خارطة طريق مقترحة للحكومة الجديدة
د.رائد الهاشمي
هناك قاعدة علمية تقول (كلما كانت المدخلات صحيحة وسليمة ومدروسة تكون المخرجات صحيحة وناجحة) والأعمال الجيدة والناجحة دائماً تعتمد على الخطوات الأولى لأنها تعبّر بشكل سليم عن الخطوات التي تليها.
الحكومة الجديدة المرتقبة لحد الآن لم تتضح معالمها فهل ستكون حكومة أغلبية وطنية كما أعلنت الكتلة الأكبر وهي الكتلة الصدرية وحلفائها أم ستكون الضغوطات السياسية والإقليمية كبيرة ونعود لحكومة المحاصصة الطائفية المقيتة, وسواء كانت بهذا الشكل او ذاك فعليها ان تعي مامطلوب منها بشكل واضح خاصة وان حظوظ الحكومة الجديدة وفرصها بالنجاح كبيرة بسبب الوفرة المالية الكبيرة التي نتجت عن الارتفاع الكبير في أسعار النفط العالمية وهذه فرصة كبيرة عليها استغلالها لوضع ورسم الخطوط السليمة للنجاح والنهوض بالاقتصاد العراقي وإعادة الامن والاستقرار للبلد وانهاء معاناة المواطن العراقي الذي عانى لسنوات طويلة وكان هو الخاسر الوحيد في هذا البلد.
على الحكومة المرتقبة أن تركز على أربع خطوات هامة جداً وتركز عليها في بداية مهامها وستكون هي مفتاح النجاح لكل الأعمال التي تتبعها.
الخطوة الأولى: هي وضع خارطة طريق للقضاء على الفساد المستشري في كل مفاصل البلد والمباشرة فوراً وبشكل جدي بتطبيق ذلك دون مجاملة وخوف من أحد والعمل على اعطاء الحرية الكاملة للقضاء العراقي ومساندته لأخذ دوره المطلوب في ذلك والمباشرة بدكّ قلاع الفساد الواحدة تلو الأخرى وكذلك تشجيع الاعلام ومنظمات الشفافية ومنظمات المجتمع المدني للمساهمة في عمليات الكشف عن الفساد لأنه بدون القضاء عليه فلن تنجح أي خطوة أخرى ولن تنجح أي عملية بناء في البلد.
الخطوة الثانية : هي المباشرة فوراً بسحب كل السلاح الذي يتواجد خارج يد الدولة سواء كان بيد الأحزاب أو الميليشيات المسلحة أو العشائر والعمل على اصدار حزمة من القوانين والتعليمات الشديدة التي تحرّم ذلك وتعتبره من الأعمال التي تهدد أمن البلد واستقراره, وعلى الحكومة أن تلغي وتعيد النظر بكل اجازات حمل السلاح التي تم منحها في الفترات السابقة لمن هبّ ودب,لأن استمرار تواجد السلاح خارج سيطرة الدولة وبهذا الشكل العشوائي يساعد على ضياع هيبة الدولة والقانون وفقدان الأمن والأمان في البلد ويؤثر بشكل كبير على نفور المستثمرين ويهدد عملية الاستثمار في البلد.
الخطوة الثالثة: وضع خطط تنموية بأنواعها الثلاثة القصيرة والمتوسطة والطويلة الأمد لإعادة إعمار القطاعات المنتجة في الاقتصاد وخاصة الصناعة والزراعة والنقل والسياحة وتخصيص مبالغ كبيرة من الموازنة العامة لتحقيق هذه الخطوة واعطاء الدور الحقيقي للقطاع الخاص للمساهمة في تحقيق ذلك والبدء بضغط الانفاق الحكومي بشكل حقيقي وعدم تأجيل الأمر أو اهماله بأية حجة لأن النهوض بهذه القطاعات تدريجياً سيساهم في رفد الموازنة بمبالغ كبيرة وسيقلل من الاعتماد على النفط في تعزيز الموازنة خاصة فيما يشهده العالم من تغيرات كبيرة فيما يخص التغير المناخي وما اتفق عليه عالمياً من توجه لتقليل استخدام النفط تدريجياً , وهذه الخطوات لو اتخذت بشكل صحيح ستؤدي الى التقليل من انتشار البطالة والفقر وستحرك الاقتصاد بشكل صحيح وسيوفر على البلد أموال كبيرة من العملة الصعبة التي تنفق لاستيراد كل شيء من خارج البلاد.
الخطوة الرابعة: هي العمل على السيطرة ووضع يد الدولة بشكل تام على كل المنافذ الحدودية للبلاد البرية والبحرية والجوية وإبعاد الأحزاب والكتل السياسية والميليشيات المهيمنة عليها والتي تسرق وارداتها جهاراً نهاراً لأن هذه المنافذ وارداتها هائلة جداً وتعادل موازنات دول ولو تم السيطرة عليها بشكل كامل من قبل الحكومة فأنا على يقين بأنها كافية لوحدها لتسديد كل ديون العراق بفترة وجيزة ويساعد الحكومة على حرية الانفاق في عملية اعادة اعمار البلد.
الخطوة الخامسة: الإسراع بحسم ملف ميناء الفاو وفك طلاسمه وحسم كل الغموض والشبهات التي تشوبه واختيار الجهات المنفذة على أساس وطني بعيداً عن جميع التدخلات الإقليمية والعالمية ووضع مصلحة العراق فوق كل المصالح ووضع توقيتات دقيقة لاكمال المشروع الذي سينهض بالاقتصاد العراقي بشكل كبير وسيوفر فرص عمل كبيرة للعاطلين وسينعش الاقتصاد العراقي بشكل ملحوظ وسيجعل العراق حلقة استراتيجية مهمة في التجارة العالمية.
ان الحكومة الجديدة لو توفرت لها النيّة الحقيقية للإصلاح ولو شرعت بتطبيق هذه الخطوات الأساسية الخمسة في بداية عملها فانها ستضمن لها النجاح في عملها وستكسب ثقة المواطن بفترة وجيزة وستتمكن من أداء جميع مهامها بشكل أمثل وستجعل المواطن العراقي يجني ثمرة هذه الأعمال من تحسن في كل جوانب حياته ولتمكنت من اعادة جزء من ثقة الشعب المفقودة بالطبقة السياسية التي تحكمه.