شجاعة "مفقودة" علاجها "الكي"
سام محمود
ضربة تلو الأخرى، تلقاها رئيس الحكومة منتهية الصلاحية محمد شياع السوداني، منذ إجراء الانتخابات التشريعية، والكشف عن نواياه بالحصول على ولاية ثانية، وهذه "الهزات القوية" التي عصفت بالسوداني، رغم أنها ربما تكشف عن "منافسة غير شريفة"، إلا أنها في ذات الوقت كشفت عن حقائق كثيرة.
لجأ السوداني، وضمن خطته للبقاء في كرسيه، إلى أفعال عديدة ليست بمصلحته كرجل دولة وسياسة، وتمسك بـ"الخارج" ودخل بعداء مع "الداخل"، في خطوات عول بها على العامل الدولي لحسم المنصب مجددا له، متناسيا تأثير القرار المحلي بهذه الصناعة الصعبة.
وما إن بدأ السوداني حملته الدعائية للانتخابات بكيل التهم لمن كان سنده سابقا، وهو نوري المالكي، وكان السوداني يسير بجانبه أشبه بالحماية وحائط صد للهجمات، حتى توالت عليه الضربات دون استراحة، حتى تحول لما يشبه "كيس الملاكمة" أثناء تدريب رياضي.
هنا، بات السوداني بين "نارين"، الأولى التقرب من الولايات المتحدة ومحورها الاقليمي، والثاني محاولة كسب قبول قوى الإطار والفصائل المسلحة، رغم انه يعمل ضد هذه الفصائل، استجابة للرغبة الأميركية، الأمر الذي أجبره على استخدام "وجهين" بطريقة او بأخرى.
وفي حالة السوداني، الذي بقي يحافظ على خطاب "شبه معتدل" مع الفصائل المسلحة وقوى الإطار المقربة منها، ويعمل "ضمنا" ضدها، فإنه لم حكم على نفسه بـ"الموت البطيء"، لأن ما يجري الكشف عنه بشكل مستمر من قرارات وخفايا، كشفت وجهه الحقيقي دون ان يمتلك أي رد حقيقي.
ما يجري، يكشف عن حقيقة ثابتة، وهي عدم امتلاك السوداني لـ"الشجاعة" الكافية لاعلان موقفه الصريح من كل ما يجري، ولا سيما وهو القائد العام للقوات المسلحة، وبإمكانه إصدار أي قرار يراه مناسبا للحالة العراقية، سواء كان صحيحا أو خاطئا.
اعتماد سياسة "الخد والعين" لا تليق بهذا المنصب الكبير، ورئيس أعلى سلطة تنفيذية بالبلاد، ومصيرها، وكما يجري الآن، هو "الكشف" والخروج بـ"فضيحة"، فالتراجع عن قرار هام مثل الذي صدر بشأن تصنيف حزب الله وجماعة أنصار الله "الحوثيين" كجهات إرهابية، لا يعني سوى "قلة شجاعة"، وهذا لا يمكن ان يكون من صفات القائد العام للقوات المسلحة.
وبعد تجربة السوداني، يصبح لزاما أن تكون الرؤية العراقية هي السائدة، وهناك سياسة ثابتة للتعامل مع مكونات البلد وأزماته، دون تركها مفتوحة أمام أهواء رئيس الحكومة ويمكن أن يحركها كما تشاء مصالحه الخاصة، كما يجب تحديد هويته بخصوص "المقاومة"، التي باتت تشكل الخطر الأكبر، وأنعكس خطرها وتأثيرها على شخصية رئيس الحكومة وقراراته.
اليوم، باتت الحقيقة تكشف شيئا فشيئا، سواء عبر المنافسين أو بطريقة أخرى، فكل شيء بات واضحا ما يتطلب حلولا جذرية للحد من تخبط صاحب القرار، والحد من تحويل شخصية رئيس الحكومة إلى "باحث عن منافع" غير آبه ببلده، وهو ما ثبتت صحته على السوداني، وكما قلنا "بطريقة أو بأخرى"!.