العراق العلني، العراق السري!
فلاح المشعل
سقوط نظام صدام ودخول قوات الاحتلال الأمريكي للعراق أحدث زلزالا سوف تستمر آثاره لعشرات السنين المقبلة، فعلا كانت السنة الأولى هي الأفضل والثانية أقل منها والسنة الثالثة أقل.. وهكذا تواصلت مراحل ومنعطفات الخراب الذي أحدثه الزلزال بتصاعد جراء إسقاط الدعامة العراقية وتغيير الخرائط الجيوسياسية لمنطقة الشرق الأوسط.
أبرز تلك المتغيرات الكارثية على العراقيين تمثل بظهور عراقين علني وسري.
العراق العلني: الدولة.. يعني نظام ديمقراطي وفيدرالية وحريات وبرلمان ودستور وحقوق الإنسان ومنظمات مجتمع مدني وتكافؤ بالفرص وعدالة إجتماعية وأمن مجتمعي ورفاهية وتنافس انتخابي وسلطة قضاء وتطبيق صارم للقانون، ومجالس محافظات لإنهاء فكرة احتكار سلطة المركز ، بمعنى ذروة مايحلم به المواطن منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة، وتلك مختصرات لتزويقات زائفة يتعامل بها العالم مع رؤوس العراق وسلطاته في اللقاءات الرسمية.
العراق السري: اللادولة.. بلاد ممزقة وانكفاء طائفي وعرقي في نظام محاصصة لنهب المال العام وإفقار الشعب، نظام تتحكم فيه مراكز قوى خفية من داخل وخارج العراق، احتلالات وجيوش متنوعة تشترك بها أربع أو خمس دول وعشرات الأجندات الدولية، بلاد صارت محطة لتهريب الأموال وتجارة المخدرات وعصابات القتل العلني والاغتيال المجهول ومختلف الجرائم البشعة، وغسيل الأموال وشبكات المصارف والصفقات المليارية والخطف وأنواع الملوثات الأخلاقية التي تفرزها مجتمعات الشرق الأوسط.
الاحزاب السياسية صاحبة القوة والنفوذ والسلطة والسلاح المنفلت، تضع قدميها في العراقين العلني والسري !
مايجعل الفرز بين الدولة واللادولة أمرا في غاية الصعوبة، بل يستدعي عملية جراحية كبرى لإيقاف الآثار الكارثية لذلك الزلزال المدمر لبلادنا .