خيارات اليمنيين: بين عدن وصنعاء

خيارات اليمنيين: بين عدن وصنعاء

علي الشمري

2022-04-12T17:26:10+00:00

لم تنحصر تأثيراتُ النزاع اليمني الدامي على المشهدين السياسي والإنساني فحسب، إنما على مختلف مناحي الحياة حدث التغيير، حتى على مستوى الكثافة السكانية اختلت الموازين بناء على تأثيرات متداخلة، إلى درجة أن صنعاء التي يسيطر عليها انصار الله الحوثيون، والتي يفترض أن تكون مركز التنوع الحضاري والثقل السكاني كونها العاصمة السياسية للبلاد منذ عقود، تحوّلت إلى مدينة مُعتمة وبيئة طاردة يعلو فيها الرأي الواحد ويسود فيها القمع والملاحقة، ويصعب فيها العيش.

على مستوى الحريات، تقدمت عدن التي تؤمنها قوات من المقاومة الجنوبية التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي خطوات إلى الأمام، وأصبحت اليوم مركز الثقل السكاني الأهم في اليمن، بعد سنوات من النزوح القسري والطوعي إليها، إذ قصدها ملايين اليمنيين إما للاستقرار فيها بعيدًا عن عصى الملاحقة الحوثية في مناطق سيطرة الحوثيين، أو بغرض التجارة والاستثمار، وحتى السياحة، فعدن اليوم هي المركز السياسي للدولة اليمنية والسلطات المعترف بها دوليًا.

ثمة الكثير من الفوارق التي امتازت بها عدن، وتقاسمها هذا الامتياز مناطق أخرى مثل مدينة المخا، ومحافظتي حضرموت وشبوة، ففي هذه المحافظات تعمل الخدمات العمومية بمستوى كبير من الانتظام، خاصة الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه؛ وهذا ما لا يتوفر في أغلب محافظات اليمن، تحديدًا في كل المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين التي جُمّدت فيها المشاريع والخدمات الحكومية لصالح مشاريع خاصة تقدم بكلفة باهضة الثمن.

يظل السؤال المُحيّر، لماذا يترك الناس مدينة مثل صنعاء ويهرعون للعيش في منطقة معزولة على الساحل الغربي مثل المخا، رغم أن صنعاء مدينة واسعة ومترامية الأطراف وبنيتها التحتية متقدمة مقارنة بالمخا التي لا تزال في طور النهوض المبكر ومشاريع الإسكان فيها محدودة وليس بوسعها استيعاب الكم الهائل من المُنتقلين للعيش فيها. والواضح أن الناس يفضلون المخا لحاجتهم إلى الأمن والاستقرار وهذا ما يميز المخا التي تسيطر عليها قوات تسمى "المقاومة الوطنية".

عديد من المدن اليمنية تلتزم حالة السكون ليلا خلال أيام شهر رمضان، رغم أن السائد في المجتمع اليمني إحياءُ ليالي رمضان في مقابل جعل النهار ملاذًا للراحة؛ ولعل مدينة عدن ضمن المدن القلائل التي لا تزال تحافظ على هذه الثقافة، فلا تكاد شوارعها وأسواقها تهدأ من زخم الحركة ونشاط البيع وكثرة الباحثين عن فرص الاستمتاع على الشواطئ والحدائق والمتنزهات.

يرجع السبب في ولوج الناس إلى بيوتهم وامتناعهم عن ممارسة طقوس الحياة في ليالي رمضان بمناطق سيطرة الحوثيين، إلى الحالة الأمنية المُقلقة هناك، فالخوف دائما من اعتراض المسلحين والعصابات السائبة، دفع الناس إلى التخلي عن احياء لياليهم واتباع المحاذير حتى لا يقعوا في مكروه؛ أما عدن وكذا المخا وحضرموت فتمتاز بالاستقرار الأمني وعدم التضييق على حريات الآخرين.

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon