حرب "الحسابات الوهمية" في العراق.. مبتزون يتلقون معلومات من "جهاز الدولة"
في 11 مايو / ايار الحالي، أعلنت المخابرات الوطنية العراقية اعتقال شخص في لبنان انتحل شخصية الناشطة الاجتماعية "هايدة العامري" وابتز رجال أعمال وشخصيات بارزة.
"هايدة العامري" هي واحدة من مئات حسابات وسائل التواصل الاجتماعي المزيفة التي تنتحل شخصيات سياسية في العراق، يتم تمويلها لتشوية صورة خصوم سياسيين لإسقاطهم في الانتخابات، وفقاً لصحيفة المونيتور.
وفي 28 أبريل / نيسان الماضي، تلقى النشطاء والمتظاهرون رسائل تهديد عبر مئات "الحسابات المزيفة"، كما نفى وزير المالية علي علاوي امتلاك حساب على تويتر في 16 مايو/ ايار الحالي بعد اكتشاف حساب مزيف ينشر باسمه.
وفي 7 مايو/ ايار ايضا، أعلنت وزارة الداخلية أنها أغلقت 15 حسابا مزيفا للخطوط الجوية العراقية كانت تنشر جداول زمنية خاطئة للرحلات الجوية.
وكانت شركة فيسبوك أعلنت في سبتمبر/ ايلول الماضي أنها تقوم بحذف نحو 500 صفحة وحسابات مزيفة تم إنشاؤها في العراق وأوكرانيا.
من جانبه، قال عضو البرلمان فلاح الخفاجي: "كان هناك انتشار كبير لصفحات وحسابات وسائل التواصل الاجتماعي التي تسرب وثائق من إدارات الدولة لخداع السياسيين والمسؤولين، كما أن ابتزاز المواطنين والمسؤولين آخذ في الازدياد".
الواقع الفوضوي
وأضاف الخفاجي أن هذه الظاهرة دفعت لتأسيس لجنة برلمانية متخصصة للتنسيق مع وزارة الاتصالات لمحاربة هذه الظاهرة، معترفاً بصعوبة محاربة الابتزاز الإلكتروني.
أما الباحث ورئيس تحرير جريدة الصباح شبه الرسمية، عباس عبود فقد ذكر أن الحسابات المزيفة تُستغل لأغراض سياسية، ودعا الحكومة العراقية إلى تعزيز حرية التعبير، التي تضمن حق الفرد في التعبير عن نفسه باستخدام اسمه أو نشر أفكار نقدية، طالما أنها تتماشى مع أخلاقيات العمل الصحفي ولا تسبب أخلاقية أو الأذى النفسي للآخرين ".
وأوضح عبود: "من السهل جداً إنشاء صفحات وحسابات مزيفة في العراق وحتى الحصول على وثائق رسمية بأسماء محتالين بسبب تفشي الفساد والرشوة"، ودعا الشخصيات الحكومية والسياسية للتحقق من حسابات فيسبوك وتويتر.
بينما أفاد أستاذ الإعلام في جامعة بغداد الدكتور محمد الفلاحي أن الواقع الفوضوي للنشر عبر الإنترنت يسمح للناس بالنشر عبر حسابات مزيفة والاستفادة من البيئة الرقمية لتنفيذ مخططاتهم، في غياب قوانين ردع.
ووفقاً لصحيفة المونيتور، فقد أثرت هذه المشكلة على عمل العديد من المؤسسات والوزارات، ففي 9 مايو /ايار، كان على وزارة الدفاع العراقية أن توضح أن شخصا انتحل صفة وزير الدفاع جمعة عناد على وسائل التواصل الاجتماعي، كما حذر البنك المركزي العراقي المواطنين في 5 مايو/ ايار من وجود حسابات وهمية لوسائل التواصل الاجتماعي باسمه وشعاره تنشر معلومات وأخبارا كاذبة عن قروض لموظفي الوزارة.
الجهود الرسمية
أما عن الجهود الرسمية لملاحقة أصحاب الصفحات المسيئة، التي تم استخدامها لابتزاز رجال الأعمال والسياسيين، أكد عضو مجلس أمناء اللجنة الوطنية للاتصالات والإعلام في العراق سالم مشكور، أن العراق بحاجة إلى تطوير إدارات مراقبة لهذه المواقع، تتمتع مهارات عالية التقنية، بالإضافة إلى الحاجة إلى قنوات اتصال مباشرة مع إدارات هذه المواقع لتنظيم إغلاق الصفحات المسيئة.
وقال: "يتلقى المبتزون معلومات من المتعاونين في العراق الذين غالبا ما يكونون في جهاز الدولة "، مضيفاً أنه بسبب عدم تمرير مشروع قانون الجرائم الإلكترونية حتى الآن، يتعين على السلطات القضائية الاعتماد على قانون العقوبات الحالي في ملاحقة المبتزين.
واعترف كبير أعضاء حركة الحكمة الوطنية بليغ أبو كلل بتأثير الاحتيال الإلكتروني على المشهد السياسي في العراق، لكنه حذر من تعريض حرية التعبير للخطر لأنه محمي بموجب الدستور العراقي.
وصرح كلل: "مع ذلك، يجب ألا يسيء الناس استخدام هذه الحرية في الابتزاز السياسي"، مشيراً إلى أن "الحفاظ على إخفاء الهوية هو حق شخصي، بلا شك، لكن الابتزاز السياسي أو الأخلاقي في ظل هذه السرية ليس على الإطلاق جزءًا من حرية التعبير".
بدوره، أفاد القاضي السابق علي التميمي أن الحسابات والصفحات المزيفة على وسائل التواصل الاجتماعي تعتبر جرائم في قانون العقوبات العراقي، حسب المواد من 333 إلى 336، مشيراً إلى أن منصات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر تخضع للقانون.