أنينُ قلب

لم أحفل أول الامر بكلامهِ، حين أخبرني طبيب القلب بأن قلبي متعبٌ، وعليَْ الاهتمام به أكثر، فلست ممن يهتمون بوجوده، طالما ركنتهُ جانبا، وتركتُ عقلي من يدير حياتي.

هل يمكن أن يعيش الإنسان دون قلب؟!

دائما تتساءل صديقتي ذات القلب الكبير، كنتُ اضحك منها، وأقول لها: يوما ما سينفجر قلبكِ من فرط ما تكلفيه من أعباء.

في لقاءٍ قريب جمعني بها، تفاجأتْ بمنظري، فقد بدوتُ متهالكا، وكأنني ازددتُ عشر سنوات، كنت مطأطئا رأسي وحزين على غير عادتي، لا سيما انها اعتادت على ابتسامتي العريضة، وقفشاتي التي ترافقها ضحكة مجلجلة تملأ المكان الذي نكون فيه ، دنتْ مني بوجهٍ ملأهُ الاستغراب والقلق، سألتني ماذا بك صديقي؟! لم اركَ من قبل بهكذا حال، لِمَ يبدو عليكَ اليأس والقنوط؟! ومحاولة منها لتلطيف الجو: هل تعاني من حماقة عاطفية جديدة ؟! لم أقابلها بضحكتي المدوية كما اعتادتْ، رفعتُ رأسي وحاولتُ أن استعيد هيبتي أمامها، رتبتُ شعري المبعثر بيدي، ورسمتُ على وجهي ابتسامة، حاولتُ أن تكون طبيعية لكنها بدتْ مضطربة، اردتُ أن اثبت لها بانني مازلتُ ذاك الشخص الذي أعجبتْ به، وبأنني مازلتُ بقوتي وصحتي التي عرفتني بهما، لكن وضعي العام كان ينبئ عكس ذلك، مما اضطررت ان أستسلم واعترف لها بوضعي الصحي، بعد ان فشلتُ في اقناعها بأنني على مايرام ، قلت لها : كنت مخطئا يا صديقتي حينما تصورت ان الحياة لن تنتهي، وقلبي العامر ، متاح لنثر المشاعر دونما حساب لكل من تعجبني ، لقد بالغتُ في استغلالهِ والتمتع بحيويتهِ بعشوائيةٍ مفرطة ، لقد ارهقتُ قلبي المسكين بحشر أنواع النساء فيه ، السمراء ، البيضاء ، والشقراء لا يهم ، المهم اشباع رغبتي دون توقف ، كنت اطلق لنفسي العنان ، لم تردعني أية حدود ، لم أكن اتوقع أن قلبي سيتعب ويخذلني يوماً ما ، كنتُ اتصوره قلبا خالداً لا يشيخ ، وها انا أصاب به، واترقب توقفه بحذر، اجلس بهذا المقهى الذي يطل على شارعٍ يعجُ بالناس ، وكمن يكتب اسمه على صفحة ماء، سوف أغادر هذه الدنيا، احاول النظر إليها قدر ما استطيع لارتوي منها، قبل أن أفارقها إلى الأبد.