العبادي يجهل كيف يقتنص الفرص
لؤي الشقاقي
حيدر العبادي اقل مسؤول انتهاز واقتناص للفرص . وهذا ليس مدحً له بل هو توصيف لحالة واقعة ابتدءت منذ استلامه لرئاسة الوزراء , فقد اتته الفرصة تلو الاخرى ولكنه يدير لها ظهره بل يهرب منها بالمشوار وهذا لا يدل الا على السبب الحقيقي لاختياره في الاساس من قبل حزب الدعوة المنشق عن المالكي لرئاسة الوزارء وتقديمه كبديل ومرشح تسوية , فلولا قصر نظره ما اختاروه ليتخلصوا من سطوة المالكي كما اختاروا المالكي لليتخلصوا من سطوة الجعفري (هذا من وجهة نظرهم طبعاً) .
لاينكر دور العبادي في تخليص العراق من بعض مشاكله وازماته وايضاً تحقيق بعض الانتصارات على اسوء عصابة وجماعة عرفها التاريخ الا وهي داعش , ولكنه خسر الكثير من الفرص التي اتته على طبق من الماس وذهب .
فـمن اجماع الشعب العراقي على دعم الاصلاحات التي كان يزمع اجراءها في اكثر من مرة الى رضوخ الاحزاب السياسية والدينية الى ضغط الشعب ودعمه وتأييده الى دعم المرجعية الدينية الشيعية والسنية الى الاجماع العربي والدولي .. كل هذا ولم يقم العبادي بأي خطوة حقيقية من شانها ان تدعم موقفه بل حتى لم يقدم نفسه على انه مؤهل ليستمر لدورة ثانية , قد يكون مرد هذا الامر لانه لم يؤمن بنفسه أولا ولا بانه يستطيع ان يكون رجل المرحلة ومهاتير العراق .
اقل من هذه الفرص اتيحت للرئيس الراحل انور السادات حين توفي جمال عبد الناصر كان السادات نائباً له (وقد اختاره ليكون نائب له بعد ان تناهى الى سمعه ان هناك محاولة لاغتياله خلال رحلة مقرر اجرائها للجزائر . وقد اختاره لانه اقل اعضاء مجلس قيادة الثورة خطورة وسطوة ووجود ونفوذ) وبحكم القانون والدستور فقد تسلم زمام السلطة لفترة مؤقته ليعاد انتخابه مرة اخرى رئيس للبلاد , وكان هناك تشكيلات كثيرة ومراكز للقوى ودول داخل الدولة (كما هو الحال في العراق) مثل الاتحاد الاشتراكي والتنظيم الطليعي ومجلس الشورى والخ وكل هذه المؤسسات يرئسها كبار رجال الدولة ممن لهم سطوة لم يستطع احد كبحها الا جمال عبد الناصر , فقاموا بتهميش السادات وجعل منصبه شرفي ورمزي ليس اكثر ووصل الامر لدرجة انهم كانوا يتنصتون عليه ويحدون من حركته وحريته بل وينتقون له كلامه وتصريحاته , فما فعل الرجل .. صارح شعبه بان مراكز القوى تمنع تقدم وتطور البلد وبانه يتطلع الى الانفتاح على العالم الحر واغلاق ملفات السجون السرية والتنصت على المواطنين واطلاق يد اجهزة الامن وتسلطها على العباد ويد رجالات السلطة الذين لا يريدون للشعب العيش بحرية وسلام ولا تريد الا ان تفرض على الناس وصايتها , مجموعة صغيرة تملك كل شيء في البلاد ولا تقبل بان يمس احد امتيازاتها وحصانتها ورواتبها وحماياتها ويكأن الشعب قد خلق لها او انه تركة ورثوها عن أبائهم وقد استعبدوهم مع انهم ولدوا احرارا .
ووثق الشعب برئيسه ودعمه ليتخلص من مراكز القوى والسادات كان اذكى بكثير ممن حوله واستطاع سحب البساط من تحت اقدامهم وقلب الطاولة عليهم وجردهم من القابهم ومناصبهم ليصبحوا عراة امام الشعب حفاة امام التاريخ مجرمين امام القضاء , وخلد اسمه وكتب التاريخ عنه الكثير ولم يتذكر احد اسماء مراكز القوى تلك .
كان يفترض بالعبادي ان يحذو حذو السادات خصوصاً انه تمتع بدعم غير محدود واجماع لم ينبغي لاحد من قبله الا لعبد الناصر , ولغاية الان لم تفته الفرص ولم تذهب فلازال يستطيع ان يكتب اسمه بحروف من ذهب ويحفره في قلوب العراقيين والعرب .