كل شي من أجل الاستقلال
يوسف زيباري
من يقرأ التاريخ الكوردي سيجد أن السبب الرئيسي في عدم تحقيق الأمة الكوردية دولتهم المستقلة والتي يطمحون إلى إعلانها كباقي الشعوب ودول العالم هو عدم التوافق والانقسامات ومنذ الانتفاضة عام 1991 بدأ الكورد بجني ثمار نضالهم ضد الظلم والاستبداد حتى اندلاع الحرب الأهلية بعدها خمسة سنوات التي كانت السبب في وجود إدارتين في الإقليم ألا أن تم توقيع الاتفاق الاستراتيجي بين الحزبين الديمقراطي والاتحاد الوطني وبعد سقوط النظام البائد 2003 تنفس الشعب الكوردي الصعداء وبدأت مرحلة جديد من بناء كوردستان ومن جميع النواحي العمرانية كتطوير قطاع الخدمات العامة والتعليم والصحة أما على الصعيد السياسي فقد شهدت الحركة السياسية تطورا كبيرةً أيماناً من القيادة الكوردية بأن تعدد الأحزاب هي خدمة للديمقراطية وظاهرة صحية تصب في خدمة المجتمع وكانت نتيجة ذلك ظهور حركة التغير على الساحة السياسية الكوردية عام 2009 على يد منسقها العام الراحل نوشيروان مصطفى وحصلوها في الانتخابات الأخيرة على 25 مقعد في البرلمان الكوردستاني كان بإمكان الحزب الفائر والذي كان الحزب الديمقراطي الكوردستاني تشكيل حكومة بالتحالف مع الاتحاد الوطني الحليف الاستراتيجي وإكمال النصاب القانوني ألا أن إصرار رئيس وزراء حكومة الإقليم نيجيرفان البارزاني الذي كلف بتشكيل الحكومة آنذاك على إن تكون حكومته توافقية وبمشاركة جميع الأحزاب الكوردية ومن ضمنهم حركة التغيير هدفها المضي قدماً لتحقيق تطلعات الشعب الكوردي في ظل الظروف العصبة التي تمر بها من أزمة مالية والحرب على داعش الإرهابي.
إلا أن الخلاف الذي وسع الهوة وزاد الأزمة بين حركة التغيير والديمقراطي الكوردستاني هو الخلاف حول كيفية انتخاب رئيس الإقليم ومحاولة حركة التغيير الخروج عن التوافق وفرض أجندة خارجية واستغلال البرلمان لذلك .
فبعد سقوط الموصل بيد داعش الإرهابي عام 2014 تغيرت المعطيات في الشرق الأوسط ووضعت خارطة جديدة للشرق الأوسط خاصة بعد عودة كركوك والمناطق المتنازع عليها إلى سيطرة حكومة إقليم كوردستان إعلان رئيس الإقليم من إن المنطقة ستجري استفتاء وخاصة في المناطق المتنازع عليها وتقرير مصير الشعب وهذه ما جعل الديمقراطي الكوردستاني يتنازل عن حق الانتخابي وارتأت إلى إن يكون التوافق فوق كل اعتبار وتوحيد البيت الكوردي كل ذلك من اجل الاستقلال ناهيك من إن الأحزاب الكوردية متفقة على حتمية الدولة الكوردية في المستقبل ففي السابع من يونيو الماضي عقد رئيس الإقليم اجتماعا مع قادة الأحزاب السياسية في الإقليم والتي شهدت مقاطعة حركة التغيير والجماعة الإسلامية وتم فيها تحديد إل 25 من سبتمبر القادم موعداً لإجراء الاستفتاء على استقلال كوردستان وتعزو حركة التغيير المقاطعة بوجوب تفعيل البرلمان المعطل وعودة وزراءها دون شرط وقيود ، وهو ما حصل بالضبط فقد اسقط الحزب الديمقراطي الكوردستاني كل الشروط التي كان يصر عليها خلال العامين الماضيين ، لتفعيل البرلمان ومن اجل منح الشرعية البرلمانية للاستفتاء وضمان دعم جزء مهم من أهالي السليمانية وكركوك فهل ستسقط حركة التغيير ومن معاها شروطهم لدعم الاستفتاء بما في ذلك المطالبة في تغير النظام السياسي من شبه رئاسي إلى برلماني وتعديل قانون رئاسة الإقليم الذي كان السبب الرئيسي في الخلاف بينهم أما هل ستبقى تغرد خارج السرب واللجوء إلى دفع الشارع الكوردستاني إلى المقاطعة عليهم إن يدركُ إن هذا الانجاز هو واجب وطني وقومي قبل إن يكون سياسي أو حزبي ومتعلق بمصير الأمة أكملها .
يأتي ذلك بعد تأكيد القيادة الكوردية على إن الاستفتاء سيجري في وقته من دون رجعة ولا تأجيل له وهو ما كان قد أكد عليه رئيس وزراء الإقليم نيجيرفان البارزاني في حديث لصحيفة إنكلوايرر في 25 من آذار المنصرم على إن الإقليم سيجري هذا العام دون تأجيل الاستفتاء وتقرير المصير لافتاً إلى إن يبقى شيئا تحت اسم " عراق موحد " لا وجود له وقال أن النتيجة لا تعني الشروع في الاستقلال على الفور ولكن أذا أعطى المواطنون التفويض سنمضي به وسيشاهد المجتمع ماذا يريد مواطنو كوردستان .