زيارة متاخرة وفي الوقت الضائع

زيارة متاخرة وفي الوقت الضائع

خالد الدبوني

2020-09-05T04:43:00+00:00

زيارة الرئيس الفرنسي (وهي الاولى لرئيس أجنبي في زمن الكاظمي  ) اخذت صدى اعلامي ربما اكبر من استحقاقها.

فالرئيس الفرنسي جاء باعتقادي  لمناقشة موضوع "الفرنسيون الدواعش"، كاسبقية اولى في اجندته  ثم البحث عن  صفقات تجارية مع العراق.

ويبدو "هناك محاولات لتخفيف الأحكام على الفرنسيين الذين انضموا إلى تنظيم داعش وحكم عليهم بالإعدام".

وهو، تناول موضوع الفرنسيين المحتجزين في السجون العراقية خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده في أعقاب ختام زيارته لبيروت.

اما الاسبقيات  الاضافية للزيارة فيمكن أن نستدل عليها من خلال  تصريحات وزير الداخلية الفرنسي بشأن الإرهاب، وتصريحات ماكرون في لبنان بشأن سلاح حزب الله، والتي كانت تميل بوضوح لصالح ايران ضد امريكا .!ثم لقاء ماكرون  بمندوب عن حزب الله وتصريحه ان الحزب جاء للسلطة باصوات الشعب مما يعني ان فرنسا تحاول اللعب (ومعها اغلب  أوربا )خارج المحور الامريكي وربما زيارة بغداد لنفس الغرض . مع تصريحه بعبارة لم ينتبه لها الجميع وهي (الارهاب ذو الجذور السنية )!!وهو بذلك قطع الشك باليقين.

بالتاكيد فرنسا ايضا تطمع ببعض الصفقات التجارية وخصوصا المفاعل النووي السلمي الذي يظن الفرنسيون ان الوقت قد حان الاغراء بغداد ببنائه

كل هذا يسير باتجاه واحد بعيدا عن المحور الامريكي وبالتالي قريب من المحور الشرقي الصين ،ايران ،تركيا بل و ربما حتى روسيا ..

.فرنسا وايران لها علاقات جيده وتاريخية منذ أيام الخميني وكذلك تخادم المصالح موجود مع الصين .المشكلة تكمن في الامبراطور العثماني وكيفية الموازنة مع التدخلات التركية في شمال العراق ،سوريا وليبيا التي تعتبر منجم الموارد الفرنسي .  وماكرون يحتاج الى تدخله في المنطقه لتصفيه الاجواء ولمحاوله تغيير نوع العلاقات العراقيه التركيه ..

وهنا المفارقة !

كيف يمكن ان تتفق فرنسا مع محور الشرق وتركيا تفرض نفسها في البحر المتوسط؟؟ في هذا يحتاج الى جهد كبير جدا من أجل اقناع ايران و روسيا في التخلي عن الشريك التركي او التوافق معه وفق معادلة سياسية جديدة .

العراق سيبقى  مركز الصراع الغير قابل للاستقرار تبعا لمد وجزر هذا الصراع .اما بالنسبة لقادتنا السياسيين ،فان مشهد العشاء الاخير للرئيس برهم صالح  بحضور الضيف الفرنسي ومعه ملوك الطوائف كان يشير بوضوح لتشتت بل وانعدام القرار العراقي الموحد

واذا ما ربطنا هذه الزيارة بزيارة وزيرة الدفاع  فلورانس بارلي وسبقهما وزير الخارجية جان ايف لودريان .فان الرؤية الفرنسية الواضحة هي العودة إلى ايام مفاعل تموز وطائرات الميراج وباقي الأسلحة والدور الفرنسي الذي كان حاضرا بقوة في سبعينيات القرن الماضي ،ولكن هل بامكان فرنسا( بعد غياب طويل عن بغداد) بممارسة نفس الدور والتأثير؟؟

 لا احد يعتقد بذلك ،على الأقل في الجانب العراقي فقد اختلفت الصورة تماما ونسي الجميع تلك الحقبة السابقة ولا يوجد الان في بغداد من يهتم لفرنسا وأوروبا، لان التجربة أثبتت أن الاتحاد الأوربي والصين لا يمكن لهما الدخول في معقل العم سام وأبو ناجي الا بقدر ما تسمح به هذه الدولتين.

خلاصة الحديث ماكرون جاء متاخر كثيرا الى ملعب المباراة وفي الوقت الضائع ولا اعتقد  هناك متسع من المكان والزمان يسمح به الأخرون .



Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon