طالبان في أفغانستان والارهاب في الهند
د. معراج الندوي
إن سيطرة طالبان على السلطة، لقد أثارت العديد من التساؤلات عن مصير أفغانستان، منها هل تصبح مركز الإرهاب في العالم، هذه التساؤلات ترافقت مع العديد من المواقف الدولية التي تمايزت بين القبول والترحيب والاستعداد للتعاون مع سُلطة طالبان الجديدة.
إن أفغانستان بحاجة إلى تسوية سياسية من خلال المفاوضات في المستقبل، كما شاهد العالم أن سيطرة طالبان على كابول لم تتسبب في إراقة دماء، وأن الوضع الداخلي في أفغانستان سيستقر مع عودة الحياة إلى طبيعتها تدريجيا، وأنه يتعين على جميع الأطراف أن تدعم طالبان في تنفيذ تعهداتها وحماية حقوق ومصالح الشعب الأفغاني.
ومن جانب، أعلن المتحدث باسم حركة طالبان ذبيح الله مجاهد أن الحركة ملتزمة بجميع التعهدات التي قدمتها وأنها لا تريد استمرار الحرب في أفغانستان كما ستعمل الحركة على وضع نظام إسلامي شامل في البلاد. وقال مجاهد في مؤتمر صحافي من العاصمة كابول، إن تأمين المواطنين الأفغان والبعثات الدبلوماسية أولوية، كما نعمل على تأمين المقرات الحكومية والمطارات، ونأمل من المجتمع الدولي أن يعاملنا بشكل مناسب".
في أول مؤتمر صحفي لها منذ سيطرتها على أفغانستان، الثلاثاء، فقد أجاب مجاهد على مجموعة كبيرة من أسئلة المراسلين في المؤتمر الصحفي التاريخي، الذي قال فيه أن حقوق المرأة ستُحترم "في إطار الشريعة الإسلامية، ويشير هذا البيان إلى بأن حركة طالبان حريصة على عدم الوقوع في الأخطاء السابقة، خصوصًا من ناحية نظام الحُكم، ومن المؤكد هي ملتزمة بأمور الإمارة وتطبيق أحكام الشريعة لكن ستكون أكثر اعتدالًا في تطبيق بعض الأحكام.
وتقول طالبان إنهم ليسوا حزبا مثل الأحزاب الأخرى فلا يهتمون بالنظام الإداري التنظيمي، بل يريدون أن يخدموا الشعب كله عن طريق تفعيل الدوائر الحكومية. وترفض طالبان استعمال لفظ الديمقراطية، لأنها "تمنح حق التشريع للشعب وليس لله". ولا ترى الحركة أهمية لوضع دستور أو لائحة لتنظيم شؤون الدولة، وترى أن القرآن والسنة هما دستور الدولة الإسلامية.
وفي حين بدأت روسيا والصين وإيران التحدث مع طالبان منذ سنوات، لتكون أكثر قدرة على معالجة مخاوفهم مباشرة مع الجماعة إذا عادت إلى السلطة، تمسكت الهند بمعارضتها للجماعة ووقفت إلى جانب حلفائها في الحكومة الأفغانية.
اليوم تتصارع كل من إيران والصين وباكستان وروسيا لتعزيز نفوذها مع طالبان، في هذا السياق أن سكوت الهند سيظل دورها المستقبلي في أفغانستان غير مؤكد، ولو أنها قد تكون اللاعب الإقليمي إذ استثمرت الهند أكثر من 3 مليارات دولار في أفغانستان.
إن هناك خوفا ملموسا في الهند بعد عودة طالبان إلى السلطة قد تعني عودة الجماعات الأخرى التي لها تاريخ في مهاجمة الهند، ولو أوضحت طالبان أنها لن تتدخل في كشمير، وكانت الحركة على علم بأن الهند كانت تقدّم الدعم العسكري لنظام أشرف غني، وحذرتها طالبة منها البقاء على الحياد.
ولا يكون خيارا حسنا للهند أن تجاهل طالبان إذ أصبحت القوة السياسية المهيمنة، ومن الأفضل للهند تحقيق توازن دبلوماسي. اليوم تختلف عما كانت عليه في عام 1996م، والهند وهي أكبر ديمقراطية في العالم لا تستطيع أن تنعزل عن طالبان ولا تتحمل أن تكون لها عدوا جديدا في جيرانها.
الدكتور معراج أحمد معراج الندوي
الأستاذ المساعد، قسم اللغة العربية وآدابها
جامعة عالية، كولكاتا - الهند