ملتقى الكتاب يعوض الموصل عن خسارة "شارع النجفي"
شفق نيوز/ "نحيا بالقراءة مرتين" بهذه الكلمات أعلن حارث ياسين مدير مشاريع "ملتقى الكتاب" في مدينة الموصل، عن افتتاح أول معرض للكتاب داخل المقهى الثقافي الذي اسسه مهندسان من أبناء الموصل وهما (حارث ياسين وفهد صباح) واللذان يتقاسمان مهام العمل في هذا الملتقى الذي يعد الأول من نوعه في الموصل حيث يجتمع المقهى والمكتبة في مكان واحد.
واصبح هذا المكان واجهة ثقافية لكل من يزور الموصل، ففي الوقت التي كانت غالبية المخاوف تتحدث عن ما بعد تحريرها، عكس شباب المدينة صورة مختلفة كلياً عن تصور العالم بان هذه المدينة حاضنة للإرهاب والعنف والتطرف ليتبين فيما بعد ان أهلها محبون للحياة والسلام والموسيقى، تشهد لهم بذلك عشرات المهرجانات الثقافية التي أقيمت فيها خلال العامين الماضيين.
مئات العناوين في مقهى صغير
يقول فهد صباح احد مؤسسين الملتقى ان "معرض الكتاب هذا هو الأول من نوعه في المدينة ويحتوي على اكثر من 1000 عنوان وفي جميع المجالات من الادب والسياسية والاقتصاد والاجتماع وغيرها من العناوين في مختلف المجالات".
وسيستمر المعرض لمدة عشرة أيام تتخلله فعاليات عدة من توقيع كتب الى جلسات نقاشية في مواضيع منوعة اما فيما يخص دور النشر فقد شاركت فيه عدة دور نشر مهمة على مستوى العراق وكانت مشاركتهم فاعلة فيه.
يتحدث فهد لوكالة شفق نيوز عن الغاية من المعرض قائلاً: "لم يكن المردود المادي هو هدفنا الأساس رغم انه حق مشروع، ولو كان كذلك لأغلقنا ملتقى الكتاب في العام الأول من افتتاحه بسبب الظروف الاقتصادية التي تمر بها المدينة ففي غالب الأحيان ندفع إيجار المكان من حسابنا الخاص، لكن لا يمكننا ان نفكر بعد اليوم في التراجع او اغلاق المكان لان ملتقى الكتاب أصبح يعني الموصليين ان كانوا من المثقفين او القراء والصحفيين والكتاب".
ويردف فهد "لم يعد يقتصر المكان على حارث وفهد، لذلك سنستمر ولدينا أحلام نريد تحقيقها وقد بدأناها من هذا المكان".
قِبلة القراء
يبين حارث أن "فكرة تأسيس الملتقى مع شريكي فهد، نضجت بعد انتهاء عمليات تحرير الموصل خصوصا بعد خسارة شارع النجفي في المدينة القديمة في الجانب الأيمن من مدينة الموصل الذي كان مركزا للكتب في المدينة قبل احتلالها من قبل داعش".
ويضيف أنه "بعد جهود حثيثة وفعاليات دائمة أصبح الملتقى اليوم قبلة للوفود العربية والأجنبية التي تعنى بالثقافة بالإضافة الى مرتاديه من الموصل و العراق بشكل عام، حيث زار المكان العديد من الشخصيات العربية والغربية التي تعنى بالثقافة ومن بينهم القنصل الفرنسي في العراق".
ويلفت إلى أن "الملتقى اصبح اليوم قبلة القراء في المدينة من كل طبقات المجتمع واصنافه وغالبا ما يلجأ اليه طلبة وطالبات الجامعة في أيام الدوام الرسمي للقراءة والدراسة فيه".
طموحات ملتقى الكتاب
يسعى فهد وحارث الى ان يكون هذا المكان مؤسسة ثقافية رسمية في المستقبل، تهتم بكل ما يخص القراءة والكتاب والموسيقى والسينما وكل ما يتعلق بإنشاء محتوى ثقافي للمدينة، وان يتخطى الملتقى من المحلية إلى العالمية.
ويرى حارث شريك فهد، ان "الأجيال المقبلة بأمسّ الحاجة الى ثقافة القراءة والمطالعة بالإضافة للفنون الثقافية والابداعية الأخرى"، مشيرا إلى أن "الملتقى ساهم في اعداد عشرات الزيارات المدرسية لطلبة المدارس الابتدائية والثانوية الى ملتقى الكتاب على شكل وجبات من اجل ترويج حب المطالعة بين الطلبة".
الملتقى النسوي للآداب
يقول حارث أن "مشهد الفتيات يطالعن ويتجولن لوحدهن في الموصل، لم يكن أمراً معتاداً، خصوصا في ظل التحفظ الاجتماعي الذي تعيشه المدينة لكن هذا المكان وما ناله من سمعة حسنة غيّر ولو بشيء بسيط نوعاً من العادات التي يتمسك بها أبناء المدينة في تقييد المرأة وعدم وجود فضاء يهيئ لها الفرصة للأبداع".
وينوه إلى أن "هذا المشروع اعطى مساحة آمنة للأنثى كي تبدأ خطواتها في عالم السعي نحو ان تصبح كاتبة فقد أسس (الملتقى النسوي للآداب) تحت دعم منظمات دولية والذي يعتبر اول مشروع من نوعه على مستوى مدينة الموصل اذا لم يكن العراق ككل، فقد قدم لهن ورشات بالإضافة لعروض مسرحية وشعرية عدة اثمرت نتاجها بصدور نتاجهن الادبي الأول في كتاب (بيبونات) ومفردها زهرة البيبون في إشارة الى زهرة البيبون التي تشتهر بها مدينة الموصل وكذلك إشارة الى الانثى التي قالت بانها قادرة على الكتابة من هذا المكان والذي يحتوي مجموعة نصوص لكاتبات موصليات هذا وينتظر إصداره قريباً في اللغة الإنكليزية".
ويضيف حارث أن "الملتقى ساهم في إعطاء فرصة لأعضاء نادي مدارك للقراءة وهو اول نادٍ من نوعه يؤسس في الموصل في مناقشة كتب عدة و طرح الأفكار من خلال مناقشات أسبوعية كان تجرى على منصة ملتقى الكتاب مع الجمهور".
خصوصية الكتب
يقول فهد المؤسس الثاني لملتقى الكتاب، أن "على مدار الشهر يبقى هذا المكان حافلاً اما بالجلسات الشعرية او احتفاليات توقيع الدواوين الشعرية او الروايات او كتب أخرى ويلتقي الاكاديميون في المكان وبالرغم من الكثافة العددية للحاضرين في كل جلسة تحدث الا ان الهدوء دائماً ما يكون حاضراً فللكتب المصفوفة على هذه الجدران خصوصيتها والجميع يحترم ذلك.
سنكمل الطريق
وفي نهاية الحديث الذي أجرته وكالة شفق نيوز مع القائمين على ملتقى الكتاب، يختم حارث ياسين بالقول: "لقد واجهنا الكثير من المصاعب والسنوات التي مرت كانت حافلة بالكثير لكن انا وفهد لدينا إصرار على اكمال الطريق وتحقيق الحلم، فالموصل تستحق منا الكثير".