أهتمام الكورد الميديين بالقوة البدنية و القتالية والتنظيمات العسكرية

أهتمام الكورد الميديين بالقوة البدنية و القتالية والتنظيمات  العسكرية
2016-08-31T16:09:55+00:00
ا . د . قاسم المندلاوي/ اهتم الكورد منذ قديم الزمان بالاعداد البدني و القتالي والعسكري و ذلك بسبب موقهم الجغرافي و طبيعة بلادهم حيث الجبال الشاهقة و الوديان العميقة والظروف  المناخية  و البيئية و الحياتية  و جميع تلك العوامل كانت مهمة و قوية لبناء لياقة بدنية عالية  تستطيع تحمل الصعاب و قساوة الحياة و القدرة على  المبارزة و الشجاعة في  القتال 7 وتدل الاثباتات التاريخية بان الكورد الميديين الذين كانوا يحكمون معظم مناطق ايران فضلا عن المنطقة الشمالية الشرقية من العراق حتى بحيرة  "فان" و جبال  " زاكروس " نجحوا في تكوين امبراطورية واسعة الارجاء و تحكموا  في العناصر الكيشية و الفارسية كما دلت الاثار الخالدة التي ترجع الى هذه الفترة كآثار "لورستان الكوردية" في ايران  و كانت الدولة الميدية تنافس الدولة الاشورية  في الاعداد العسكري و القتالي و كانت  التدريبات البدنية العنيفة عنصرا هاما في نظام حياة الجندي الميدي و قد شمل برامج الاعداد تدريبات خاصة و شاقة لاجل اكتساب قدرة التحمل على المشي و الزحف و تسلق جبال وعرة و لارتفاعات  شاهقة و الركض لقطع مسافات طويلة بين التضاريس الطبيعية و المناخية المختلفة فضلا عن تعلم و اتقان  فنون الفروسية  و الرماية و المبارزة و القتال و التي تحتاج الى لياقة بدنية خاصة 5   لقد استعملت العربات الحربية من قبل الميديين و كانت هي بمثابة احدى علامات  تقدمهم  لان العربات الحربية لم توجد بشكل متوفر في هذا الزمان و كانت هذه العربات الحربية تقتصر على الملوك و القادة  و بعض الفرق القوية و عادة كانت القوميات الهندواوربية يستعملونها وقد وجد صورا لهذه العربات في تلالات تيرعستان في جبل بيستون مكتوبا ب ,, هيرودوت ,, يرجع الى زمن ,, دار يونس الاول2
لقد استخدم الميديين في تدريباتهم البدنية و العسكرية السهام خلال الهجوم على الاشوريين للحصول على الحصن للاستفادة منه في التدريب و اعداد الجيش و في الحروب و السيطرة على قلاع العدو و يذكر البرفيسور,, جويف كليما 1   بان الميديين استخدمو نظاما خاصا في اعداد شبابهم للحياة و العمل و الدفاع عن البلاد  و قد ادت تلك العوامل وخلقت لديهم  طبيعة جسمانية و قتالية و حربية  قوية على مر الزمن و كنتيجة لتجاربهم و صراعهم المستمر مع الاقوام المجاورة . و لقد انعكست هذه الطبيعة العسكرية في النواحي الفنية ايضا حيث عثر على الكثير من المؤشرات  الحضارية من النحت المستدين و النحت على الحائط للملوك و الحكام  و يؤكد  دياكونوف م  نفس المصدر السابق ,,  بان الميديين كانوا يتقنون فن رمي الرماح و السهام و الفروسية وقد استخدمو ذلك في الحروب مما يدل على ان الميديين كان لهم جيش منظم و كان الاعداد البدني من الجوانب الاساسية لخلق لياقة بدنية عالية لدى الجندي الميدي فضلا عن التدريب والممارسة على الاسلحة المهمة في تلك الزمان . لقد اهتم القائد الميدي " سيكرز" الذي تولى السلطة بعد والده "ديوكيس"على تنظيم جبش نظامي على غرار الجيش الاشوري وجهز جنوده بالسيوف و السهام و اهتم بتدريبهم على تلك الاسلحة تدريبا خاصا بحيث تمكن من اعداد مجموعات خاصة من حاملي السيف و مجموعات خاصة من الذين يستعملون السهام و بذلك تمكن من اعداد جيشا قويا و بطراز  خاص . كذلك اعتنى هذا القائد بالفروسية وقد اعد لهم مكان خاص للتمرين واصبح فرسانه يشبهون" البارثيين" فيما بعد  وعلى ذلك الاساس يظهر أن الاعداد البدني و العسكري في تلك الحقبة من الزمن كان شيئا  مهما و متميزا  ,, لويس ماسينيون 3 ,, وباتحاد الميديين مع البابليين ضد الاشوريين  تمكنوا أخيرا من اسقاط الامبراطورية الاشورية بقيادة"كياكسار" ودخول العاصمة الاشورية نينوى عام   612  ق . م  وجدير بالذكر  ان القائد كياكسار وهو اول من وضع قوانين الحرب و قرر تقسيم الجيش الى اقسام  و كل قسم يختص بنوع خاص من الاسلحة  فلمشاة من حملة  الارماح  و المشاة من حملة السهام و الفروسية  و الحقيقة ان هذا التنظيم الذي احدثه القائد الميدي كياكسار في صفوف جيش ميديا بالاضافة الى تدريب قواته على استعمال انواع و اشكال مختلفة  من الاسلحة كان له دور كبير في تحقيق الانتصارات اللاحقة لدولة ميديا 2 و يذكر" هيرودوت" بان اليونانيين كانوا وحتى مائة عام بعد سقوط الحكم الميدي و عندما كانوا يحاربون القوات الهخامنشيه يصورون بانهم يقاتلون القوات الميدية وذلك لان الدولة الهخامنشيه حافظت على بنية و تشكيلات و قيادات القوات الميدية كما كانت ابان حكم  استياك  ,,  والدوي  أ  6 " لقد تعاظم شأن النبلاء الميديين و نفوذهم و كان ,, نابوليد ,, حاكم بابلون يدعو ممثلي النبلاء الميديين ملوكا  و من جانب آخرحاول الفرس منذ حوالي  700 ق . م و تحت زعامة  ,, اكمين ,, تاسيس دولة فارسية و كانت "عيلام" التي كانت لها مكانتها في هذه المنطقة قد ضعفت في ذلك الوقت مما ساعد على تحكم الفرس في اقليم عيلام الكوردية و قد انتهت الدولة الميدية عندما اصطدم  "كورش الثاني الفارسي" بملك الميديين "استياجيس" ويذكر محمد امين زكي 4 " أن سقوط الدولة الميدية كانت بسبب الانقسامات الداخلية ...  و رغم خضوع الامبراطورية الميدية لحكم الفرس سنة 550 ق م الا ان الكورد لم يتخلو ا ابدا عن استقلالهم في جبالهم المنيعة ."
المصادر و الماراجع : 1- جوزيف كليما ,, المجتمع و الثقافة في وادي الرافدين ,, براغ 1963  2- دياكونوف م  ,, ميديا ,, ترجمة برهان قانع من الفارسية ,, بيروت 1978  3- لويس ماسينيون ,, الاكراد ,, بيروت 1958  4-   محمد امين زكي ,, تاريخ الكورد و كوردستان  بغداد  1961  5-   فرانتيشك كراتكي ,, تاريخ التربية البدنية في المجتمعات   براغ   1962   6 – والدوي . آ  ,, الارض البابلية المدهشة  لايبزغ 1963  7-  قاسم المندلاوي ,, الثقافة الرياضية والاعداد العسكري في بلاد الرافدين مجلة العلم و الحياة براغ 1971                                                                                                 
Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon