زحام بين العراق وإيران.. قاآني في بغداد والسوداني إلى طهران
محمد رؤوف محمد
استنادًا إلى المعلومات والأخبار وتحليل الأحداث، يبدو أن الوقت يضيق أمام كل من إيران والعراق، وهو ما يفسر كثافة النشاط الدبلوماسي والاجتماعات المتواصلة بين الطرفين.
في العراق، قادة الحشد الشعبي قلّلوا من ظهورهم العلني إلى حد كبير، وأصبحوا أكثر تحفظًا في تصريحاتهم، خاصة فيما يتعلق بالأحداث السورية. عوضًا عن ذلك، يُكثرون الحديث عن تهديد عودة تنظيم داعش، في محاولة لتبرير استمرار وجودهم، مع ترقبهم لموقف إيراني أكثر مرونة يُجنبهم ضغوطًا إضافية.
إيران: الحسابات السياسية والبحث عن حلول
تسعى إيران لإيجاد حلول سياسية قبل أن يبدأ ترامب ولاية رئاسية جديدة، مما قد يُعقد الموقف الإيراني في ظل سياسته العدائية السابقة تجاه طهران.
أبدت إيران استعدادها لاستئناف المفاوضات حول برنامجها النووي، بينما اتسم موقفها تجاه سوريا ونظام بشار الأسد بالغموض والبرود.
أوقفت طهران تهديداتها المعتادة، وركّزت على خطاب السلام وتحسين الظروف المعيشية للإيرانيين.
رئيس الجمهورية الإيراني، من خلال تصريحاته ومقالاته، يبدو أنه يُحاول إيصال رسالة إلى المرشد الأعلى خامنئي بأن الوقت قد حان لتغيير مسار السلطة، والانتقال نحو حكومة مدنية. ويرى أن استمرار السيطرة الأمنية والعسكرية للحرس الثوري قد يؤدي إلى نتائج كارثية على استقرار البلاد ووحدتها.
السؤال الذي يطرح نفسه:لماذا وصل إسماعيل قاآني إلى بغداد قبل زيارة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى طهران؟
اولا: الاستماع للسوداني والحكومة العراقية عن كثب بشأن الاحداث الساخنة المتواترة في الداخل العراقي والسوري ومناقشة الاحتمالات لكي يعود باخر الملاحظات والمواقف والرؤى
زيارة قاآني إلى بغداد: الرسائل والدلالات
قاآني يسعى للاستماع عن قرب إلى وجهة نظر رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني والحكومة العراقية حول التطورات المتسارعة في العراق وسوريا. هذه النقاشات تهدف إلى جمع الملاحظات والرؤى العراقية، بما فيها موقف المرجعية الدينية، ليعود بها إلى المرشد الإيراني علي خامنئي.
اجتماع مع قادة الحشد:
التقى قاآني بقادة الحشد الشعبي لاستطلاع آرائهم ومواقفهم تجاه الأحداث الجارية ومصيرهم في المرحلة القادمة. الهدف هو استكشاف إمكانية دمج الحشد الشعبي ضمن الجيش العراقي الرسمي أو حله كهيئة عسكرية مستقلة لتخفيف الضغوط الإقليمية والدولية على العراق وإيران.
خلال الزيارة، أكد قاآني على أن إيران تواجه تحديات معقدة على مستويات متعددة، وأن هناك حاجة ماسة لتنسيق الجهود بين العراق وإيران لتجاوز هذه المرحلة المليئة بالأزمات. ودعا الطرفين إلى الاستعداد لتقديم "تضحيات مناسبة" لتحقيق استقرار مشترك.
رسالة حسن نية:
من المتوقع أن يحمل السوداني والحشد رسالة من إيران إلى واشنطن وحلفائها، تعكس نوايا إيرانية حسنة، في محاولة لتخفيف حدة التوترات الإقليمية والدولية.
وقبل مغادرة بغداد، قد يصرح قاآني بأن إيران قادرة على الدفاع عن نفسها والرد على أي تهديد، لكنها ترى أن استقرار المنطقة يتطلب تعايش شعوبها بسلام واستقلال بعيدًا عن التدخلات الأجنبية. وتشير هذه الرسالة إلى احتمال تخلي إيران عن سياسات الحرب وتصدير الثورة واستخدام القوى الولائية.
هذه الزيارة قد تكون الأخيرة لقاآني إلى بغداد، حيث مهد الطريق أمام السوداني لزيارة طهران. الهدف الأساسي للسوداني هو الحصول على موافقة خامنئي لإطلاق يده في التعامل مع ملف الحشد الشعبي وفق المصالح العليا للعراق، مع الحفاظ على السلطة الشيعية المطلقة.
التحديات والخيارات:
إذا لم تضحي إيران وتُصر على الإبقاء على القوى المسلحة الولائية، فإن العراق سيجد نفسه أمام خيارات صعبة. كيف سيكون موقف الحكومة العراقية؟ وهل ستتحرك الولايات المتحدة لدعم استقلال القرار العراقي؟
الخيار الأول: التماشي مع الواقع الحاليأن يبلغ العراق الولايات المتحدة بأنه غير قادر على حل القوات الولائية، وبالتالي يستمر الوضع الراهن مع تفادي المواجهة المباشرة مع إيران والمجموعات الموالية لها.
الخيار الثاني: اتخاذ خطوة جريئةأن يتخذ العراق قرارًا أحادي الجانب بحل القوات الولائية، مما قد يؤدي إلى مواجهة عسكرية قصيرة المدى مع هذه المجموعات، مع احتمال محاولة انقلاب من قبل العناصر الولائية العسكرية والسياسية.
الخيار الثالث: الاستسلام للضغوط الإيرانيةأن يتجنب العراق مواجهة إيران والقوات الولائية، ويتجنب أيضاً التهديدات الإسرائيلية، متقبلًا الوضع كما هو خشية تفاقم الأزمات الداخلية.
ردود فعل الولايات المتحدة وإسرائيل:
من غير المستبعد أن تلجأ إسرائيل إلى توجيه ضربات مباشرة ضد القوات الولائية لتحييدها، بما في ذلك استهداف قيادات الحشد الشعبي.
والولايات المتحدة قد تعود إلى فرض حصار اقتصادي على العراق، بما في ذلك قطع الدولار وإثارة أزمة مالية قد تؤدي إلى انهيار اقتصادي سريع.
وقد تدعم واشنطن أو أطراف أخرى مشروع إقامة إقليم سني مسلح، مما يهدد بعودة الصراعات الطائفية إلى الساحة.
قد يتم استغلال الخلافات بين القوى الشيعية لإثارة نزاع داخلي يؤدي إلى إسقاط الحكومة وخلق أزمة سياسية واجتماعية خانقة.
النتائج المحتملة:على الرغم من أن الولايات المتحدة لا ترغب في عودة العراق إلى نقطة الصفر، إلا أن استمرار نفوذ إيران والقوات الولائية قد يدفع واشنطن إلى اللجوء إلى خيارات سيئة لإضعاف هذا النفوذ.