"مسنّات" في عقدهن السادس على مقاعد امتحانات تلاميذ الابتدائية بالموصل (صور)
شفق نيوز/ تحت أشعة الشمس الخفيفة، وقفت خديجة، البالغة من العمر 58 عاماً، وأمينة، البالغة من العمر 60 عاماً، أمام مركز الامتحانات في قضاء تلكيف شمال الموصل، تتبادلان الحديث بحماس لا يمكن إخفاؤه، وكانتا تناقشان تفاصيل إجاباتهن في الامتحان الذي انتهى لتوه، وسط ضجيج الطلاب الذين يملؤون بوابة المدرسة.
"هل تذكرين السؤال الثالث" سألت خديجة وهي تحاول استرجاع تفاصيل الإجابة. أمينة ابتسمت وقالت: "نعم، كان صعباً بعض الشيء، لكني أعتقد أنني أجبته بشكل صحيح".
كانت خديجة وأمينة من طالبات محو الأمية، يقفان بفخر بين طلاب وطالبات بعمر أحفادهما، يؤدين الامتحانات الوزارية للصف السادس الابتدائي. لم يكن الأمر سهلاً، لكنهما لم تستسلما. كان طموحهما للتعلم في هذا العمر مصدر إلهام للجميع.
وظهرت خديجة بصورة ضمن صور للامتحانات على مواقع التواصل الاجتماعي وهي تؤدي الامتحانات الوزارية، وتتوسط طلبة بعمر أحفادها.
وقالت خديجة بحماس في حديث لوكالة شفق نيوز: "لم يكن الحصول على التعليم حلمًا يمكن تحقيقه بسهولة في شبابنا، لكن الآن، لدينا الفرصة ولا نريد أن نضيعها".
وأضافت خديجة، أن "العلم لا يعرف عمراً. نحن هنا لنثبت لأنفسنا وللعالم أن الإصرار والعزيمة يمكن أن يصنعا المعجزات".
وتابعت خديجة انها دخلت "محو الامية لتعلم الكتابة وقراءة القرآن وها انا افضل من السابق بكثير وسأمضي قدماً بمشواري لاكمل طريقي في التعليم".
لكن امينة، تختلف مع خديجة، وارتضت أن تنهي تعليمها بشهادة الابتدائية وقالت "الحمد لله تعلمت قراءة القرآن وفك الخط وهذا يكفي بهذا العمر والحمد لله كان طموحي القراءة والكتابة لا غير".
وتوجه طلبة السادس الابتدائي في العراق لاداء الامتحانات الوزارية لهذا الهام لكن الوضع يبدو مختلفاً لخديجة وامينة فهذه اللحظات بالنسبة لهما أكثر من مجرد امتحانات، كانت خطوة نحو تحقيق أحلامهما وإثبات أن الإرادة القوية يمكنها تجاوز كل العقبات.
من جانبه قال المشرف التربوي سعد سعيد "إن إكمال الدراسة الابتدائية لنساء في الستين من عمرهن هو إنجاز تربوي واجتماعي بالغ الأهمية. من الناحية التربوية"
وأضاف سعيد "يظهر هذا الإنجاز أن التعلم ليس محصوراً بمرحلة عمرية معينة، بل هو عملية مستمرة يمكن أن تستمر طوال الحياة. نجاح هؤلاء السيدات يعكس إرادتهن القوية وإصرارهن على تحسين حياتهن، ويعطي الأمل والتشجيع للآخرين، بأن العمر ليس عائقًا أمام تحقيق الأهداف التعليمية".