العراق موطن أول قط مستأنس.. تفاصيل مثيرة يكشفها مختصو القطط (صور)
شفق نيوز/ يعشق الكثير من العراقيين تربية القطط في منازلهم، ويرتبطون بها وكأنها أحد أفراد العائلة، وبدأت هذه الهواية تزداد في الآونة الأخيرة، من خلال انتشار محلات بيع القطط ومستلزماتها والمراكز البيطرية للاعتناء بصحتها في المحافظات كافة.
ويرى مختصون أن ارتفاع اقتناء القطط مؤخراً يعود لأسباب عديدة، أبرزها تسلية الأطفال بها، أو شعور الإنسان بالوحدة، أو الرغبة بتحمل المسؤولية، أو للتفريغ العاطفي، في وقت يحذّر خبراء من خطورة إهمال صحة هذه الحيوانات، مؤكدين على ضرورة المواظبة على اللقاحات والجرعات، لتحصينها من الأمراض التي قد تنتقل إلى الإنسان، بالإضافة إلى الاستمرار بتنظيف وتعقيم مسكنها.
وبدأ يزداد الإقبال على شراء القطط في فترة جائحة كورونا عام 2020، حيث كانت العوائل تقضي معظم وقتها في الحظر المنزلي، ومن تلك العوائل كانت عائلة المواطنة علياء (24 عاماً) من محافظة بابل، التي قالت إن اقتنائها للقطط جاء لتجنب الوحدة في المنزل نتيجة قلّة التواصل المباشر مع البشر في حينها.
وتربي علياء ثلاث قطط من السلالة الشيرازية في داخل منزلها، وتشير خلال حديثها لوكالة شفق نيوز، إلى أن القطط تعطي جوّاً مرحاً في البيت لحبها الدائم للعب، وبذلك تجلب السعادة للأطفال الذين يلعبون معهن، وبالتالي أصبحن جزءاً من العائلة، مؤكدة أن للقطط سجّل صحي مدوّن فيه مراجعات القطط مع الطبيب البيطري وتفاصيل اللقاحات ووضعهن الصحي بشكل عام.
ويؤكد مربو القطط على أهمية معرفة قواعد تربيتها ورعايتها والعناية بها قبل شراء هذه الحيوانات، من أجل المحافظة على صحتها، إذ تعاني الكثير من القطط من الإهمال وعدم الاهتمام بنظافتها "فهي كالأطفال تحتاج إلى الاهتمام والعناية والحب ولديها مشاعر وأحاسيس"، بحسب مربية القطط طيبة (25 عاماً) من محافظة بابل.
وتمتلك طيبة صفحة على "فيسوك" لبيع وشراء القطط منذ عام 2019، وتوضح لوكالة شفق نيوز، أن "عملي في داخل البيت، ولدي مكان مخصص لهن تتوفر فيه وسائل الراحة، من مبرد هواء في الصيف، وجهاز تدفئة في الشتاء".
أسعار القطط
تقول طيبة: "في العراق، ليس هناك موسم لبيع القطط، فإن البيع والشراء مستمر على مدار السنة، وأكثر ما يرغب به المواطنون شراء القطط الإناث الصغيرات اللواتي لا يتجاوز أعمارهن 3 شهور، ويتصدر الطلب على سلالات الهيمالايا والسكوتش والبرتش والبيرشن مقارنة بالأنواع الأخرى، وأكثر ما يستورد من مصر وروسيا".
وتشير إلى أن سلالات البيرشن وهيمالايا تمتاز بالهدوء، أما الشيرازي فهو مشاغب، وعن قط الهيمالايا تشرح، أنه "في أميركا الشمالية لديهم قط يسمى السيامي، وقرروا تهجين هذا القط مع الشيرازي الذي أصله فارسي إيراني، فكان نتيجة خلط هذا المزيج هو قط الهيمالايا، فهو هجين ما بين السيامي والشيرازي".
وتتراوح أسعار القطط حسب نوعها، "تبدأ من 25 ألف دينار للسلاسات العادية المحلية، أما الأنواع المتوسطة فهي من 150 ألف دينار إلى 350 ألف دينار، أما السلالات الهجينية فقد تصل أسعارها إلى 700 ألف دينار، والمستورد يرتفع سعره أكثر من هذا السقف، ويعد قط الأنغورا التركي أرخص الأنواع، أما الأغلى فهو البيرشن والسكوتش"، وفق مربية القطط طيبة.
وتضيف، "ويبلغ أغلى سعر قط برتش وسكوتش على صعيد مدينة الحلة مركز محافظة بابل، بنحو 500 ألف دينار، أما القط الشيرازي (البيرشن) الفارسي، والهيمالايا فتتراوح أسعارها ما بين 100 إلى 300 ألف دينار".
أمراض القطط
مع دخول القطط المحلية والأجنبية إلى المنازل بدأ المربّون يلاحظون ظهور أمراض متنوعة على القطط، قسم منها غير معدي وآخر ينتقل إلى الإنسان، ما دعاهم إلى مراجعة المستشفيات البيطرية والعيادات الخاصة لغرض تحصين حيواناتهم من هذه الأمراض من خلال تلقي اللقاحات والأدوية، بحسب الاستشاري البيطري الدكتور ناظم الركابي.
ويشير الركابي خلال حديثه لوكالة شفق نيوز إلى أن بعضاً من الحيوانات المستوردة غير مُلقّح من الأمراض لصغر عمرها، ومن الأمراض المنتشرة بين القطط هي كما يلي:
- الهربس فيروس، وهذا المرض يسبب للحيوان الانفلونزا وارتفاع الحرارة وفقدان الشهية وتقرحات في العين واحمرار وعطاس شديد.
- الكاليسي فيروس، وهو مرض يسبب للحيوان مشاكل تنفسية وتقرّحات على اللسان والشفاه وصعوبة بالتنفس وإفرازات رغوية.
- طاعون القطط (البان ليكوبينيا)، وهو مرض يسبب ارتفاع في حرارة الحيوان وخمول الجسم وجفاف وإفرازات أنفية مع إسهال حاد وتقيؤ، وقد تجهض القطة الحامل بسبب هذا المرض.
- الريبز فيروس، وهو مرض ينتقل عن طريق العض أو الخدش من حيوان آخر، وتظهر على الحيوان المصاب أعراض التوحش والافرازات، ويتصرف بشكل غير طبيعي.
- التوكسوبلازما، وهو مرض طفيلي كائن وحيد الخلية يصيب القطط عند تناول لحوم نيئة (غير مطبوخة)، أو تتعرض لبراز حيوانات أخرى أو تأكل فئران أو طيور مُصابة بهذا الطفيلي.
وهذا ما يحدث عادة عند إخراج الحيوان للتنزه، فعندما تفقس بيوض الفئران أو الطيور على الحشائش أو الخضروات ويأكلها الإنسان يصاب جهازه التنفسي، وخطورته أكثر على النساء عن طريق انتقاله عبر المشيمة ويصل إلى الطفل، وحينها قد يولد الطفل مُصاباً بمرض الصرع أو العمى أو التخلّف العقلي، وقد تجهض المرأة إذا كانت الإصابة شديدة.
- الأمراض الجلدية، وهذه تكون على شكل فطري يصاحبه حالة من الحساسية، وتبدأ بحكة شديدة وتقطيع الجلد ويصبح الجلد احمراً ملتهباً على شكل دائري وبه صديد (جراحة)، وهذه من الأمراض الخطيرة التي تنتقل إلى الإنسان (المربي) ويُصعب علاجها.
- الإصابة بالديدان، وتسبب هذه الديدان للقطط قلّة الشهية وتساقط الشعر وظهور الجلد، لذلك يجب مراجعة الطبيب البيطري لأخذ مضادات الديدان مثل البيندازول أو الزنتال.
- بعض الأمراض يأتي بسبب سوء التغذية ويسبب تساقط وتقصف شعر القطط.
- التغير المناخي، قسم من الحيوانات لديها تحسس وقابلية للإصابة بسبب التغير المناخي، حيث أن قطط الهيمالايا تأتي من منطقة باردة ما بين الحدود الروسية والإيرانية، فهي غير معتادة على الأجواء الحارة في العراق، لذلك تصاب بالأمراض خاصة في شهري تموز وآب، وكذلك الحال مع القطط الكندية إذ تكون ضعيفة وخاملة ويحصل لديها تقصف بالشعر.
نصائح مهمة
للوقاية من تلك الأمراض ينصح الدكتور ناظم الركابي بضرورة "مراجعة المربي (صاحب الحيوان) العيادة البيطرية أو المستشفى البيطري لأخذ اللقاحات اللازمة، التي تبدأ من عمر الشهرين للقطط، وهناك جرعة ثانية منشطة بعد 21 يوماً، وبتلك الجرعتين سوف يُحصّن المربي حيوانه من جميع الأمراض الفيروسية المعدية".
ويضيف "وعندما تبلغ القطط عمر 4 أشهر، تُلقّح من مرض داء القطط، وتُعاد اللقاحات سنوياً، ويكتب في سجلها الخاص اللقاحات ومواعيدها".
ويؤكد على أهمية وضع القطط في مساكن نظيفة ومعزولة وعدم السماح لها بالتجوال داخل غرف النوم وصالات البيت، كما يجب غسل القطط بالفرشاة وتطهير مساكنها بالمعقمات ورشها دورياً ضد حشرات القراد والجرب.
وينبه إلى أن "هناك من يربي القطط العراقية، وهذه تكون شرسة وخطرة، وقسم منها لديها أظافر تخدش مربيها، لذلك ينبغي قص أظافر هذه الحيوانات لتلافي الإصابة".
أسباب تربية الحيوانات الأليفة
تشير الأخصائية النفسية، الدكتورة بتول عيسى إلى أن تربية الحيوانات الاليفة يعود لأسباب عديدة أبرزها تقليد للثقافات الأجنبية، وتسلية للأطفال، منبهة أن جعل الحيوان الأليف دُمية أو لعبة بيد الأطفال من الأخطاء المنتشرة، لأنهم عادة ما يؤذون الحيوان الأليف أثناء لعبهم دون قصد.
وتضيف عيسى لوكالة شفق نيوز "وقد تكون هناك أسباب أخرى نفسية، منها، هواية اقتناء الحيوانات الأليفة، أو شعور الإنسان بالوحدة، أو الرغبة بتحمل مسؤولية، أو امرأة ليس لديها أطفال وتقتني حيواناً أليفاً تعتني به ليكون بمثابة تفريغ عاطفي لها".
وتؤكد في ختام حديثها أن "الحيوانات الأليفة عند تربيتها في البيت تتكوّن صداقة مع المربي، وهذه الصداقة والعلاقة العاطفية تكون غذاءً نفسياً عاطفياً لمربي الحيوان".
العراقيون أول من صادق القطط
وكانت دراسة لجامعة ميزوري الأميركية توصلت إلى أن تاريخ أول قطة مستأنسة يعود إلى 12 ألف سنة، في منطقة الهلال الخصيب في حوض البحر المتوسط، وتحديدا بالقرب من العراق الحديث.
وتشير الدراسة إلى أن اتخاذ القطط كحيوانات أليفة كان من قبل مزارعين، مع انتقال الحضارات من الصيد إلى الزراعة منذ ما بين 12 ألفا و8 آلاف سنة قبل قدماء المصريين، الذين كان يعتقد أنهم أول من اتخذوها كحيوانات أليفة.
وقال علماء في جامعة ميسوري، إن "البشر استقبلوا الحيوانات الأليفة أولا في منطقة الهلال الخصيب، وتحديدا في مناطق الشرق الأوسط المحيطة بنهري دجلة والفرات، لاستخدامها (القطط) في مكافحة الآفات بمستوطناتهم الجديدة"، وفق ما ذكرت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية.
وتوصلت الدراسة إلى أن "التحول المهم في نمط الحياة بالنسبة للبشر، كان الحافز الذي أطلق شرارة أول استخدام للقطط كحيوانات أليفة في العالم، لكن تم إنشاء الرابط بينهما، بمجرد أن بدأ البشر في السفر حول العالم وجلبوا معهم أصدقاء القطط الجدد"، مضيفة أنه "على عكس الخيول والماشية التي يعود تدجينها لأحداث مختلفة، يبدو أن القطط هي الحيوانات الوحيدة التي يتم تدجينها من خلال حدث وموقع واحد".