نحو طريق الفوز
جاسم الحلفي
أكادُ أجزم بعدم امتلاك منظومة الحكم الأغلبيةَ المريحة، برغم إحكام سيطرتها على مجلس النواب في هذه الدورة، وفرض هيمنتها على القرار السياسي للسلطة. لا نحتاج الى برهان لإثبات ذلك؛ فالأرقام التصويتية التي حصلت عليها هذه القوى في انتخابات 2020 وما قبلها، هي إثبات لا تقبل الدحض. كما ليس هناك من سرٍّ خفي مكنّها من التسلط، وإذا فصلنا في تناول دور المال السياسي، والعامل الإقليمي، والأذرع المسلحة لأحزاب السلطة، واستغلال مؤسسات الدولة، وإدامة الفوضى، واعتماد الطائفية منهجا للحكم، والتلاعب بمشاعر بسطاء المواطنين، باسم الدفاع عن المذهب، وغير ذلك الكثير من الوسائل المبتكرة، التي يمكن أن تنتجها ماكنة طغمة الحكم لتأبيد تمسكها بالسلطة، فقطعا ليس سانت ليغو هو آخر منتج للذهنية الاوليغارشية، حيث أُعيد تشريعه مجددا رغم رفضه من قبل الانتفاضة المجيدة، ومن المرجعية الدينية أيضا، حيث يدعون زيفا تمسكهم بما تقول، غشا مفضوحا للتفرد بالحكم، حيث سيكون الطريق اليه سالكا، اذا لم تحتَط قوى المعارضة للمحاصصة والفساد، وتتخذ الحذر، وتعِد حساباتها بشكل دقيق، والانطلاق أولا من رسم استراتيجية نصر حتمي، وفوز مستحق، يليق بمشروع التغيير الجذري والشامل، وهذا ليس حلما طوباويا، انما فكرة واقعية، طالما تم بحثها، لكن للأسف بقيت في أروقة اجتماعات القوى المدنية والديمقراطية ومؤتمراتها، وقد تأخر إظهارها للنور كثيرا.
لكن للفوز شروطه واشتراطاته، شرطه الأساسي هو الانتظام تحت مظلة كبيرة، تتسع لجميع القوى المعارضة، تلك التي لها تاريخ طويل في العمل السياسي، الى جانب القوى التي تأسست اثر انتفاضة تشرين، مع توفير مجال رحب يتسع للمستقلين والفاعلين الاجتماعيين.
فلو تم حساب الأحجام الرقمية للقوى المدينة وشخصياتها المستقلة التي ساهمت في الانتخابات بمنهاج معارض فإنها حققت أرقاما، منحتها الغلبة على ارقام أحزاب طغمة الحكم. وإذا أضفنا تصورا عن الأرقام التي يمكن ان تحصدها القوى التي قاطعت الانتخابات السابقة، لكانت الحصيلة كبيرة، وتحقق فارقا كبيرا، عند ذلك ستقلب سانت ليغو السحر على الساحر.
إذاً، كان الشرط العمل بروح جماعية تحت مظلة واحدة، تضمن حفاظ كل حزبٍ او شخصية سياسية او فاعل اجتماعي، برؤيته الأيديولوجية وتصوراته الخاصة، مع أهمية الاتفاق على الأهداف الأساسية المشتركة، وتجنب أي نقطة خلافية لا تنال الإجماع. على سبيل المثال، حصر الأهداف بـ: انهاء المحاصصة ومحاربة الفساد وتنويع الاقتصاد والسيادة للشعب وسيادة العراق، كي نتجنب الانقسامات.
اما الاشتراطات فهي التحرر من اغلال النزعات السلبية التي تكبل القوى المدنية، بدءاً من التخلص من الأنا المتضخمة الأنانية وحب الظهور والحساسيات المفرطة التي تتنافى تماماً مع الروح الثورية التي اتصفت بها تشرين المجيدة، حيث روح العمل الجماعي، والإقدام والشجاعة والتضحيات الجسام من اجل حاضر أفضل وغدٍ أجمل.