فعلا ما قلت يا سيد بارزاني
علي حسين فيلي
علي حسين فيلي/ قد يتساءل البعض، هل من الممكن ان يكون لمذهب معين عامل توحيد للشعب الكوردي؟ بلا شك الإجابة ستكون سريعة وواضحة “لا يمكن ذلك”، فمن المستحيلات ان يتقولب الشعب الكوردي المعروف بتنوع اديانه ومعتقداته بمذهب او طائفة معينة، فالمذهب لن يمنحك الوحدة او يحقق نضالك. فكلما اقتربت من مذهب او معقتد اعدائك او السلطة الحاكمة مثلا كل ما ازداد تضررك ومشاكلك، كما حصل للكورد مع حقب الفرس والعثمانيين او حتى التيارات العربية المتعاقبة، فالتجارب الماضية والحاضرة مرة، ومن غير المنطقي ان يكون الظالم والمظلوم يصبوان لقبلة واحدة.
رئيس حكومة إقليم كوردستان السيد نيجرفان بارزاني تحدث خلال مؤتمر للتعايش الديني باربيل بصراحة عن استغلال منابر المساجد من قبل القبضة المذهبية او الحزبية السياسية الدينية وما لذلك من تأثيرات سلبية جمة، كون مستقبل كوردستان منحصر بالتعايش السلمي، وبخلافه فنضال عقود سيصبح هباءً منثوراً يتمزق به الشعب الكوردي، كون المذهبية الطائفية عمرها لم تكن عامل وحدة.
من الواضح طيلة تاريخ نضال شعبنا لم يكن للمذهب أي دور يذكر، بل اصل شرارة أي ثورة ارتكز على عدة عوامل مختلفة من ضمنها اللغة فهي الهوية الجامعة والسبيل لتحقيق الأهداف المشروعة ولم يمنع ذلك وجود رواد متدينين للحركات الكوردية.
الوضع الكوردي لا يختلف كثيرا عن التجربة الفرنسية، فبعد الثورة الفرنسية أصبحت اللغة نواة كل شيء والعنصر الأساس لتشكيل الهوية الوطنية وبنيتها، واستثمر متصدو الثورة لذلك لاسيما بعد الانفكاك من قبضة الكنيسة فقد احتاجوا الى تعريف رئيس لهم فكانت اللغة هي السبيل الوحيد والجامع.
نحن الكورد لا بد الا نخاف من اللغة، فكم تعرضنا لخسائر وتقلبات، إلا اننا حافظنا على هويتنا الكوردية، وبالتأكيد مرتكز ذلك لم يكن لمذهب او دين معين، فأكاد اجزم ان التمسك بالمذهبية الطائفية سلبياته لا تقل عن مآسي التشريد والجينوسايد، فنحن الكورد معرفنا الرئيس لغتنا، ثقافتنا، وحدتنا، تعايشنا السلمي، فيجب بها إيلاء اهتمام لصياغة لغة مشتركة لهذه الامة ونجعلها أولوية كل شيء، ونستطيع ان نتساءل وفق تجارب القرون الأخيرة هل التعصبية المذهبية هي من شكلت اكثر من 200 دولة في العالم متعددة التوجهات ام مشتركات الهوية؟ وكم من تلك الدول مرتكزة اليوم على المعتقد الأحادي وشعبها او وضعها يتصدر مقياس السعادة؟ لكم الإجابة.