رسالة من تحت الرماد
حسن شنگالي
قبل خمسة أعوام وفي مثل هذه الأيام العصيبة هاجمت عصابات داعش الإجرامية المدن والقصبات التي كانت مهيأة سلفاَ لإستقبال الفكر المتطرف نتيجة لنشاط بعض الخلايا النائمة في تلك المناطق وأخص بالذكر مدينتي الحبيبة شنكال مهد التعايش السلمي بمختلف الملل والنحلل والقوميات والطوائف والمذاهب وكأنها تعكس صورة رائعة لعراق مصغر بتآلف مكونات المجتمع منذ آلاف السنين , لتتحول المدينة في سويعات الى مدينة أشباح بعد أن هجرها أهلها الطيبين تاركين وراءهم متاع الدنيا وملذاتها ليعيشوا في مدن وقصبات إقليم كوردستان بعد أن فتحت القلوب قبل الأبواب لتحتضن النازحين دون تمييز وتهيىء لهم كل متطلبات المعيشة الكريمة في الوقت الذي بدأت عصابات داعش تسرح وتمرح فيها بالإضافة الى كل من هب ودب ليمزقوا الجسد الشنكالي ويبثوا روح الفرقة والعداوة والبغضاء بين سكانها بحجج ما أنزل الله بها من سلطان وبسلوكيات وممارسات غريبة على المجتمع الشنكالي , وأهل شنكال لا زالوا متمسكين بعاداتهم الإجتماعية أينما حلو ومهما حصل ولم يتأثروا بما كانت داعش تدس بينهم سموم التفرقة ليتماسكوا أكثرولم ينسوا ذكريات الصبا في المدينة التي ترعرعوا فيها ليتواصلوا مع الأخبار بشكل يومي وما حل بالمدينة حتى دنت ساعة الصفر من وعد الزعيم مسعود البارزاني بتحريرها من براثن الإرهابيين ليفي بوعده عندما زار جبل شنكال يوم الأحد 21/12/2014.
سيبقى الفكر الإرهابي يحاول النيل من شنكال وباقي المناطق الأخرى بشتى أساليب العداء وفي مسلسل لا نهاية له وفي حلقاته الأخيرة قامت عصابات داعش الإجرامية بحرق المحاصيل الزراعية في سابقة خطيرة وبطرق خبيثة لم تخطر على البال والتي آن حصادها بعد أشهر من إنتظار جنيها ليعوض الفلاحين خسائرهم وما فاتهم من سنوات الضياع والغربة والبعد عن الديار .
وخلال السنوات الخمس الماضية وما قبلها ومنذ أن صوت الشعب العراقي على بنود الدستور ليصبح ساري المفعول كان الزعيم مسعود البارزاني وحكومة إقليم كوردستان وجميع الكتل الكوردستانية في مجلس النواب يدعون الحكومة المركزية الى تطبيق المادة 140 من الدستور العراقي وحل المشاكل العالقة بالمناطق المتنازع عليها لتحقيق الأمن المفقود نتيجة سيطرة بعض الميليشيات المسلحة بعيدة عن أنظار وسيطرة الحكومة المركزية لكن للأسف لم تلق آذان صاغية نتيجة للنظرة الشوفينية الضيقة لدى البعض من مراهقي السياسة والذين وصلوا الى دفة الحكم بمحض الصدفة وهذه الأفعال الدنيئة التي تحدث في شنكال وباقي المناطق المتنازع عليها من حرق للمحاصيل الزراعية ما هي الّا رسالة صريحة الى بغداد للإسراع بتطبيق الدستور وإعادة قوات البيشمركة الى مواقعها السابقة لتأمين عودة النازحين الى مدنهم وقراهم وإعادة إعمار المناطق المحررة ليعم الأمن والأمان والسلام فيها وتعود الى سابق عهدها كما كانت وتحتفي شنكال بأهلها الطيبين , والكرة الآن في ملعب الحكومة العراقية لتتحمل المسؤولية الملقاة على عاتقها وتغلق ملف المناطق المتنازع عليها لتنصرف الى مهامها الأساسية لبناء وإعمار البنى التحتية التي دمرتها عصابات داعش الإجرامية وتقديم أفضل الخدمات للمواطنين .