زورخانات الكورد الفيلية في بغداد
- 1 -
ا . د . قاسم المندلاوي
قبل الدخول الى صلب هذا الموضوع الرياضي التاريخي - التراثي وعن انتصارات ابطال الكورد الفيلية في البطولات المحلية والدولية مؤشر الى انبثاق اول اتحاد دولي للزورخانة عام 2004 يضم في عضويته أكثر من 55 بلدا ويسعى هذا الاتحاد لإدراج فعاليات والعاب الزورخانة ضمن جدول الالعاب الاسيوية والاولمبية خصوصا بعد انتشارها في كثير من دول العالم واصبحت لعروضها من حركات و تمارين وفعاليات " باوزان إيقاعية فردية وجماعية" اهمية كبيرة.
ففي عام 2013 تم تأسيس اتحاد خاص للزورخانة تابعة للجنة الاولمبية العراقية وانضم رسميا للاتحاد الاسيوي والعالمي ومع الاسف لم يقدم هذا الاتحاد اي شيء ملموس وعلى الارض الواقع للزورجانة في العراق، علما كانت في بغداد والمناطق الاخرى من العراق عدد كبير من زورخانات في فترة الأربعينيات ولكن بعد سقوط النظام الملكي اغلقت تلك الزورخانات ولم تبقَ لها اي اثر، غير الاسم و الذكريات الجميلة وحتى هذا الاسم والذكريات أصبح في طي النسيان وفي خبر كان ، لذا فلا اي وجود للزورخانة في عموم العراق في الوقت الحاضر، وان اتحاد الزورخانة هو اسم فقط وللدعاية و للاستفادة الشخصية، وبعد هذه المقدمة المختصرة نقدم فكرة مبسطة عن الزورخانة للقارئ الكريم.
تتكون كلمة الزورخانه من مقطعين هما "الزور" وتعني بالكوردية والفارسية "القوة" وخانه " و تعني "البيت" وبذلك تعني "بيت القوة" اما مفهوم الزورخانة رياضيا، تعني "مكان ممارسة التمارين والالعاب الخاصة بالزورخانة وتشمل: سلسلة تمارين بدنية ذات طابع القوة و الرشاقة والتوازن، تمارس بشكل فردي وجماعي " وهي شبيه للحركات و التمارين الارضية في " الجمباز" وتمارس بمصاحبة الطبل مع تراشيح دينية او ادعية او اناشيد وطنية و تراثية.
كذلك تمارين القوة بهدف بناء و تقوية العضلات و باستخدام ادوات تقليدية خاصة بالزورخانة ، وكانت تمارس ايضا تمارين المصارعة " بعض المسكات الفنية بين المصارعين باوزان مختلفة مع تعليم الجوانب الفنية والخططية الخاصة بالعبة فضلا عن نزالات بين ابطال الزورخانة المحليين والمصارعين الاجانب "، وفي العهد الملكي كانت للزورخانة شعبية كبيرة لدى الناس في بغداد وكان المرحوم ملك فيصل يشجع هذه الرياضة وامر بجعلها من الفعاليات المهمة في الاستعراضات العسكرية للجيش و الشرطة ، اما تاريخ الزورخانة قديما يعود الى طقوس المصارعة والملاكمة لدى السومريين وقد مارستها شعوب وادي الرافدين باعتبارها العاب و فعاليات رياضية متناسقة تؤدي الى قوة جسدية كبيرة يحتاجها المقاتل لكي يكون قادرا على استخدام السيف و الرمح و الترس او الدرع وغيرها من ادوات الحرب و القتال .. لذلك فان الادوات التي كانت تستخدم في الزورخانة لها علاقة بالاسلحة التقليدية .. فمثلا الاميال تستخدم لرفع كفاءة المقاتل في استخدام السيف ، والكبادة لرفع كفاءة المقاتل باستخدام القوس ، والحجر او السنك لكفاءة استخدام الترس او الدرع وتتطابق مهام الادوات الاخرى مع الاسلحة المستخدمة في الجيوش القديمة فضلا عن ممارسة المصارعة و الملاكمة وتمارين القوة والالعاب اخرى و تدل الاثار التي اكتشفها الباحثون في قرية " خفاجة " ديالى بان السومريين كانوا يزاولون المصارعة وكانوا يخلدونها برسومهم المنقوشة على جدرانهم وتعود هذه الآثار الى حوالي " 4450 ق. م .. كما ان الكورد الكاشيين "الفيليين" والميديين قد مارسوا المصارعة و تمارين القوة البدنية لاهداف و اغراض عسكرية و قتالية ، وفي منتصف القرن التاسع عشر انتشرت " الزورخانة " في بغداد، ثم توسعت انتشارها في مناطق اخرى من البلاد وللكورد الفيلية دور كبير في انتشرها وخاصة في العاصمة بغداد وذلك لسببين : الاول : كثافة تواجدهم في العاصمة حيث كانوا يقطنون في قلب " بغداد " في محلة " ابو سيفين " ومحلة " عكد الاكراد " و " مناطق شارع الكفاح ، و باب الشيخ و الدهانة " ومنطقة الشورجة ومنطقة جميلة ومناطق اخرى.
اما السبب الثاني : الرغبة الشديدة لدى شباب الفيلية لممارسة العاب الزورخانة وخاصة " المصارعة " حيث برز منهم ابطال اشتهروا على صعيد البطولات الداخلية و الخارجية و كان من ابرز الزورخانات الكورد الفيلية " زورخانة ابو سيفين و زورخانة الصدرية " في شارع غازي " حاليا شارع الكفاح و زورخانة " قمبر علي " كانت تقع ايضا في شارع غازي ، وكانت هنالك زورخانات اخرى في مناطق مختلفة في بغداد مثل " زورخانه جامع المصلوب و العوينة و زورخانه خان دجاج و زورخانه الدهانة و زورخانه " باب الاغا و زورخانه " حسن بنانة و زورخانه عبد الامير ابو الكرب و زورخانه المصبغة في الرصافة وغيرها ، وفي اوائل القرن العشرين اخذت " الزورخانات " تعيش مجدها وقد اتسعت لتشمل اماكن اخرى في بغداد وخصوصا في الكاظمية مثل زورخانه القطانه و زورخانه ابن جرموكه وغيرها وانتشرت في مدن عراقية اخرى مثل مدينة كربلاء المقدسة و مدينة النجف الاشرف و مدينة الموصل و البصرة و السليمانية واربيل وغيرها . كانت العاب الزورخانه تمارس بمصاحبة انغام موسيقية و القرع على الة ايقاعية جلدية ومع تراشيح و ادعية دينية من قبل احد افراد الزورخانه والذي كان يتميز بصوت جميل و يقوم بتغيير الانغام و القرع طبقا لاداء المجموعة " تمارين جماعية " او لاداء الفرد " تمارين فردية " يقوم الرياضي بمفردة لتقديم مهارته الفنية " باستخدام ادوات تقليدية خاصة بالزورخانه او بدونها و كان نظام الزورخانة مبني على اكتساب القوة و الرشاقة و الكمال الجسماني ..وفي اواخر الخمسينيات القرن التاسع عشر وخاصة بعد زوال النظام الملكي في العراق اخذت الزورخانات تندثر و تنقرض شيئا فشيئا حيث اغلقت ابوبها في بغداد و عموم العراق ، ولمجموعة اسباب اهمها : 1 - عدم الاهتمام الجاد للزورخانة من قبل السلطات العراقية .. 2 - التهميش و الابتعاد من قبل الصحافة لهذه اللعبة التراثية 3 - قلة الدعم المادي 4 - تأثير الحروب العراقية المتتالية 5 - غياب شباب الكورد الفيلية عن الزورخانة بسبب حملات التسفيرات من قبل السلطات العراقية للكورد الفيلية .
المصادر والمراجع . .
1 - قاسم المندلاوي " الثقافة الرياضية و الاعداد العسكري في بلاد الرافدين قديما " مجلة العلم والحياة - براغ 1971 2 - قاسم المندلاوي " ابطال الكورد الفيلية و دورهم المتميز في اللقاءات و البطولات الدولية " 3 - قاسم المندلاوي " الزورخانة البغدادية وسيطرت ابطال الكورد الفيلية في النزالات " جريدة التآخي 10 / 5 / 2003 بغداد 4 - جميل الطائي " الزورخانة البغدادية " 1987 بغداد 5 - وليد الاعظمي " اعيان الزمان وجيران النعمان في مقبرة الخيزران " 2001 بغداد 6 - الخطيب البغدادي " تاريخ بغداد " 1997 دار الكتب العالمية 7 - احمد الانباري " الزورخانة العراقية " طريق الشعب ، 2015 بغداد 8 - صبحي انور رشيد " الرياضة و الموسيقى في العراق " جريدة الرياضي 1984 بغداد . 9 - عبد الواحد الفيلي " من هم الكورد الفيليون - مختصر من تاريخ الكورد الفيليين " 29 / 5 / 2020 وكالة انباء براتا - 10 ويكيبيديا - الموسوعة الحرة 11 - كوكل .
يتبع .