التاريخ لن ينسى ابادة البارزانيين
يونس حمد
في أواخر تموز/ يوليو 1983 أي قبل ثمانية وثلاثين عاماً، نفذت قوات النظام السابق أكبر إبادة عملية جماعية عندما شنت هجوماً على مخيمات الكورد البارزانيين العزل في قصبتي قوشتبة وحرير وبعض المخيمات القسرية الأخرى.
تركت هذه الأحداث آثارًا مؤلمة لم تستطع تحملها. حاصرت آليات عسكرية بلدة القوش تبه بالكامل ومنعوا أي شخص من دخولها، وبدأت البلدة الصغيرة تئن بالسيارات والارتال العسكرية التابعة للقوات الخاصة في ذلك الوقت، وبعد ذلك، في غضون ساعات، تم إبادة أكثر من ثمانية آلاف بارزاني في صحراء جنوب العراق، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل نقل الجيش السكان إلى معسكرات الاعتقال وتهجيرهم، حيث اعتادت المدنيين البارزانيين هناك أقسى أشكال التعذيب دون توقف، وكانت صحراء (عرعر) من بين معسكرات الاعتقال، حيث كان الآلاف من الذين كانوا هناك ماتوا.
نعم كانت تلك الأيام الصعبة يجب ألا ننسى تلك الإبادة الجماعية بهذه السهولة قد يؤدي استخدام القوات العسكرية ضد المدنيين العزل وفي المعسكرات إلى تصعيد التوترات الجيو سياسي والعسكرية ويقلل من قيمة الذاكرة التاريخية للإبادة الجماعية مثل إبادة البارزانيين، مما يعيق القدرة على منع الإبادة الجماعية في المستقبل. يجب على الأمم المتحدة أن تمارس حس المسؤولية في إطلاق تهمة الإبادة الجماعية ضد الفاعلين.
كانت هذه هي الحملة الكبرى ضد الكورد الذين كانوا يعيشون في جو من الفقر وكثير منهم كان يعمل لكسب لقمة العيش اليومية، وكانت قبلها هناك العديد من العمليات، من بينها مجازر بحق الكرد الفيليين قبل سنوات من ابادة البارزانيين، وعبارة "حملة الأنفال". ضد المواطنين العزل في مناطق كرميان و بهدينان ومناطق أخرى. تم ايضا إبادتهم في هذه الحملة باستخدام الأسلحة الكيماوية وغاز الخردل ،وكذلك استخدام أنواع من غازات الأعصاب والعديد من المواد المعترف بها محظورة دوليًا كما حصل في بلدتي حلبجة و باليسان، واستخدم هذه الغازات بقيادة علي حسن المجيد المعروف باسم علي الكيماوي، القيادي في حزب البعث ووزير الدفاع العراقي في تلك الحملة. وبلغ عدد القتلى في تلك الإبادة الجماعية أكثر من 180 ألف شخص.
من وجهة نظر القانون الدولي، فإن إبادة البارزانيين هي إبادة جماعية بحتة والتاريخ لن ينسى تلك الجريمة البشعة، لأنها في مواد القوانين الدولية التي تخفي الأشخاص قسراً وتعتقل أو تختطف الأشخاص من قبل دولة أو جماعة مسلحة، ثم ترفض الاعتراف حرمان هؤلاء من حريتهم أو تقديم معلومات عن مصيرهم أو أماكن وجودهم، ناهيك عن أن مصير الآلاف من هؤلاء الأشخاص لايزال مجهولاً بسبب إبادتهم في الصحراء والمناطق النائية. بعد كل هذه الآفات والويلات التي لحقت بالشعب الكوردي من قبل الانظمة الواحدة تلو الأخرى ، لكن الحكومات بعد 2003 لم تستفد من الدروس وعبر الماضي، اتخذت إجراءات مماثلة بقطع المعاشات الموظفين والموازنة بحجج وذرائع وهمية وكاذبة، وأحيانًا بالهجوم المسلح على الكورد كما حدث في تشرين الأول اكتوبر 2017.