انتقال الادارة التشغيلية الى القطاع الخاص
د.رائد الهاشمي
الخصخصة من المفاهيم الاقتصادية الحديثة التي ظهرت في الثمانينيات وقد عرّفها الكثير من الاقتصاديين بتعاريف مختلفة لعل أبسطها هو(عملية انتقال الملكية والادارة التشغيلية للمؤسسات المملوكة للدولة الى القطاع الخاص جزئياً او كلياً ويمكن ان يكون القطاع الخاص اما مؤسسات أو رجال أعمال أو شركات أجنبية).
ومن هذا التعريف نستنتج ان الخصخصة تتمثل في اعطاء دور أكبر للقطاع الخاص في ملكية وتشغيل وادارة الوحدات الانتاجية الموجودة في البلد وذلك لرفع الكفاءة الانتاجية لهذه الوحدات بما يحقق الأهداف المرسومة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية .
ولو اخذنا الاقتصادات العربية إنموذجاً نجد ان في معظمها يكون القطاع العام مسيطراً على معظم النشاطات الاقتصادية في البلد ويتدخل في جميع مفاصل الاقتصاد بشكل مباشر او غير مباشر , وهذه الحالة جاءت نتيجة امتلاك الدولة لعناصر الانتاج الاساسية ما تسبب بتهميش دور القطاع الخاص بشكل واضح وبالنتيجة فشل القطاع العام في ادارة مفاصل العملية الاقتصادية بالشكل الصحيح الذي يحقق التنمية المطلوبة وكان اداء القطاع العام دون المستوى المطلوب , واشارت المؤشرات العامة لقياس درجة الكفاءة في كثير من الاقتصادات العربية على معظم مؤسسات القطاع العام على تدني النسب في مقدار الارباح وظهور العجز في الميزانيات العامة وتدني الانتاجية و قلة الصادرات, اي ان النتائج بشكل عام غير مرضية وان مبدأ احتكار الدولة لوسائل الانتاج بشكل مطلق هو مبدأ خاطئ وأثبت فشله ويجب اعطاء دور كبير للقطاع الخاص للمساهمة في ادارة الاقتصاد وخير وسيلة لذلك هي (الخصخصة),
وفي الدول النامية والدول العربية فان للخصخصة هدف رئيسي وهو محاولة علاج الأزمة الاقتصادية من خلال برامج التثبيت الاقتصادي والتكيّف الهيكلي لذلك نجد ان هذه الدول اضطرت نتيجة ضعف مؤسسات التمويل الدولية وخاصة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي لتبني مبدأ الخصخصة وذلك لعلاج الأزمة الاقتصادية التي اجتاحت معظم اقتصاداتها وهنا تبدأحكومات هذه الدول بتفعيل اجراءات الخصخصة او برامج التكيـّف الهيكلي وهي عبارة عن حزمة من السياسات الاقتصادية التي تختلف من دولة لأخرى ولكنها عادة تشمل ما يلي :-
1- سحب الدعم الحكومي عن السلع والخدمات ومؤسسات القطاع العام.
2- تخفيض قيمة العملة النقدية للبلد.
3- تحرير اسعار السلع والخدمات.
4- تخفيض الانفاق الحكومي.
5- تقليل الرقابة على النقد الاجنبي.
6- تحرير أسعار الفائدة حتى تكون حقيقية.
7- انهاء الحماية غيرالكمركية التي تتمتع بها الصناعة المحلية.
8- إحكام الرقابة على الائتمان.
9- تشجيع القطاع الخاص لقيادة عملية التنمية الاقتصادية وذلك بفسح المجال له للدخول لجميع القطاعات الاقتصادية التي كانت حكراً لمؤسسات القطاع العام.
جاءت استراتيجية الأمن الوطني التي تمت المصادقة عليها مؤخراً مؤكدةً في بنودها التي تخص الجانب الاقتصادي على مبدأ الخصخصة التي تعتبر جزءً مكملاً لحزمة سياسات برامج الاصلاح الاقتصادي والتكيف الهيكلي ودورها هو علاج الأزمة الاقتصادية عن طريق تصحيح الآثار السلبية للأداء المالي للقطاع العام والذي تسبب بخلق أزمة في الموازنة العامة للدولة ,وذلك بتقليل الدعم المالي لها وزيادة ايراداتها ,إضافة الى رفع كفاءة المؤسسات التي تم خصخصتها بافتراض ان القطاع الخاص أكثر كفاءة من نظيره العام وبالتالي سيؤدي ذلك الى زيادة معدل النمو الاقتصادي للدولة والتقليل من حجم الأزمة الاقتصادية المالية.
والأزمة الاقتصادية والمالية التي يمر بها العراق لاحلّ لها الا باتباع الخصخصة في جميع مؤسسات القطاع العام ودعم القطاع الخاص بشكل كبير لكي نتمكن من تجاوز هذه الأزمة الكبيرة التي لم يمر العراق بمثلها طوال تاريخه الطويل .