أليس البيت العراقي أكبر وأضمن؟!

أليس البيت العراقي أكبر وأضمن؟!

خالد الدبوني

2020-12-05T18:09:50+00:00

في إتجاه معاكس تماماً لمطالب الشارع العراقي، نحو دولة المواطنة والمدنية، والتي تعتبر أبرز مطالب الاحتجاجات الشعبية الواسعة التي شهدتها البلاد، منذ أكتوبر/ تشرين الأول العام الماضي.

دعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر،بالعودة إلى مفهوم البيوت الطائفية، من خلال دعوته إلى "ترميم البيت الشيعي"، ومطالبته الكتل السياسية الأخرى الاستجابة له، تحت مزاعم التعدي على الدين والقيم.

ومن الانصاف القول ان السيد الصدر أصاب في إشاراته الى الفصائل المنفلتة مثل (ربع الله وغيرها) والتي يبدو انها خرجت عن سيطرة احزاب السلطة وبدأت تضعهم في خانق محرج امام العالم الداخلي والخارجي.

دعوة الصدر، ذكرتني بمشروع البيت الشيعي الذي انشئه الدكتور احمد الحلبي وبمساعدة الحاكم الامريكي (سيء الصيت) بول بريمر ، عقب الاحتلال الأميركي للبلاد، و بعد هذا البيت انطلقت الشرارة الطائفية السياسية ليقابلها مشروع طائفي تكفيري سني بنى مشروعه على اخطاء الاخرين وخدع الشارع السني بادعائه انه المنقذ والمقاوم للمشروع الطائفي الشيعي مما ادى الى نشوب الحرب الاهلية التي احرقت الاخضر واليابس في ربوع بلادنا لسنوات وانتهت باحتلال داعش لثلث البلد .و التي دفع العراقيون ثمنها باهظا .

البيوتات السياسية المكوناتية خلقت التوتر الطائفي وعززت خطاب الكراهية والتحاصص، والغريب انها تأتي الان بالضد من التوجه الشعبي العام في الشارع العراقي لتبني خيار الدولة المدنية ودولة المواطنة، وتجاوز التصنيفات الطائفية التي ضعفت كثيرا، خاصة بعد الاحتجاجات الأخيرة التي شهدتها بغداد ومدن جنوب ووسط العراق، ولذلك اعتبرها المتظاهرون بأنها جزء من حملة الصدر لمواجهتهم وتحدي مطالبهم عبر الذهاب الى التخندق السياسي الطائفي.

إن "فكرة البيت الشيعي بهذا التوقيت تعطي رسالة مقلقة جدا لكل العراق، سيما وهنالك بيئة إقليمية جاهزة لاستغلال ذلك لتصفية حسابات أو تعزيز نفوذها في العراق".

والعودة لهذا المربع تعني أن17 عاما من العمل السياسي لم تسفر عن أي نضوج سياسي ولا روح عمل مشترك، ولا حتى استفادة من التجارب المريرة السابقة"

واذا نستقرأ ظروف هذه المبادرة الصدرية وهي صدرت بعد أيام قليلة فقط من تحشيد أنصاره للسباق الانتخابي واستنفارهم مبكرًا في مشوار هدفه القصر الحكومي، فهو وجه دعوة إلى الكتل الشيعية لإنعاش التحالف السياسي "الطائفيّ" الذي زعزعت أركانه حركة الاحتجاجات.

وألمعروف ان السيد الصدر كان قد اقسم اليمين سابقا وفي لقاء متلفز على عدم اشتراكه في اي انتخابات مقبلة الا انه تراجع و كسر قسمه واعلن المشاركة في الانتخابات، في حال ضمن وصول "أغلبية صدرية" تستطيع الحصول على منصب رئاسة الحكومة، دون الحاجة إلى التحالف مع "الفاسدين"، على حد تعبير حساب "صالح محمد العراقي" الناطق باسم زعيم التيار !!

في تقديري ان البيت الشيعي غير قادر على التوحد مرة اخرى مثلما كان سابقا في التحالف الوطني ،وحتى عندما كان موحدا في ذلك التحالف كانت الصراعات والازمات تضرب به بشكل مستمر ،وصل الى حافة الصراع المسلح لولا تدخل الفاعل الايراني ائنذاك واصلح ذات البين والمفارقة ان التيار الصدري بالذات كان اول المنسحبين من ذلك التحالف بعد ان هدد بذلك اكثر من مرة !

اليوم يبدو انه يطرح نفسه كزعيم مبكر لشيعة السلطة وينتظر من الاخرين يرفعوا الراية البيضاء ويسيروا خلفه في الانتخابات المقبلة ،وهذا ما لا يقبل به على الاطلاق اغلب الزعامات الشيعية خصوصا المالكي والحكيم الذين لهم مشروعهم الخاص والمعلن عنه سابقا. وبالتالي اتوقع ان يكون هنالك لقاءات وحوارات ودية ولا يتعدى الامر اكثر من ذلك ابدا ،لكون هذه المبادرة غير قابلة للتنفيذ بين اطراف تنعدم الثقة وروح العمل المشترك بينهم .

ومع فرضية عدم صحة توقعي وانصهار الشركاء في هذا البيت فان المجتمع الشيعي لن يكون متقبلا للبيت الشيعي بنفس الوجوه القديمة من جديد بعد ان عجز عن توفير ابسط مستلزمات الحياة الكريمة للمكون الشيعي وبالضد من المتظاهرين الذين خرجوا مطالبين باسقاط هذه الاحزاب الاسلامية ومشروعها السياسي الذي لم يجلب الا الخراب والفقر المدقع لهم .

بالتالي لا اعتقد سيكتب لترميم هذا البيت النجاح ولن يكون بمقدوره خلق بيئة صالحة للعيش المشترك.

كنا نتمنى من السيد الصدر ان يذهب الى الفضاء الوطني و يبادر الى ترميم البيت العراقي الكبير بدلا من التقوقع وتكريس المكوناتية عبر محاولة ترميم البيت الشيعي،سيما وانه كان ولا يزال يمتلك علاقات واسعة و ودية مع اغلب الزعامات السياسية السنية والكردية بل وحتى المكونات الاخرى ،وكان بامكانه تسخير هذه العلاقات في الوصول الى تحالف وطني واسع يضم كل الاطياف العراقية .

باختصار .. الذي يهمنا من هذه المبادرة هو الا تتحول الى تحشيد طائفي يتوجه ضد المكونات الاخرى من جديد ،لان اذا حدث ذلك فلا الشعب سيصدق هذا التحشيد ويدعمه ولا الاطراف الدولية ستقف على الحياد( مثلما فعلت سابقا )، وبالتالي سينتهي المطاف لصالح المطالبين بالاقاليم او ربما الى اكبر من ذلك !!

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon