قضيةُ رأيّ عام
عبدالزهرة الطالقاني
أصبحت قضية حجب رواتب الرعاية الإجتماعية عن عدد من المواطنين قضية رأي عام بعد أن تناولها الإعلام بشكل مكثف، وكل حسب توجهاته وآلياته واهوائه. ففي حين أعلنت الوزارة المعنية أن هناك عملية إصلاح شاملة للرعاية الإجتماعية، وإن إجراءات الوزارة الحالية هي لضبط انسيابية الاعانة لمستحقيها فقط ، لأن هناك متطفلون من قطاعات مختلفة يستلمون هذه الرواتب تجاوزا ودون وجه حق ، وهناك عمليات فساد واضحة في الآلية القديمة لتقديم المعونة .
قلنا أن بعض الإعلام إستغل هذه الحالة وهذه الاجراءات ليسوق تقارير ورسائل سلبية حاولت النيل من الوزارة والوزير والحكومة نفسها ، متعكزا على معاناة الفقراء، دون تقصي الحقائق وإستقاء المعلومات من مصادرها ، وبناء القصة الخبرية بما يتطابق ويتوافق مع الواقع ، وهذه ليست المرة الأولى التي تتبعها بعض وسائل الإعلام فهي حسب الظاهر تعيش على الأزمات وتسويقها دون الإهتمام بنتائجها ، أو قد تكون معنية بنتائجها فعلاً فهي مسخرة لذلك .
المهم ان الموضوع وحسب ما صرح به وزير العمل والشؤون الإجتماعية المهندس محمد شياع السوداني، بأن هناك مجموعة إجراءات إتخذتها الوزارة للحد من الفساد وبناء قاعدة معلومات صحيحة وإيصال المعونة والرواتب إلى مستحقيها، وليس إلى فئة الحواسم التي طالت رواتب الفقراء .. فهناك حسب مصادر الوزارة موظفين ومتقاعدين وميسورين ومقاولين يتقاضون راتب الرعاية الإجتماعية ، بل الادهى من هذا ، ان بعض هذه الاموال تذهب الى تمويل الارهاب في مناطق معينة ، بينما حُرمت منها فئات مستحقة لها فعلاً ، الوزارة نظمت إستمارة خاصة بالمستحقين ونشرتها على موقعها الألكتروني لغرض ملئها من قبل المواطنين وفعلاً وصلت الوزارة مليون و(16) ألف إستمارة مملوءة وهذا العدد قابل للزيادة في الأيام التالية.
أُتهمت الوزارة بأنها قطعت رواتب الفقراء ،في حين أنها منعت صرف رواتب بدون وجه حق بلغت قيمتها (120) مليار دينار سنوياً ، وقامت مؤخراً بشمول (93) ألف أسرة براتب الرعاية الإجتماعية .. وعندما نقول أسرة ،فمعنى ذلك أربعة رواتب، وليس راتبا واحدا إذا إفترضنا أن معدل أفراد الأسرة (4) اشخاص فقط، كما أن العمل جار لشمول (175) ألف أسرة خلال شهر كانون ثاني الجاري .
الوزير الفقير الذي لم يكن برجوازياً يوما، ولم يكن فاسدا حسب شهادة الجميع ،كان ضحية هجمة في غير محلها ،انما هو من هذه الطبقة الشعبية يتلمس معاناة الفقراء والمعدمين الذين يستحقون وقوف الدولة معهم، طمأن المشمولين فعلاً بأن "لا خوف عليهم ولا هم يحزنون" فرواتبهم موجودة وتصرف بأثر رجعي .وأن قطع رواتب غير المستحقين سيعزز قدرة الوزارة لشمول أسر أخرى تستحقها فعلاً .برامج الرعاية الإجتماعية لا تقتصر فقط على رواتب الأسر بل هناك قروض ميسرة للمشاريع الصغيرة وفرص تدريبية على المهن من شأنها زيادة قدرات العاطلين عن العمل من أجل توفير فرصة تشغيلية .وهذه البرامج تنفذ برعاية دولية منها الأمم المتحدة واليونسكو والبنك الدولي ،وهناك جهات رقابية لتقييم عمل الوزارة .لكن الإعلام الأسود يحاول أن يخلق أجواءً من القلق وعدم الإستقرار ،دون أن يسعى للوصول إلى الحقيقة