المصارف العراقية.. عقلية كلاسيكية تصد مواكبة التطور العالمي بتفضيل "الحكومي" على "الأهلي"
شفق نيوز/ يتجه العراق إلى هيكلة المصارف الحكومية، بعد أن أصبح هذا الجهاز غير قادر على تقديم خدمات مصرفية حديثة كما أنه اصبح مثقلاً بارث عميق من الأعباء المتراكمة والتعثرات الائتمانية وغيرها من المشاكل.
وجاءت مطالبات الهيكلة بعد سنوات من الضغوط ومطالبات صندوق النقد الدولي بإعادة هيكلة المصارف الحكومية العراقية التي تستحوذ على أغلب ودائع البلاد لتطوير نظامها المصرفي ولتكون قادرة على دخول سوق المصارف العالمية وجعلها أكثر انسجاماً مع الاقتصاد.
استحواذ المصارف الحكومية
ويقول مستشار رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية مظهر محمد صالح في حديث لوكالة شفق نيوز ان " هيكلة المصارف جاءت وفق المنهاج الحكومي الذي رسم معالم الإصلاح المصرفي الشامل حيث ان المصارف الحكومية بكونها تهيمن على نسبة 88% من استثمارات الجهاز المصرفي ولم يبق للجهاز المصرفي الأهلي سوى 12% من تلك الاستثمارات، لذلك فان الأسس التنافسية للسوق المصرفية تعد غير مكتملة الجوانب ما لم توضع المصارف الحكومية على قواعد عمل السوق من حيث الكفاءة والحوكمة الادارية وتطور مستويات الامتثال على غرار الصيرفة العالمية"، مشيرا الى ان "الاصلاح سيشمل المصارف الاهلية بالمعايير ذاتها".
واضاف ان "اساسيات الإصلاح في المصارف الاهلية ينظر إليها من زاوية ما يسمى بالعمق المالي والتي هي واحدة من أهم مؤشراتها ذلك العمق هي (نسبة الائتمان النقدي الممنوح إلى إجمالي الودائع لدى المصارف الاهلية )، ولكن بالمقابل نجد أن الحصة السوقية لا أكثر من 63 مصرفاً اهلياً مازالت لا تتعدى من تلك العمليات الائتمانية والإبداعية سوى 15% إزاء استحواذ الجهاز المصرفي الحكومي على 85% من النشاط الائتماني والايداعات وعمليات الاستثمار المصرفي والتي تؤشر الهيمنة بموجوداته أو أصوله على إجمالي أصول الجهاز المصرفي".
وأشار إلى أنه "آن الأوان لإصلاح القطاع المصرفي بشقيه الحكومي والأهلي وعلى نحو يحقق تجانسا ووحدة وتنافسية عالية في السوق المصرفية فضلاً عن حوكمتها وتكاملها رقمياً مع السوق المصرفية في العالم وهذا ما تعمل عليه سياسة الاصلاح المصرفي التي تتبناه الحكومة حاليا و بالتنسيق مع اصحاب المصلحة من المشمولين بخطوات الإصلاح وبرنامجه الحالي في القطاع المصرفي الحكومي والأهلي".
وبدأت عملية دراسة هيكلة المصارف العراقية بعد اجتماع رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني بوفد شركة "إرنست آند يونغ" العالمية، حيث وجه بتاريخ 27/1/2023، بتنفيذ خطة لتطوير أداء مصرف الرافدين تمتد لثمانية أشهر، وذلك عبر الشركة العالمية.
صعوبة عملية الهيكلة
ويقول المدير السابق في البنك المركزي العراقي محمود داغر في حديث لوكالة شفق نيوز، ان "المصارف الحكومية وعملية أعاد هيكلتها وتطويرها وجعلها تتسق مع العمل المصرفي الحديث أمر صعب جدا لأسباب عدة منها أن هذه المصارف اصبحث خزانة لتوزيع الرواتب لموظفي الدولة أكثر مما هي مصارف للقيام بعملية المصرفية".
وتابع ان الاسباب الاخرى ان المستوى التقني في هذه المصارف يكاد يكون غير موجود لا بل ان هذه المصارف وخاصة مصرفي الرافدين والرشيد لولا الشركات الدفع الإلكتروني التي تسندها لما استطاعت انجاز اي عمل بالتالي لا تعمل لولا هذه الشركات، إضافة إلى عدد فروعها الهائلة وعدد الموظفين الكبير الموجود فيها يجعل من الصعوبة تغير واقع هذه المصارف".
وأشار إلى "وجود عقوبات دولية ووجود قرارات لمحاكم في الخارج، تثبت دائنية بعض المصارف الحكومية وهي غير محلولة وهذا سبب فرض العزلة الدولية عليها وهي بالتالي لاتستطيع ان تتعامل دوليا"، مؤكدا ان " انه من العبث ان تنفق اموالا طائلة لا تؤدي الى نتائج حاسمة حيث أن كل التكاليف التي تنفق على هذه المصارف سوف لا تؤدي إلى إعادة هيكلة لكي تنسق أعمال المصارف الحكومية خاصة الرافدين والرشيد وبعض المصارف العامة التخصصية بالشكل الذي يوازي أعمال التحديث والتطور التكنولوجي التي جرت في المصارف مثل المصرف العراقي للتجارة".
وكان مصرفا الرافدين والرشيد الحكوميان، تعرضا إلى عقوبات دولية خلال فترة التسعينيات من القرن المنصرم عقب غزو نظام صدام حسين للكويت، ولا تزال حتى الآن مفروضة عليه في التعامل الدولي معهما، خصوصاً في ما يتعلق بقضية الحوالات المالية.
نظام مصرفي قديم
ويقول الخبير الاقتصادي باسم جميل انطوان في حديث لوكالة شفق نيوز ان "المصارف الحكومية أصبحت لفترة طويلة تسير ضمن نظام مصرفي قديم بدون تحديث ولا بد لهذه المصارف أن تواكب المصارف العالمية"، مستدركا في الوقت نفسه أن "هذه المصارف هي صمام الأمان".
وأضاف أن "هذه المصارف تبقى بحاجة للتطور والقضاء على الروتين الإداري ودخول الموظفين في دورات تدريبية لمواكبة التطورات التي حدثت في المصارف العالمية"، مبينا أن "المصارف هي ليست مخازن للنقد، وإنما هي يجب أن تقدم خدمات مصرفية ائتمانية متطورة".
وأكد أن "فكرة هيكلة المصارف مطروحة منذ عشرين عاما وتم تقديم الأفكار والدراسات بذلك ولكن لم يتم تبنيها"، مؤكدا أن "المصرف بحاجة الى استقرار أمني وإداري وإلى استقلالية في العمل".
وتمتلك وزارة المالية ستة مصارف حكومية وهي: مصرف الرافدين، والرشيد، ومصرف النهرين الإسلامي، والمصرف الزراعي، والمصرف الصناعي، والمصرف العراقي للتجارة.
ومصرف الرافدين هو مصرف عراقي حكومي، تأسس في بغداد عام 1941، كأول مصرف عراقي تجاري، ويوجد له 146 فرعا داخل العراق، وبعض الفروع الأخرى تنتشر خارجه في كل من الأردن ومصر والإمارات العربية المتحدة ولبنان والبحرين واليمن
ومصرف الرشيد هو مصرف عراقي حكومي، تأسس في بغداد عام 1988، كبنك عراقي تجاري، ينتشر له 162 فرعا داخل العراق.