المهمة الامريكية في العراق بين محاربة داعش والاستثمار في الدولة
محمد حسن الساعدي
منذ أكثر من عقدين من الزمان منذ أحداث عام 2003 وما زال العراق يرزح تحت وطأة النفوذ الامريكي العسكري، وعلى الرغم من إعلان الولايات المتحدة الامريكية رسمياً إنهاء مهمتها القتالية هناك، الا أن القوات القتالية ما زالت موجودة بالعراق ولم تغادر، وعلى الرغم من بدء المباحثات الفعلية بين العراق وواشنطن التي بدأت بعد سفر رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني الى الولايات المتحدة وإعلان البدء بالمباحثات الرسمية لخروج قوات التحالف الدولي رسمياً من العراق والانتقال من العلاقات العسكرية بين العراق وهذا التحالف الى العلاقات الثنائية،والحوارات مستمرة بين الجانبين من أجل الوصول الى صيغة تفاهم لإنهاء الوجود العسكري،وهناك اتفاق فعلي على الخطوط العريضة وبقيت القضايا الفرعية والتي لابد العودة الى اعضاء هذا التحالف للانتهاء منها .
أن الوجود العسكري للتحالف الدولي قد يوفر حجة وغطاء ومبرر للهجمات التي تقوم بها الفصائل المسلحة العراقية،وهذا بحد ذاته أضعاف لدور الحكومة العراقية في إداء دورها السياسي والامني،خصوصاً وان الوضع الراهن ينطوي على مخاطر كبيرة وجسيمة ليس فقط على امن العراق بل على واشنطن كذلك،خصوصاً مع التصعيد العسكري الخطير على مختلف الجبهات في الشرق الاوسط.
بطأت الولايات المتحدة الامريكية من سحب قواتها خلال الفترة الماضية، ولم تتحدث عن هذا الامر،الا بعد ان تم أستهداف معسكرات الحشد الشعبي وقياداته ما دعا الحكومة العراقية الى ضرورة إيجاد اتفاق يحفظ هيبة الطرفين،ويفتح الآفاق بينهما لبناء علاقات ثنائية بينهما بعيداً عن الامن والعمل نحو تفعيل الاتفاقات الاخرى خصوصاً في مجال المجتمع المدني وتنويع مصادر الاقتصاد العراقي، والعمل على أستقرار البلاد وجعله الهدف الرئيسي للسياسة الامريكية،بدلاً من التعامل معها على أعتبارها مسرح للصراعات وساحة لمواجهة التصعيد في المنطقة.
الولايات المتحدة أقرت فعلاً بضرورة الخروج من العراق وإنهاء المهمة العسكرية واتضح ذلك من خلال تصريحات القيادات السياسية والعسكرية على حد سواء،والتي اكدت على ضرورة أن لا ينبغي التركيز على مواجهة إيران،بل السعي من اجل أستقرار العراق ومساعدة القوت لعراقية في حماية امنه وأستقراره،وأن أساس أي سياسة مستقبلية للعراق هو الحفاظ على أمن النظام السياسي وأستقراره،كون العراق دولة ذات سيادة، ويعد احد أبرز الديمقراطيات الحديثة في الشرق الاوسط ونموذج نوعي في التبادل السلمي للسلطة، بعيداً عن لغة الانقلابات والصراعات الداخلية.
أن أفضل السبل لتطوير العلاقات بين العراق وواشنطن،لابد ان يبدأ بإعلان خروجها من العراق رسمياً، واعلان إنهاء التحالف الدولي ضد داعش، والبدء بسحب قوات التحالف الدولي، على ان تتعهد الحكومة العراقية بضرورة حماية البعثات الدبلوماسية العاملة بالعراق وفي مقدمتها سفارة الولايات المتحدة الامريكية في بغداد،على أن تعمل الحكومة العراقية على أثبات قوتها وقدرتها على حماية امن العراق وشعبة دون الحاجة الى قوات دولية كونه يشكل مخاطر جدية تتمثل في المزيد من عدم الاستقرار والانتقال الى اتباع سياسة واضحة وشفافة تعتمد على الحفاظ على سيادة العراق وامنه واستقلالية قراره السياسي، وان يكون منطلقاً لبداية الاستقرار في المنطقة.