إعادة هيكلة النظام السياسي في العراق
شوان زنكَنة
أشمُّ رائحةَ " هيكلةٍ " للنظام السياسي في العراق على غِرار ما جرى في سوريا، أقصد: تحريكَ قواتٍ مُسلّحةٍ، كانت تمارسُ أنشطةً "إرهابية"، في نظر الغرب، من قِبَلِ تركيا، وبرعايةٍ ومباركةٍ وتَبييضٍ أمريكي، لاكتساحِ كافة الميليشيات الولائية، ومَن يدعمُهم من السياسيين الشيعة والسنّة، مع كافة عناصر الحرس الثوري، وتصفيةِ وجودهم، وإسقاطِ السلطة في بغداد، وتأسيسِ إدارةِ عملياتٍ عسكريةٍ لنقل السلطة إلى حكومة قادمة، بعد انتخاباتٍ مُستقلّةٍ، خارج الهيمنة الإيرانية، ضمن النظام السياسي الذي خطّطت له الجهاتُ نفسُها التي خطّطت لتأسيس النظام السياسي في سوريا.
ويبدو أنّ الحرسَ الثوري، وقيادةَ الحشد الشعبي، ورئيسَ الوزراء العراقي، وبعضَ الشخصيات القيادية الشيعية والسنّية، تدركُ خطورةَ الموقف، وتَترقّبُ الأمرَ، بل وتتّخذُ التدابيرَ اللازمة لِصدِّ هذا التحرُّكِ، لذلك، تُصرُّ هذه الجهات على عدم حلِّ الحشد الشعبي، بل وتسعى لِرصِّ الصفوف، وإفشالِ هذا المخطّط، الذي من المُزمعِ تنفيذه قريبا جدا.
وتخشى هذه الجهاتُ من أن يكون التحرّكُ باتجاه العراق من داخل سوريا، وبدعم من هيئة تحرير الشام، لذلك تمّ إرسالُ رئيس المخابرات العراقية إلى أحمد الشرع (الجولاني سابقا)، والتأكّدُ من النوايا، وواقعِ الحالِ.. إلا أنني أعتقد أن التحرّك لن يكون من داخل سوريا، بل من داخل العراق، ومن عدّة مناطق مُحدَّدةٍ، في آن واحد.
وكنتُ قد كتبتُ مقالا بعنوان "العراق في أزمة.. تنتهي بصدمة"، بتأريخ 27 / 8 / 2024، واصفًا تَوقُّعي لواقع الحال في عراق اليوم، إذ ذكرتُ فيه الآتي: "ولكن.. ومع أولِ شرارةِ تغييرٍ في المنطقة، أو العالم، التي ستَندلِعُ، لا مَحالة، أو مع أول سقوطٍ حُرٍّ لأحدِ أركان الطُّغمة السياسية الحاكمة، ولأي سبب كان، أو مع دخول النظام الإيراني في وضعٍ جديدٍ، يُحدَّدُ فيه دورُه الإقليمي، ستأتي الصَّدْمَةُ التي تُعالجُ أزمةَ العراق.
سينهارُ البلدُ، وتسقطُ الدوائرُ الحكومية، وينفلتُ الأمنُ، ويخرجُ أفرادُ الشعب إلى الشوارع بحثا عن رجالات (النظام السابق!)، لِيَصُبُّوا فيهم جامَ غضبِهم، ويُطفِؤُوا نارَ قلوبِهم، فيُمارِسون مع مَنْ يقعُ منهم في أيديهم شتّى أنواع القتل والسّحل والتعذيب، ويَتمُّ الاستيلاءُ على أموالهم وممتلكاتهم، ناهيك عن نهبِ دوائر الدولة، والممتلكات العامة.
هذه الصدمةُ، ستخلُقُ نظاما جديدا، خاليا من أركان ومُخلَّفات الاحتلال ما بعد 2003م، بوجوهٍ جديدة، ووضعٍ جديد.. ولا يمكنُ، اليومَ، وصفُ الوضع الجديد القادم، لأنه يعتمدُ على سبب، أو أسباب انهيار البلد، فقد يستمرُّ العراقُ مُوحَّدا، بوجهٍ جديد، أو مُقسَّما بوجوهٍ جديدة، كما قد يكونُ الوضعُ القادمُ بدايةً لنهايةِ الأزمةِ العراقيةِ، أو يكونُ بدايةً لتغييرٍ غيرِ جَوهَريٍّ فيها، وكلُّ ذلك يعتمدُ على ماهيّةِ الوجوهِ الجديدة، وكفاءتِها،ونزاهتِها".
وما علينا إلّا الانتظار، قليلا، لحين فَوحان رائحةِ الهَيكلةِ التيشَمَمْتُها، والذي أعتقد أنه سيبدأ مع إدارة ترامب الجديدة، التي يَعقِدُ النظامُ الإيراني الآمالَ عليها، كفرصةٍ أخيرة للسلام، والحفظِ من الانهيار.