من الكويت الى كييف هل يعيد التاريخ نفسه؟!

الحرب الروسية هذه الايام او الغزو الروسي بمعنى اصح يذكرنا يوما بعد يوم بما حدث عند دخول الجيش العراقي للكويت ! تفاصيل وظروف كثيرة مشابهه لما حدث ائنذاك .

الا انه من الغريب ان دولا عرفت الحياد الايجابي منذ اكثر من قرن من الزمان مثل السويد ،فنلندا،تخلت اليوم عن حياديتها وتبرعت بملايين الدولارات على شكل اسلحة ومواد لوجستية لاوكرانيا !!

حتى المانيا واليابان خرجوا من القمقم وصدروا الاسلحة والعتاد للمسكينة اوكرانيا .

كل هذا واكثر يذكرنا بايام الكويت في اب (اللهاب) عام 1990. فما تفسير ما حدث اليوم ؟! التحليلات والتفسيرات كثيرة بل و متناقضة وربما سننتظر لوقت طويل قبل ان تتكشف الحقائق ونعرف من ورط من في هذه الحرب ؟!!

الاقتصاد العالمي في حالة ركود لم تخرج منه من عام 2008 وان كل ما تم اتخاذه هو اجراءات ترقيعيه لتمشية العجلة الاقتصادية و

الاقتصاد الرأسمالي وصل الى نقطة التوقف خصوصا بعد كارثة فايروس كورونا. الحل الوحيد هو تصفير النظام وهذا لا يحدث الا بحرب كبرى.

من وجهة نظر النظام الرأسمالي هو بحاجه للحرب لتصفير النظام.

الكل يلاحظ ان الغرب يسير في خطوات منتظمه وليس كرد فعل وانما كأنه يسير على خطه مرسومه سلفا.

والتسلؤل المشروع هو كان بامكان الولايات المتحدة ومن معها ان تقبل اوكرانيا في حلف الناتو منذ اليوم الاول الذي دمرت فيه سلاحها الاستراتيجي النووي والقاذفات والصواريخ العابرة القارات كما فعلوا مع دول البلطيق فلماذا لم تفعل؟ وكان من المستغرب ان تترك امريكا اوكرانيا وحيده في حضن الدب الروسي منتظرين ان تقوم قياده روسيه بتهديد اوكرانيا فيتخذوها ذريعه لجر روسيا للحرب.

وهنا قد يسال الكثير عن مراكز الابحاث والدراسات الروسية هل من المعقول ان ينجرون الى هذا المستنقع بهذه السهولة ؟!

فرق بين مراكز الابحاث الستراتيجيه الشرقية وبين مراكز الابحاث الغربيه. في مراكز الابحاث الشرقية (ونحن من ضمنهم) ياتون بضباط سابقين او سياسيين في المراكز يقرأون الكتب والمنشورات ويتابعون الاخبار ويكتبون التقارير التي قد يقرأها صاحب القرار وبالتأكيد يهملها هذا اذا ( قرأها اصلا) وأغلب المستشارين عندنا هم مرافقين او مساعدين اكثر من انهم مستشارين ، لا يتفوهون الا بما يرغب به السلطان .

اما مراكز الابحاث الاجنبية فالوضع مختلف .هناك يأتون بخريجي الجامعات في الاحصاء والتحليل والكومبيوتر ويعملون جنبا الى جنب مع العسكريين والاقتصاديين والسياسيين ويقومون بشيء مهم جدا هو ال(سيميليشين) اي اجراء تشبيه على الكومبيوتر لحاله معينه وهو ما يسمى( بلعبة حرب) وهو تمرين يدرس في الكليات والمعاهد العسكرية العالية المستوى .

باختصار يضعون في الكومبيوتر امكانيات كل دوله العسكريه منها والاقتصاديه ويجربون موقف واحتمال معين مثل اجتياح روسي لاوكرانيا او دول البلطيق او اجتياح العراق للكويت مثلا.

مخرجات هذا التشبيه توضع في دراسه ومنه يتم وضع خطه مرسومه لخطوات والتوقيتات لكل خطوه يتم اتخاذها.

هذه الخطه توضع في لوكر فيه كل وضع ممكن ان يحصل والخطه الخاصه به. حين يتحقق هذا السيناريو يتم سحب الخطه وتطبيقها او ادخال تعديلات صغيره عليها قبل التطبيق لمعالجة ما يعرف بالحالات الطارئة الغير متوقعة .

لذلك نرى خطواتهم متتابعه ومحسوبه وليست رد فعل ابدا. وفي وضع الحرب الروسية اليوم

كانت حجم العقوبات الاقتصاديه مفاجئه ليست لبوتين وحده وانما للعالم كله. والدولة الاشد قسوة في وضع العقوبات هي بريطانيا. فمنذ عام 1991 حين سقط الاتحاد السوفيتي قدمت بريطانيا نفسها كملاذ آمن لاصحاب الاموال الروس. حنكة( ابو ناجي) في هذا المجال لايعلو عليها بالطبع حيث وفرت للاموال المسروقه ملاذ آمن ومنحت الحراميه الروس ما يعرف ب الجنسية والاقامة الذهبيه ومنعت عنهم الملاحقات القضائيه لكي تشجعهم على جلب اموالهم الى لندن. في نفس الوقت وبعد ان لاحظت تكالبهم على العقارات ارتفعت اسعار العقارات في بريطانيا ولندن خصوصا الى مستويات فلكيه. فالشقه التي كانت في التسعينيات بمئة الف باون او اقل صارت اليوم باكثر من مليون باون اي اكثر من 10 اضعاف ان لم يكن عشرين. وبذلك سحبت اموال الحراميه الروس طوال ثلاثين سنه.

عقوبات بريطانيا اليوم تضمنت قائمه بالمئات من اغنياء روسيا و اتضح انهم كانوا تحت المراقبه من سنوات طويله وممكن من قبل ان يتوجهوا لبريطانيا تم حجز اموالهم المنقوله وغير المنقوله وكذلك طائراتهم ويخوتهم وسياراتهم الخاصه.

( بالمناسبة هذا مافعله ابو ناجي مع حرامية العراق ايضا وربما سيستخدم نفس السيناريو معهم في الوقت المناسب بالضبط) .

بوتين اخطأ في حساباته (حسب ما اعتقد) توقع انه حين يهاجم اوكرانيا فان الغرب سيتراجع ويتفاوض معتمدا على ان الغرب لايريد مواجهه

وان الصين ستستغل الفرصه لتهاجم تايوان

وان المانيا لن تتمكن من التخلي عن غاز ونفط روسيا

وان السويد وفنلندا والدول المشابهه سيحافظون على حيادهم

وان سويسرا لن تحجز على اموال روسيا

كل هذا لم يحصل ويبدو انه لن يحصل...

و القياده الصينيه الجماعيه (وليست الفرديه) لن تخاطر باقتصادها لاسترجاع تايوان التي ستعود الى الصين ان عاجلا او آجلا

اتضح ان الغرب يسعى للمواجهه باكثر مما يسعى لها بوتين

وانه حتى التهديد بالنووي لم يؤثر فيهم للتراجع.

مازال بامكان بوتين ان يتراجع ولا عار في هذا فالاصرار على الاستمرار سيؤدي للكارثه, سيدفع بوتين وروسيا ثمنا للتراجع ولكن الثمن الذي سيدفعه العالم للاستمرار سيكون موت ودمار هائل للعالم كله وليس لاوربا وامريكا وحدهما.

هل سيستمع بوتين لصوت العقل؟

لا اعتقد ذلك

يبدو ان سيناريو صدام والكويت سيتكرر .

الغرب درس نفسية بوتين (مثلما درسوا نفسية صدام سابقا ) وهو متفرد بالسلطه وليس هناك من ينصحه بعكس ما يريد

حتى مدير مخابراته الذي لمح باقل ما يمكن للتفاوض زجره بوتين وهدده على رؤوس الاشهاد

الغرب سيستفز بوتين ويمنعه من التراجع لان الغرب الرأسمالي المجرم يريد الحرب وهم درسوا نفسيته وسيستفزوه بما لا يستطيع تحمله فيجعلوه يمضي في طريق هم رسموه له.

لا ملجأ لنا اليوم الا الدعاء الا يصر بوتين على السير في طريقه وان يستمع الى صوت العقل لا في طريق حرب الدمار والاستنزاف الطويل .

لا ملجأ لنا اليوم الا الدعاء الا يصر بوتين على السير في طريقه وان يستمع الى صوت العقل لا في طريق حرب الدمار والاستنزاف الطويل .