
العراق".
وأعلنت اللجنة الأمنية
العليا الخاصة بالتعداد السكاني، اليوم الاثنين، حالة الإنذار (ج) للقطعات الأمنية
والعسكرية العراقية خلال حظر تجوال التعداد السكاني.
وقالت اللجنة في بيان
تلاه المتحدث باسم وزارة الداخلية العميد مقداد ميري، وتابعته وكالة شفق نيوز، إن
"سريان توقيت فرض حظر التجوال سيبدأ منتصف ليلة 19 على 20 من شهر تشرين
الثاني عند الساعة 2,400 أي الساعة 12 ليلاً ويستمر لغاية الساعة 2,400 من ليلة 21
على 22 تشرين الثاني ومن ضمنها محافظات إقليم كوردستان".
وتابع، "ستقيد حركة
المواطنين والعجلات والقطارات عند دخول حظر التجوال حيز التنفيذ بين المحافظات
والأقضية والنواحي وما بين الحضر والريف وما بين الناحية والقضاء وبالعكس إلا
للحالات الإنسانية والضرورة القصوى وما تفرضه الظروف الأمنية والطبيعية والمناخية".
كما يشمل الاستثناء،
"مديريات الإحصاء في بغداد والمحافظات كافة والعدادين ومديري النواحي ومديري
القرى ومعاونيهم والمشرفون والمراقبون والصحفيون والإعلاميين المخولون من الذين
يحملون باجات التخويل الصادرة عن هيئة الإعلام والاتصالات"، إضافة إلى أن
"الخفارات من الملاكات الصحية والطبية يكون دوامهم في مستشفياتهم خلال يومي
الحظر".
وكان العراق قد أجرى آخر
تعداد سكاني عام 1987، الذي اشتركت فيه جميع المحافظات، تبعه إحصاء عام 1997 الذي
أجري دون مشاركة محافظات إقليم كوردستان.
وظلت البلاد طيلة
السنوات الماضية مُعتمدة على الأرقام الإحصائية التقريبية الصادرة عن مؤسسات
ومراكز أبحاث غير رسمية تُعنى بهذا الشأن، قبل أن تصدر تقديرات وزارة التخطيط في
عام 2022 بأن عدد سكان العراق بلغ أكثر من 42 مليون نسمة.
وتأجل التعداد بسبب مخاوف من تسييسه، وعارضته جماعات عرقية في المناطق المتنازع عليها مثل مدينة كركوك التي يسكنها الكورد والعرب والتركمان وتضم حقولاً نفطية كبرى، لأنه قد يكشف عن تركيبة سكانية من شأنها أن تقضي على طموحاتها السياسية.