الظلم لا (يشيب) إذا لم ينسَ
علي حسين فيلي/ لا خلاف على ما يقال بأن منجزات العمر تكتب عرضا لا طولا. وقضيتنا -نحن الفيليين- كاناس وكورد ومواطنين في هذه البلاد لم تكن في البداية قضية بل خلق منها قضية ولكن معالجتها انتجت كارثة، واليوم أصبحت صعبة ومعقدة وذات أبعاد متعددة وليس لها اي حل قانوني من دون قرار سياسي.
بشأن موضوع الهوية الشخصية فإن السياسة والدول التي تحترم حقوق الإنسان تمنح المواطنة للاجئين والمهاجرين بعد عدد قليل من السنوات، ولكن في تاريخ العراق لم يحدث هذا الشيء، وعلى الرغم من ان الحكومة لم تتعب من قدوم جموع من الاشخاص الاجانب من الذين يرغبون اكتساب الهوية في هذا البلد ولم يتم اعارة الاهمية للاجراءات الخاصة بهذا الحق.
وفي ظل الفكر والمعتقدات التي يؤمن بها الحكام والسلطة فقد حل الحقد والعنصرية وحب ورغبة التسلط محل حقوق الإنسان وعلى حساب الاضطهاد والقتل والتنكيل والتشريد بحق المكونات تم خلق الكثير من المآسي التي ما زالت تأثيراتها مستمرة باشكال متنوعة.
هل من الضروري أن يكون للفيليين مثلا فريق خبراء قانون لحل القضية ونقلها من الحدود المحلية إلى المراكز الدولية؟ ومن الممانع ومن المقصر؟
ان استمرار حياة المكونات والأقليات العرقية والدينية أصعب بكثير من تفسيره بسهولة، فرغم وجود جميع المؤسسات الرسمية وغير الرسمية المتعلقة بالعدالة والحقوق في العراق، لماذا يشترط ان يصبح ابناء واحفاد الضحايا خبراء قانونيين في الدفاع عن أنفسهم؟
في ظل وجود كل تلك الامكانيات البشرية والمادية والمعنوية لشعب حي، ومن اجل ابداع اللوحات والقصائد التي تهز الاعماق في ذكرى الكوارث، لماذا تصبح المكونات المضطهدة بنفسها صوت الشعراء والكتاب والفنانين و..؟
الأخطاء والنواقص والإهمال من جانب الفيليين وأمثالهم ليست عذرا للاضطهاد الذي عانوا منه. وعلى الرغم من تعرضهم لقمع كبير وجرائم فظيعة، إلا أن مطالبهم لا تزال صغيرة.
في الوقت الحالي، ليست الأسباب المشروعة للفيليين وأمثالهم قد (تقدمت في السن) فحسب ، بل إن عقول أصحابها أكبر سناً ومتعبة اكثر من ان يقاتلوا من أجلها بحيوية ونشاط. لأن أول ما يفكر فيه الإنسان الذي يعيش في وضع مثل العراق هو عدم التواجد في دائرة الانتماء والفكر وأيديولوجية القهر والهروب من الواقع المرير وعدم وجود مستقبل يظل فيه مضطهدا.
يجب أن نعرف إن الظلم لا يتقدم في السن، بل غالبا ما يخفيه يأس المظلوم عن الأنظار، وما لم يكن ألم المظلوم هو ألم الجميع، فليس من حق أحد أن يمنح نفسه الحق في ان يعيش في راحة الضمير.