مستقبل "مشرق" في حضن وضع رديء
علي حسين فيلي
علي حسين فيلي/ في وقت لم يتم تعبيد أي طريق لاجتياز الوضع الحالي في هذا البلد، والسنة على وشك الانتهاء ومن منطلق ان الشعب والسلطة لم يتفقا لحد الان وليس بينهما اية بادرة للتعاون، لا يمكن التعويل على فاعلي الخير الخارجيين كسبيل وحيد لمعالجة جميع المشكلات المتراكمة في مستقبل قريب.
كان برنامج عمل الحكومة العراقية لسنة 2020 يحتوي على العديد من نقاط الضعف وإذا مضت الأمور على هذه الشاكلة فإن العام المقبل سيشهد مخاطر كبيرة تهدد هذا البلد، لان معالجة الفساد واللاعدالة واليأس لا تكون بالهروب من المسؤولية؛ فهناك حاجة لأشياء أخرى كثيرة.
ان الحرية تبني التاريخ، وجعلت من العودة الى الماضي امرا محالا! من المحتمل ان يكون طريق التوجه الى المستقبل صعبا أحيانا ويبدو التراجع كأنه هين ولكن هذه العودة السهلة شكلا امر محال في العراق ويتوجب ان نعلم ان أي اجراء او قرار لإطالة عمر مرحلة تاريخية ماضية لن يكون له أي تأثير إيجابي.
في نهاية عام 2020، اذا أراد أي شخص الحصول على معلومات بشأن السنوات المائة الماضية من تاريخ العراق واوضاعه الاجتماعية وان يفهم فلسفة الأفكار والسياسة والصراعات الداخلية وجذور ازماته اللامتناهية، سيحتار ولا يدري بشكل صحيح الى اين يتوجب عليه ان يتوجه واي كتاب ومصدر يقرأ.
ان صياغة برنامج عمل لمستقبل بلد متعدد الأعراق والأديان والمذاهب كالعراق ليس امرا سهلا. وهذا يحتاج الى صياغة برنامج اجتماعي أيضا يتناسب مع حياة ومعيشة الناس والامكانيات التاريخية. يبدو انه في كل عهد ان تلك السياسات وصفت بانها ذكية وعقلانية جعلها تمنح المكانة والقوة للحكومة واوجدت الوحدة والترابط بين الشرائح والطبقات الاجتماعية وساهمت في تحسين أوضاعهم المعيشية.
بعد 17 عاما جاء الوقت الذي يجب ان نتخلص فيه من سفر الربح والخيال السارح والمستريح وان نسلك طريق السياسة بالمراقبة ومعرفة أوضاع العالم والوضع الداخلي العراقي. السياسة ليست كلمة جديدة. فقد خرجت طرقها من ذلك السجن التاريخي والسياسي المليء بالأزمات ويجب ان تكون متناسبة مع الأوضاع والامكانيات المتوفرة. صحيح ان برنامج عمل اية حكومة يمثل فهم العهد الذي انبثقت منه، ولكن إذا لم تنل الحكومة دعم الناس من الوجهة السياسية والأخلاقية، ستصبح حكومة هزيلة وضعيفة وتكون جميع خطاباتها وقراراتها وتصرفاتها لملء وقت الفراغ فقط وليس لتهدئة الأوضاع وتطبيع العلاقات.
وقبل عدة عقود، لم يستطع صدام ان يجلب الرفاهية للشعب العراقي بالحروب واحتلال الكويت! ولم يستطع إيصال البلد لشواطئ السلام بالقتل الجماعي لخصومه واضطهاد الشعب. وإذا لم يفهم العالم حقيقة مشكلات هذا البلد ولم يستمع لآراء ومقترحات ومطالب الأطراف الرئيسة الثلاثة في المشكلات(السنة+الشيعة العرب+الكورد) ولا يعلم ما الذي يدور وما الذي لا يدور، لن يتوقع وضعا افضل للعراق في السنة المقبلة أيضا، ففي المرحلة الحالية نزع العنف والفساد لباس الحياء.