تعليق على تفسير المحكمة الاتحادية العراقية

تعليق على تفسير المحكمة الاتحادية العراقية

د. علي المؤمن

2022-02-04T08:10:12+00:00

حول المآلات العملية لقرار المحكمة الاتحادية العراقية، العدد 16 /إتحادية / 2022، في 3/ 2/ 2022 بشأن تفسير المادة 70/ أولاً، من دستور جمهورية العراق للعام 2005؛ سبق أن أوضحت في مقالي: (( الطاولة السداسية هي الحل))، المنشور في 2/ 12/ 2021، وكذا في مقابلة مع وكالة تودي نيوز: ((تشكيل حكومة أغلبية مستحيل بكل المعايير))، منشورة في 4/ 1/ 2022؛ ما تؤسس له المادة 70/ أولاً، من قاعدة قانونية يجب على مجلس النواب الالتزام بها عند انتخاب رئيس الجمهورية، وكذا ما يعنية تفسير المحكمة الاتحادية للمادة 76 من الدستور بشأن الكتلة الأكبر، وبيّنت المخرجات التطبيقية البديهية للمادتين وتفسيريهما، وفق أعداد المقاعد التي حصلت عليها الكتل في الإنتخابات النيابية العامة، وأوضحت بأن تشكيل حكومة أغلبية سياسية أو وطنية في ظل هذه الأعداد غير ممكن إطلاقاً، بناء على تعريف مفهوم الأغلبية.

وكنت أتصور أن المادة 70 من الدستور واضحة ولا تحتاج الى تفسير، وكذلك الأمر بالنسبة لتفسير المحكمة الاتحادية للمادة 76. ولكن جاء تفسير المحكمة الاتحادية الجديد اليوم، مهمّاً في قطع أي نزاع ممكن. وألخص هنا بعض ما ذكرته في مقالي المذكور وكذا المقابلة، من حقائق قانونية ومآلات سياسية:

1- إن انتخاب رئيس الجمهورية يحتاج الى جلسة نصابها (220) نائباً حداً أدنى، وإن انتخابه يحتاج الى (220) نائباً أيضاً، فإذا لم تتمكن الكتل النيابية من جمع (220) نائباً لعقد هذه الجلسة؛ فلا يمكن انتخاب الرئيس إطلاقاً بأي شكل آخر من الأشكال؛ إذ أن الانتقال الى الخطوة الثانية المتمثلة بانتخاب الرئيس من أغلبية النواب الحضور؛ لا يمكن إلّا بعد تنفيذ الخطوة الأولى، بل حتى انتخاب الرئيس في إطار الخطوة الثانية؛ بحاجة الى جلسة نصابها (220) عضواً أيضاً. وبالتالي؛ ليس هناك أي مخرج قانوني آخر لانتخاب الرئيس إلا بجلسة نصابها (220) نائباً حداً أدنى في كل الحالات.

2- بناء عليه؛ لا يمكن أيضاً انتخاب رئيس مجلس الوزراء؛ لأن انتخابه يتم بعد تكليفه من رئيس الجمهورية المنتخب. وبالتالي؛ فإن الحديث عن الكتلة الأكبر ورئيس الوزراء القادم، لايزال مبكراً.

3- القاعدتان القانونيتان أعلاه، تعنيان أن بإمكان (109) نواب فقط تعطيل انتخاب رئيس الجمهورية، وتعطيل تشكيل الحكومة، بل العملية السياسية برمتها. وسيبقى هذا الثلث المعطل بمثابة الوقود بالنسبة للدولة والحكومة، أي أن الثلث المعطل لو وافق الآن على انعقاد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة الآن، ثم ذهب الى المعارضة؛ فإنه سيتمكن مستقبلاً من استخدام قدرته المعطلة في أية توافقات تشريعية وسياسية قادمة.

4- إن التحالف الرباعي: الكتلة الصدرية والكردستاني وعزم وتقدم، لديه (152) نائباً، أي أنه سيكون بحاجة الى التحالف مع كتل أخرى يزيد مجموع عدد نوابها على (68) نائباً، للتمكن من عقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، وهذا يعني أنه مجبر على التحالف مع ما لايقل عن (15) كتلة أخرى ونواب مستقلين للوصول الى عدد نواب نصاب جلسة انتخاب رئيس الجمهورية.

5- إن نتاج تجميع (20) تحالفاً وكتلة للوصول الى عدد النصاب المطلوب (220 نائباً)؛ لايعد حكومة أغلبية إطلاقاً، بكل المعايير القانونية والسياسية؛ بل هي حكومة توافقية محاصصاتية، ككل الحكومات العراقية السابقة؛ لأن كل واحدة من هذه الكتل ستأخذ حصتها من مناصب الدولة؛ ما يعني أن مناصب الدولة ستتقسم على(20) كتلة، كما أن قرارات الدولة ستبقى كما هي، توافقية توازنية أيضاً.

6- إن حكومة الأغلبية السياسية، تعني في المعايير القانونية والسياسية، حصول كتلة نيابية فائزة واحدة على (220) مقعداً حداً أدنى، وهو ما يؤهلها لتشكيل الحكومة بمفردها، لكنها في حال حصلت على (180) أو (150) مقعداً مثلاً؛ فإنها ستضطر الى التحالف مع كتلة واحدة أخرى أو كتلتين أخريين؛ بهدف تشكيل حكومة أغلبية، وحينها ستكون رئاسة الحكومة وأغلب الوزارات من حصة الكتلة الفائزة الأكبر ، وتعطي لشريكها أو شريكيها عدداً قليل من الوزارات. أي أن حكومة الأغلبية تكون بين كتلة كبيرة فائزة لديها حوالي (160) مقعداً - مثلاً -، وكتلتين أخريين تمتلكان (40) و(20) مقعداً. أما ما سيحصل الآن إلزاماً، فهو توافق بين (20) كتلة، تمتلك من مقعد واحد الى (74) مقعداً، واستثناء كتلة واحدة أو اثنتين، وناتج ذلك حكومة توافقية محاصصاتية توازنية إلزاماً.

7- إن ائتلاف دولة القانون حصل في العام 2010 على (89) مقعداً وفي 2014 على (102) مقعداً؛ لكنه لم يتمكن من تشكيل حكومة أغلبية، وذهب الى التحالف مع الكتل الأخرى، ومنها التيار الصدري الذي كان عدد نوابه في 2010 حوالي (44) نائباً.

8- إن الحل الوحيد لتجنب تعطيل العملية السياسية وتعطيل انعقاد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، وكذلك انتخاب الحكومة تبعاً لذلك؛ هو الذهاب الى حكومة توافقية تجمع كل الكتل الفائزة، وهذا لن يحصل إلًا بالاتفاق بين الكتلة الصدرية (74 نائباً) والإطار التنسيقي (86 نائباً+ 15 نائباً متوافقاً معه)؛ ليشكلا معاً إطاراً قوامه حوالي (175) نائباً، يتحرك بمرونة وراحة لاختيار حلفائه وتنفيذ برنامجه لمناصب الدولة والحكومة وسياساتهما.

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon