ألتنمية المستدامة معيار حقيقي لأداء الحكومات
د.رائد الهاشمي
التنمية المستدامة من المفاهيم الاقتصادية الحديثة التي بدأ اهتمام العالم بها يتسع لأهميتها الكبيرة في تطوير اقتصادات البلدان وتحقيق الاستثمار الأمثل للامكانيات المتاحة وهي عملية تطوير الأرض والمدن والمجتمعات وكذلك الأعمال التجارية بشرط ان تلبي احتياجات الحاضر بدون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية حاجاتها.
تتطلب التنمية المستدامة تحسين ظروف المعيشة لجميع أفراد المجتمع دون زيادة استخدام الموارد الطبيعية إلى ما يتجاوز قدرة البلد . وتصبّ عملية تطبيق التنمية المستدامة في ثلاثة مجالات رئيسة هي (النمو الاقتصادي وحفظ الموارد الطبيعية والبيئية والتنمية الاجتماعية).
إن من أهم التحديات التي تواجهها التنمية المستدامة هي القضاء على الفقر من خلال التشجيع على اتباع أنماط إنتاج واستهلاك متوازنة، دون الإفراط في الاعتماد على الموارد الطبيعية.
ووضع قادة العالم في قمة تأريخية في عام 2015 أهداف التنمية المستدامة التي تم الاتفاق على تطبيقها عالمياً في سقف زمني تم تحديده ب 15 عاماً يصل الى عام 2030 وحددوا تلك الأهداف ب(القضاء على الفقر والقضاء التام على الجوع والصحة الجيدة والرفاه والتعليم الجيد والمساواة بين الجنسين وتوفير المياه النظيفة والنظافة الصحية وتوفير طاقة نظيفة وبأسعار معقولة وتوفير العمل اللائق ونمو الاقتصاد وتطوير الصناعة والابتكار والهياكل الأساسية وتحقيق مبدأ المساواة وتوفير مدن ومجتمعات محلية مستدامة وتحديد مسؤولية الاستهلاك والانتاج والاهتمام بالعمل المناخي والاهتمام بالحياة تحت الماء والحياة على البر وتحقيق مبدأ السلامة والعدل وبناء المؤسسات القوية وعقد الشراكات لتحقيق الأهداف) وعلى الرغم من ان مقررات هذه القمة والأهداف التي تم الاتفاق عليها لاتعتبر ملزمة قانوناً للحكومات ,ولكن من المفروض على الحكومات التي تحترم شعوبها وتدّعي الوطنية أن تعمل بكل إمكانياتها وبكامل طاقتها لتحقيق هذا البرنامج العالمي ومحاولة تحقيق أكبر قدر ممكن من هذه الأهداف الموضوعة, ومن واجبها القيام بجمع المعلومات والبيانات الكاملة لغرض رسم الخطط العلمية الاستراتيجية والقيام بالاستعانة بالخبرات والكفائات العلمية لإدارة حلقات هذا البرنامج العلمي العالمي الذي يصبّ في مصلحة المواطن البسيط المثقل بكل أنواع القهر والمعاناة والجوع والقهر ونقص الخدمات الأساسية وانعدام فرص العمل وانخفاض القدرة الشرائية, والذي تحمل كل ذلك بسبب سوء الأداء السياسي للحكومات وانتشار الفساد وايثار المصالح الشخصية للطبقات السياسية على مصلحة المواطن.
هنا أتسائل وبعد مرور عامين على مقررات هذا المؤتمر الدولي الذي حدّد الحلول العلمية الكفيلة بالنهوض باقتصادات الدول ورسم خارطة الطريق الواجب أن تسلكها الحكومات ووضع برامج مساعدات وقروض تمنح للدول التي تحتاج معونات لتطبيق هذه الأهداف السامية,, أين حكوماتنا العربية من ذلك وماهي الخطوات التي عملتها وماهي خططها التي رسمتها ؟ الجواب معروف للجميع لاشيء ولن تحرّك حكوماتنا ساكناً من أجل ذلك لأن تطبيق مبدأ التنمية المستدامة لن يصُبّ في مصالحها الشخصية بل بالعكس سيحرمهم من المزايا وأموال السحت الحرام وبالمقابل سيمنح المواطن البسيط الرفاهية التي حُرم منها بفضل أدائهم السياسي وسينتشله من وضعه المأساوي الذي يعيش فيه.
ختاماً أقول بأن تطبيق مفهوم التنمية المستدامة والذي تبنته معظم دول العالم وأصبح ضرورة لكل شعوب العالم هوالمحكّ والاختبار لحكوماتنا وهو المعيار الحقيقي لوطنيتها ومهنيتها فكل حكومة لاتتبنى ولاتعمل من أجل هذا البرنامج العالمي الذي يعنى برفاهية المجتمع فهي حكومة فاشلة وغير وطنية ولاتستحق الاحترام من شعبها فلقد شبعنا من الشعارات الكاذبة والبرامج الحكومية الفاشلة وأزكمت أنوفنا رائحة الفساد الذي انتشر في كل مكان ونطالب كل حكومة تدعي الوطنية واحترام شعبها أن تتبنى هذا البرنامج العلمي لغرض النهوض بالاقتصاد الوطني ولرفع رفاهية المواطن وتقليل معاناته الكبيرة.