ثقافة الانتحار لدى الكوريين
رياض هاني بهار
وقعت حادث «انتحار» بارك شل هو، المدير التنفيذي لشركة (دايو) الكورية المنفذة لمشروع ميناء الفاو الكبير في محافظة البصرة الجنوبية ، وأثار الحادث موجة غضب واسعة وشكك كثيرون بقصة الانتحار وإذا ما كانت مدبرة حتى قبل ظهور نتائج التحقيق العدلي، وتعالت مطالبات برلمانية وشعبية بالتحقيق العاجل وكشف ملابسات الحادث، وتداول مدونون وموقع إلكترونية والفضائيات اعتبرتها مادة إعلامية لجعلها من أدوات التوتر بين الأحزاب النافذه ونشر قذارتها باتخاذ البعض لتوجيه الاتهامات الى الخصوم السياسيين وتبادل الاتهامات قبل البدء بالتحقيق الجنائي وحل محلها التحقيق السياسي ،
التراث الكوري يحفل بكثير من قصص الانتحار وشملت بعض الأدباء والفانيين والسياسيين وهي ظاهرة تغلغلت بسرعة في السنين الأخيرة بدولة كوريا الجنوبية بأكثر من ضعف المنتحرين ، ماحدى بها إلى اعتلاء الرتبة الأولى في صدارة 30 دولة من دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ، بمعدل انتحار 44 شخص يومياً والمرتبة الثالثة عالمياً.
ظاهرة الانتحار في كوريا الجنوبية استرعت اهتماماً واسعاً باعتباره مشكلة وطنية كبرى خاصة بعد انتحار العديد من المشاهير الإعلامية والرياضة والسياسية ، مما حدى الى إنشاء منظمة غير حكومية في 2003 ، تسمى "الرابطة الكورية لمنع الانتحار" والتي تتلقى دعماً من قبل الحكومة منذ عام 2005.
عام 2013 احتلت كوريا المرتبة الثانية على مستوى العالم لأكبر عدد حالات انتحار، بمعدل 28.7 شخص من كل 100 ألف شخص، وقد كان الانتحار المسبب الأول للوفيات في كوريا الجنوبية، خصوصًا للأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 10 إلى 39 سنة وذلك وفقًا لتقارير منظمة الصحة العالمية.
كشف تقرير صادر عن مجلة العلوم الطبية الكورية "جيه كيه إم إس" JKMS عام 2016 في استطلاع رأي أجراه على 200 ألف مواطن كوري فيما يخص الانتحار، أن 6768 رجلاً و12476 امرأةً لديهم أفكار انتحارية، كما أن هناك 341 من الرجال (أي نحو 4.6%) و481 امرأة (أي 3.9%) من العدد المشارك في الاستطلاع حاولوا بالفعل الانتحار من قبل مرة واحدة على الأقل .
والسؤال هو لماذا يُقْدم الكوري على التخلص من حياته بهذه السهولة ؟
بالطبع أسباب الانتحار المباشرة كثيرة ومتنوعة تختلف كثيراً عنها في الدول والبلاد الأخرى، لكن ما أريد مناقشته في هذه المقالة هو لماذا يقدم عدد أكبر من البشر في كوريا عنه في باقي بقاع العالم على الانتحار؟ لكنها ثقافة لها جذورها وتعتبر المنتحر شجاعا وبطلا يمسح عارا لحق به
في سبيل مواجهة هذه الظاهرة بدأت كوريا في توفير أشكال متنوعة من العلاج النفسي، كذلك لاحظوا أن جسر نهر الهان من أكثر الأماكن التي يحدث عندها حالات الانتحار، وهناك عدد كبير يلقي بنفسه من فوقه، فبدأوا بنشر صور عائلات وصور سعيدة لتشجيع الأشخاص على عدم القفز، كذلك نشروا الكثير من العبارات المفرحة والمشجعة فوق الجسر.
الخلاصة
استغلت الأحزاب والفئات المتناحرة على السلطة حادث انتحار الكوري ووظفت وسائل التواصل الاجتماعي والفضائيات بتسليط الضوء الأسود على الحادث بدلا من انتظار نتائج التحقيق الجنائي، ولم تسلط الضوء على ثقافة الشعب الكوري للانتحار