أهمية التعليم المستمر في اللحاق بركب التطور العلمي
د.رائد الهاشمي
التعليم المستمر من المفاهيم التي تلاقي إهتماماً كبيراً في معظم بلدان العالم لأهميته في تطوير قابليات الأفراد والمؤسسات وفكرته الأساسية أن لايقتصر التعلم على الدراسة الأساسية التي يتلقاها الفرد في مقاعد المدرسة والجامعة, ويُعرفه البعض بإسم التعليم مدى الحياة، وهو عبارةٌ عن أسلوبٍ تعليميٍ يحرصُ فيه الإنسان على تعلمِ أشياء جديدةٍ طيلة سنوات حياته، وأيضاً يُعرفُ بأنه الاستمرار في تحصيلِ العلوم المُختلفة في مجموعةٍ مِن المجالات المعرفية سواءً بالاعتمادِ على دافعٍ شخصيٍ، أو مهنيٍ، أو تدريبيٍ.
يهدفُ التعليمُ المستمر إلى الحصولِ على خبراتٍ تعليميةٍ، ومجموعةٍ مِن المعارف دون ربطها بِعُمرٍ مُحددٍ، أو فترةٍ زمنيّة معينةٍ، أو مرحلةٍ دراسية، أو مكان مُخصصٍ للتعليم، وأيضاً مِن الممكن تطبيقُ التعليم المستمر مِن خلال المشاركةُ في دوراتٍ دراسية، أو قراءةِ مجموعةٍ مِن الكُتبِ في مُختلفِ المجالات المعرفية أو الإنخراط في معاهد متخصصة في المجال الذي يخص عمله أو اختصاصه, والغرض المهم من عملية التعلم المستمر هو محاولة مواكبة التطورات السريعة في العلم والتي تجري بتسارع كبير جداً نتيجة التكنلوجيا المتطورة والأبحاث المستمرة في جميع أنواع العلوم والاختصاصات ولذلك فكل شخص مهما كان تحصيله العلمي يحتاج لعملية التعلم المستمر لمواكبة هذه التطورات العلمية المتسارعة, وكان لانتشار وتطور وسائل الاتصال الحديثة وتطور شبكة الأنترنت وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي عاملاً مهماً في تيسير عملية التعليم المستمر بشكل كبير لأنها أتاحت لكل فرد يرغب بالتعلم بالتواصل مع آخر التطورات العلمية الحديثة.
وللتعليم المستمر خصائص كثيرة فهو يساعد الفرد على الحصول على معلومات علمية جديدة في مختلف المجالات العلمية والاقتصادية والثقافية والسياسية والفنية وغيرها ويساعد على تعزيز قدرة الفرد على التحليل المنطقي وتطوير مهاراته الشخصية خاصة في الفهم والحفظ, ويعتمد التعليم المستمر على مجموعةٍ من الاستراتيجيات والتي يَجب أن تسعى أي مؤسسة تعليمية على توفيرها للأفرادِ المُهتمين في هذا النوع مِن التعليم، وتشملُ خمس استراتيجياتٍ رئيسية:
- الاهتمامُ بكافةِ أنواع التعليم وآخر تطوراته الحديثة وعدم الاكتفاء بالمناهج الدراسية التقليدية.
- ألحرص على توفير كافة الموارد التعليمية الكفيلة لتحقيق أهداف التعليم المستمر.
- ألحرص على مواكبة آخر التطورات العلمية في مختلف المجالات العلمية اثناء عملية التعليم المستمر.
- تذليل كل العوائق أمام الاشخاص الراغبين في التعلم المستمر والحرص على مبدأ العدالة في الحصول على فرص التعليم .
- ضمانُ وجود حالة من التعاونٍ الفعّال بين كل مِن وزارات الدولة ومؤسساتها مع القطاع الخاص من أجل توفير كافة المتطلبات الأساسية للتعليم المستمر.
من القواعد الرئيسية في مفهوم التعليم المستمر أنه لايقتصر على عمر معين ولا مستوى تعليمي معين أي أنه يتجدد ولاينتهي ويجب أن يلجأ اليه كل الأفراد وتلجأ اليه جميع المؤسسات الحكومية والأهلية والحرص على زج منتسبيها في دورات خاصة بالتعليم المستمر من ضمن اختصاصاتها لغرض تحقيق نتائج ايجابية في تطوير قابليات أفرادها والتي تصبّ بالنتيجة في تطوير المؤسسة ذاتها من جميع النواحي, وهناك أمر هام جداً يجب أن يدركه الأشخاص الذين يتبوئون مناصب قيادية في الوزارات والمؤسسات بأنهم مشمولون بعملية التعلم المستمر وعليهم أن لايترفعوا عن ذلك بحجة مناصبهم أو تعليمهم العالي فالجميع يحتاج لمواكبة التطورات العلمية والتي ستساعدهم في قيادة مؤسساتهم وتطويرها بشكل كبير.
ان حالة التخلف العام الذي ينتشر في بلداننا العربية له أسباب عديدة ومن أهمها هو عدم الاهتمام بعملية التعلم المستمر وعدم مواكبة آخر التطورات العلمية التي تحدث بتسارع كبير في مختلف العلوم والاختصاصات, لذا فنحن بأمس الحاجة لتبني هذا المفهوم الهام وتطبيقه في جميع مؤسساتنا الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص للنهوض من حالة التخلف الكبير الذي نعيشه ولمحاولة اللحاق بركب التقدم العلمي الهائل الموجود في العالم.