صور من شارع الفراهيدي.. بديل المتنبي في البصرة
شفق نيوز- البصرة
تحوّل شارع الفراهيدي
في مركز مدينة البصرة جنوبي العراق، إلى ملتقى حي للقرّاء والمثقفين والفنانين،
حيث يجمع الشارع بين بيع الكتب وتنظيم الفعاليات الثقافية والفنية، ليصبح منصة
حيوية تعكس اهتمام المجتمع المحلي بالمعرفة والإبداع.
ويبرز الشارع كواحد من
أهم المراكز الثقافية التي تساهم في إثراء الحياة الأدبية والفنية في المدينة التي
تشهد جهوداً مستمرة لتعزيز الحركة الثقافية والفكرية.
ويستلهم الشارع
الثقافي من إرث العالم البصري الكبير الخليل بن أحمد الفراهيدي وعلمه الغني، حيث
لم يحمل اسمه فقط بل حمل معه اهتمامه بالأدب والثقافة.
ويقول المسؤول عن
الشارع صفاء ضاحي لوكالة شفق نيوز، إن "شارع الفراهيدي ومنذ تأسيسه سنة 2015
في البصرة أصبح معلماً ثقافياً بارزاً، وقد بدأ لفترة طويلة بنشاطات بسيطة وحضور
قليل، حتى لقى عناية الحكومة المحلية في عام 2022، حيث أنشأت 14 كشكاً تم صناعتها
في بغداد بكلفة إجمالية وصلت إلى 6000 دولار أمريكي للكشك الواحد، مخصصة لبيع
الكتب على طول الشارع ليكون ملتقى للقرّاء والمثقفين والفنانين، بالإضافة إلى
الحدائق وبسطات السلع الفنية والأعمال اليدوية والانتيكات".
ويضيف أن "هذا
الشارع لم يقتصر على بيع الكتب فقط، بل أصبح منصّة حيّة للأدب والفنون بمختلف
أشكالها، إذ يضم مسرحاً لطرح الرؤى والأفكار ومنصة للعروض المسرحية، وفرقاً
موسيقية، حاملاً بذلك إسم العالم البصري الكبير الخليل بن أحمد الفراهيدي،
ومستلهماً من فكره وعلمه الأدب والثقافة".
كما يعد شارع
الفراهيدي في البصرة منصة ثقافية بارزة تجمع بين الأدب والفن، حيث أصبح خلال
السنوات الأخيرة متنفساً مهماً للفنانين والمثقفين، يتيح لهم عرض أعمالهم والتفاعل
مع المجتمع المحلي، ما جعله نقطة التقاء حيوية للمهتمين بالإبداع والثقافة في
المدينة.
بدوره، ينبه الفنان
صبري المالكي، خلال حديثه للوكالة، إلى أنه يرتاد شارع الفراهيدي منذ بدايات
تأسيسه، مردفاً: "بدأت الفن منذ السبعينيات وأسست الكثير من الأعمال الفنية،
وكنا سابقاً نذهب إلى شارع المتنبي في بغداد، وهذا كان يكلفنا عناء الطريق
والتكاليف، لكن اليوم صار لدينا متنفس ثقافي في البصرة نفسها".
ولم يعد الفراهيدي
مجرد شارع للكتب، بل تحول إلى مهرجان مفتوح تتلاقى فيه القصائد مع الألحان، وتزينه
اللوحات التشكيلية، في مشهد يجعل الأرصفة كأنها معارض فنية وثقافية نابضة بالحياة،
وهنا يلتقي الطلبة والشباب والعائلات في فسحة حوارية لا تنقطع.
ويرى أحمد الكاتب -
أحد باعة الكتب في الشارع - لوكالة شفق نيوز، إن "الإقبال متنوع جداً، هناك
طلاب جامعات يبحثون عن المراجع، وهناك قراء يفتشون عن الروايات والكتب التاريخية،
وحتى العوائل التي تصطحب أبناءها لتغرس فيهم حب القراءة، هذا الشارع جعل الكتاب قريباً
من الجميع، وبات نقطة جذب للناس من مختلف الأعمار".
كما صار الفراهيدي
علامة من علامات البصرة الثقافية، ومتنفساً ثابتاً يختصر تاريخ المدينة العريق،
فهي التي عُرفت عبر العصور بمدينة الشعراء والمفكرين والعلماء، لتستعيد من خلال
هذا الشارع جزءاً من حضورها الثقافي المميز.
وتعبّر إحدى زائرات
الشارع عن سرورها بما وصل إليه الشارع اليوم، بالقول، إن "الفراهيدي يمثل روح
البصرة وتاريخها، ويمنحنا فرصة لنؤكد أن الثقافة ليست شيئاً هامشياً، بل جزء أساسي
من حياتنا اليومية".