كلنا أولاد حرام
قالوا: إن مادة تعقيم مياه الشرب في العراق سرقت من الكويت في مرحلة الغزو. قلنا: ياسلام. هذا يعني إننا نشرب الماء الحرام. وهذا غير صحيح. فوفقا للقوانين الإنسانية فإن الدولة هي الراعية. الدولة مع الشعب كمثل الأب مع أبنائه. هم لايعلمون بالضرورة من اين يأتيهم بالطعام والشراب، ولايعلمون بالضرورة إن كان المال الذي يشتري لهم به ثيابهم وطعامهم، وبه يأخذهم الى المشفى إذا مرضوا هو مال حلال أم حرام؟. وبالتالي هم غير مسؤولين، ويبقى الأب هو المسؤول، وهذا هو حال الدولة، ومؤسساتها مع الشعب مع الإحتفاظ بحق المعارضة للسلوك غير القانوني والشرعي الذي تنهجه الدولة في الحصول على الموارد.
أحدهم أراني مقطع فديو لداعية تركي يقف والى جانبيه إثنتان من فائقات الجمال لو قارناهما ببنات الهوى لكانت تلكم البنات أطهر منهما، وهذا الداعية يتحدث عن أسلوبه في الدعوة الى الإسلام، ويتحدث عن الخمر، وعن موارد الدولة، وكيف تجبى، والى من تدفع.. قلت له: هذا أفضل من الدعاة عندنا الذين يكذبون علينا، ويتحدثون في الحلال والحرام، ولايطبقون قوانين الدين على أنفسهم.
في مطار من المطارات، وفي السوق الحرة إبتعت قنينة عطر بسبعين يورو. وعلى مسافة غير بعيدة إبتاع أحدهم قنينة خمر بمبلغ مماثل، أو يزيد. وغير بعيد أيضا إبتاعت سيدة علبة ماكياج، ورابع إبتاع كيس من الحلوى، وفي النهاية وضع المال كله في درج واحد، ثم نقل الى موضع آخر، وتكدست الأموال، ونقلت الى الخزينة العامة، ووزعت كرواتب وهبات وإعانات، وانفقت على مشاريع ومساجد ومستشفيات ومدارس وجامعات، ولم يتم تمييز المبالغ على أساس مصدرها، وماإذا كان من الخمر، أم من العطر؟
الحال غير مختلف عندنا. فهناك حرامية كبار يدفعون الى الدولة، وينفقون أموالهم السحت في مشاريع خيرية، ويتبرعون لأسر متعففة، ويبنون مساجد للعبادة، ويقيمون المواكب الدينية. وهناك أموال تجبى من المراقد المقدسة الى خزينة الدولة. وهناك أموال ضرائب على الخمور التي تدخل البلاد، وتنتج المال وتحوله الى الخزينة العامة التي تختلط فيها الأموال، ثم تنفق في موارد عدة.
هذا يعني إننا نحصل على رواتبنا من أموال مغمسة بالخمر، او مخلوطة بمال حرام، ولكن الحقيقة مختلفة فهذه أموال الأب ينفقها على أسرته، وهو يتحمل المسؤولية، وإذا كنا نتبجح بغير ذلك فنحن كذابون، وكلنا أولاد حرام.