مثلي لا يبايع مثله
ليث شبر
انتشر في هذين اليومين ونحن مقبلون على الانتخابات بعد أشهر معدودات مقطع فيديو قصه الرقيب الوطني من خطبة الجمعة في الحرم الحسيني.. ويتحدث فيه الشيخ عبد المهدي الكربلائي عن مقولة تاريخية للحسين الثائر ضد الحاكم يزيد قبل اكثر من 1300 سنة مقولة بقيت ترن في أذن التاريخ وقلوب الأحرار.. فبعد أن خيروه بين مبايعة الحاكم الفاسد والظالم يزيد أو أن يقتل هو وعائلته وأصحابه فما كان رد الحسين الا أن قال مثلي لا يبايع مثله فاختار الشهادة ولم يقبل بالذل..
الذي نريد أن نناقشه في هذا المقال هو كيف انسحب هذا المقطع على الوعي المجتمعي لما يدور في الأروقة السياسية في البلاد وخاصة في هذه الأيام التي بدأت تتصاعد فيها وتيرة المنافسة والتسقيط والمعارك الالكترونية والضرب فوق الحزام وتحته بعد أن توضحت التحالفات الكبيرة التي أصابت الجميع ممن يطمحون بالتغيير بالإحباط واليأس مما دعاهم لحملة لمقاطعة الانتخابات أو العزوف عنها على أقل تقدير..
تساءلنا مع العائلة والأهل وأصحابي وأصدقائي في مواقع التواصل الاجتماعي عن مقاصد هذا المقطع وتنوعت الإجابات والردود لكنها كلها كانت تعبر عن استياء عارم لما يجري في البلاد من انحدار سياسي قد يكون سببه الانحدار الاجتماعي أو عوامل خارجية خارجة عن إرادة المجتمع فالذين يمسكون مفاتيح القرار العراقي هم من خارج العراق وهناك عشرات الأدلة على ذلك لاحاجة لذكرها الان فليس هذا المقال محلها ولعلي أفرد مقالا خاصا بها .
لنرجع الى تساؤلنا لكي نتوصل الى فهم معقول أو واضح لعبارة تاريخية نفهم ظروفها ومقاصدها لكنها اليوم قيلت في ظروف تشبه البيعة التي كانت في ذلك الوقت والتي تمثلها اليوم الانتخابات فهي صورة محدثة للبيعة فكلاهما ( الانتخابات والبيعة) تمنحان السلطة للجماهير في اختيار من يمثلها وهنا مربط التشبيه بين الحالين..
وواضح أن الشعب هنا هو من يمثل الحسين فمقصود مثلي ينطبق على المواطن .. الا أننا حقا سنقع في حيرة كبيرة فعلى الرغم من وضوح المفهوم العام أن مثله تعني الفاسد والمخادع والخ من الصفات الرديئة إلا أن تطبيقها على أرض الواقع وفي يوم الانتخاب ليس واضحا البتة.. كيف ذلك؟
الحسين حينما قال مثلي لا يبايع مثله فهو قد خصص حاكم بعينه وهو بالإسم يزيد ولكننا هنا رفعنا التخصيص وذهبنا الى صفات عامة.. ولنناقش الرؤية بصورة اكثر.. حينما أسألكم من يقصد بالتحديد وماذا تفهم بالخصوص.. هل تفهم انها اشارة لعدم انتخاب العبادي مرة اخرى لأن الحاكم اليوم هو العبادي وطبعا هذا التفسير يطرب له السيد المالكي رغم أنهما من حزب واحد وكما يقول عنهما مفكر من حزبهما أنهما وجهان لعملة واحدة ..
لكن هذا التحديد للمعنى غير مفيد البتة ذلك ان الانتخابات في العراق ليست انتخاب أفراد بل هي بالأساس انتخاب تحالفات وقوائم والناخب يضع الصح اولا امام القائمة ولاعبرة ان يضعها امام الفرد من دون قائمته مما يعني ان الناخب انما ينتخب القائمة.. فإذا فرضنا جدلا أن رؤساء التحالفات الكبيرة العرمرمية كالعبادي والمالكي وعلاوي والجبوري والعامري ووووو كلهم بعيدون عن الفساد وقد جربناهم فوجدنا صلاحهم وزهدهم بالمال والسلطة والمناصب فهل ياترى قوائمهم كلها لاتخلو من فاسد ولو في اخر القائمة ولا أظن واحدا منا سيكون مغفلا ويقول العكس..
اذن كيف استطيع ان اطبق شيخي الجليل مقولة الحسين مثلي لايبايع مثله..
هل تقصد ان انتخب النزيه في أي قائمة أو تحالف أكانت فاسدة أم لا أم تقصد انتخاب القائمة بشرط نزاهتها كلها ونستغني عن مقولة المجرب لايجرب التي لطالما كررتموها أم ان هناك نسبة مئوية من نزاهة القائمة هي التي تحدد تطبيق نصيحتكم الثمينة المبنية على مقولة تاريخية لشخصية عظيمة كان واضحا في طرحها وفي وقتها ولم يخف حينما قالها بكل وضوح لومة لائم ولم يلف أو يدور ويترك العالم هائمة في التحليل والتفسير كما حالنا اليوم الذي وقع فيه مثلي وأنا الخبير في اللغة والاستنباط فكيف بالمواطن البسيط والعبد الفقير.. أفتونا مأجورين..
والعراق مو وراء القصد