في الموصل.. توقف أعمال "الكسبة" يُحيل فرحة العيد إلى "نقمة"
شفق نيوز/ العيد، تلك المناسبة التي ينتظرها الجميع بشغف ولهفة، يحمل بين طياته فرحة وبهجة للكثيرين. إلا أن هذه الفرحة قد لا تكون متاحة للجميع بنفس القدر.
وحددت الحكومة العراقية، أيام عطلة عيد الاضحى ابتداءً من يوم الأحد 16 حزيران الجاري، ولغاية الخميس 20 حزيران، على أن يُستأنف الدوام الرسمي، يوم الأحد 23 حزيران.
هناك فئة من الناس الكادحين والبسطاء، الذين يمر عليهم العيد ليضيف على كاهلهم أعباءً إضافية بدلاً من أن يجلب لهم السعادة والراحة.
العيد، الذي يُفترض أن يكون مناسبة للفرح والبهجة، يمر على "أبو سعد" (نقمة وليس نعمة) بحسب قوله، إذ تتزايد عليه أعباء الحياة مع كل خطوة يدفع فيها عربته. تلك العربة ليست مجرد وسيلة لنقل البضائع، بل هي رمز لأثقال الحياة التي يتحملها يومياً.
أبو سعد الرجل الستيني، تحكي تجاعيد وجهه حكايات عن العمل الشاق والمتواصل، يعمل حمالًا، يجر عربة خشبية محملة بالبضائع الثقيلة. ينهك جسده يومًا بعد يوم، حيث أن التعب قد صار رفيقًا دائمًا له. ينهض في الصباح الباكر، يلف حول خصره حزام العمل، ويبدأ رحلة الكدح اليومية.
يقول ابو سعد لوكالة شفق نيوز؛ "عندما يأتي العيد، لا اشعر بالفرح كما يفعل الآخرون. بل أراه نقمة، إذ أني أعيش ليومي لاتمكن من توفير لقمة العيش لعائلتي".
ويستدرك قائلا: إن "الاحتفال بالعيد يعني لي يومًا بلا دخل، ولا استطيع تحمل ذلك. مكوثي في البيت خلال العيد يؤثر علي بالسلب، حيث أشعر بالعجز والقلق على مستقبل عائلتي، العيد الذي يجلب الفرح للكثيرين، يجلب لي المزيد من الهموم والمسؤوليات التي لا تنتهي".
البسطاء والكسبة مثل "أبو سعد" يواجهون تحديات كبيرة خلال فترة العيد، حيث تتطلب التزامات العيد منهم مصاريف إضافية في وقت يتعطل فيه العمل وتقل فرص الكسب.
ويعمل الكثير من العراقيين في مهن شاقة تتطلب منهم الجهد والتعب المستمرين لتوفير لقمة العيش لعائلاتهم. حيث يعتمد دخلهم اليومي على عملهم المستمر دون انقطاع.
وغالبا ما تتوقف هذه الأعمال مؤقتاً أثناء عطلة العيد، الأمر الذي يؤثر على أصحاب المهن ذوي الدخل اليومي.
أبو محمد، من اهالي الموصل (53 عاما)، يعمل نجاراً ورغم مهارته وحرفيته، إلا أن العمل لا يخلو من المعاناة؛ فقد أرهقته ساعات العمل الطويلة، وأثقلت كاهله متطلبات الحياة.
يقول أبو محمد لوكالة شفق نيوز؛ إن "العيد بالنسبة لي ليس مثلما هو للآخرين. عندما يتوقف العمل، تتوقف أيضاً القدرة على توفير احتياجات أسرتي. لدي التزامات كثيرة، من فواتير وأقساط ومتطلبات يومية لا تحتمل التأجيل. في حين يحتفل الناس ويستمتعون بأوقاتهم، أجد نفسي غارقاً في التفكير والقلق. لا أستطيع الجلوس في المنزل وأرى الفرحة في عيون أولادي دون أن أفكر في كيفية تأمين مستقبلهم".
ويضيف أبو محمد؛ أن "العيد بالنسبة لي هو يوم آخر من القلق والمشقة، وليس من الفرح والراحة".
يجد الكسبة اليوميين أنفسهم في مواجهة صعبة بين توفير لقمة العيش والاحتفال بالعيد، ما يجعل من العيد فترة تزيد فيها المعاناة بدلاً من أن تخففها.
أحمد حميد، (57 عاماً) يعمل حداداً في سوق الحدادين التراثي بالموصل. ينزوي في محل صغير داخل هذا السوق العريق، حيث تتردد أصوات الطرقات على المعادن والأدوات الحديدية من كل جانب. يمضي أيامه منحنياً على سندانه، يقارع الحديد ويشذبه ليشكل أدوات جميلة ومفيدة. العمل شاق ومتعب، يتطلب منه قوة بدنية وصبر لا ينضبان، ومع ذلك يستمر في هذا الكفاح اليومي لتأمين لقمة العيش.
يقول أحمد حميد لوكالة شفق نيوز؛ إن "العيد بالنسبة لي معاناة أخرى. عندما يمنحوننا عطلة إجبارية، يتوقف العمل ويتوقف معه دخلي اليومي. لدي التزامات كثيرة؛ من فواتير واحتياجات أساسية لعائلتي، ولا يمكنني تأجيلها. العطلة التي يعتبرها الناس فرصة للراحة والاستجمام، تتحول بالنسبة لي إلى عبء إضافي".
ويضيف حميد "أجلس في البيت وأفكر كيف سأتمكن من تغطية هذه النفقات. العيد يصبح وقتاً للقلق والتفكير المستمر، بدلاً من أن يكون وقتاً للفرح والراحة".