شطر ابنته نصفين.. شهادات مروعة لعراقيين عن القصف الهولندي الخاطئ على الحويجة
شفق نيوز/ عادت مجزرة الحويجة بمحافظة كركوك إلى الواجهة قبل أيام، بعد أن سلطت دراسة أجراها باحثون من منظمة "الغد" العراقية غير الحكومية، ومنظمة "باكس" للسلام، وجامعة "أوتريخت" الضوء عليها ثانية إثر مقابلات أجرتها مع 119 ضحية، و40 شخصية رئيسية في المجتمع، وضعت خريطة لتأثير الهجوم المشؤوم على العراقيين في تلك المنطقة.
ونصحت الدراسة، هولندا بالاعتذار عن ضربة جوية نفذتها في 2015 على بلدة الحويجة أسفرت عن مقتل 85 مدنياً عراقياً.
وأقرّت الحكومة الهولندية عام 2019 بمقتل 70 شخصاً بينهم مدنيون وعناصر من تنظيم "داعش"، نتيجة هذا الهجوم الذي استهدف مصنع ذخيرة ليل 2 إلى 3 يونيو/ حزيران 2015.
وأفادت الحكومة في رسالة إلى البرلمان أن المصنع المستهدف والواقع في منطقة صناعية، كان يحتوي على متفجرات أكثر مما كان متوقعا، ما تسبب في الكثير من الأضرار الجانبية.
وبعد 7 أعوام على قصف المدينة، ما تزال معاناة الناجين تذكّرهم كل يوم بالمأساة التي لحقت بهم بانتظار إظهار العدالة، حيث لم يكن يعلم "عبدالله" أن تلك اللحظات كانت الأخيرة التي سيرى فيها عائلته بعد أن قتلت في القصف بينما كانوا نياماً على سطح المنزل ليلة الثاني من يونيو/ حزيران عام 2015.
ففي ذاك اليوم، حلّقت طائرات التحالف بحسب شهود، لساعات عدة فوق بلدة الحويجة التي كانت تحت سيطرة داعش الإرهابي، ووقع القصف المرعب إثر سيطرة التنظيم على البلدة وإعلانها ولاية من ولاياته المزعومة.
قسمت ابنته شقين
وأضاف الرجل المنكوب في تصريح لموقع قناة "العربية"، أنه فقد 7 أشخاص من عائلته المكونة من 15 فرداً، مضيفاً أنه سمع في تمام الساعة الثانية عشرة من تلك الليلة المشؤومة صوت طائرة تحوم في سماء المدينة.
ثم شاهد بعد لحظات إطلاق صاروخ من طائرة، لتعيش المنطقة نهاراً بعد ظلام دامس خلال ثوان معدودة، تبعه قصف مخيف حاملاً معه أجزاء من بنايات ودور وأسقف حديدية وشظايا قاتلة وكأنها قنبلة نووية ألقيت عليهم، وفق تعبيره.
كما وصف باكياً أنه هرع إلى سطح منزله فوجد ابنته وقد شقّت إلى قسمين، مؤكداً أنها لحظات مأساوية لا يمكن نسيانها، خصوصاً بعدما سقطت أجزاء من المنزل فوق بقية الأسرة وقتلت زوجته وأطفاله الآخرين.
إلى ذلك، أوضح أنه لم يكن يعلم أن هناك مستودعا لأسلحة داعش بالقرب منهم، وأن الطائرات التي قصفت كانت تعلم أن هناك مدنيين يعيشون بالقرب من المكان المستهدف، مطالباً المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان والأمم المتحدة بالضغط على الحكومة الهولندية والاعتذار رسميا وتعويض ذوي الضحايا الذين سقطوا في هذا القصف الخاطئ.
عام دون طعام
ولم يكن "غازي عباس" بحال أفضل، فقد شرح لـ"العربية"، أنه وبعد القصف الشديد الذي رمى به وبعائلته بعيدا أتت شظايا من قطع حديدية وقطع سيارات وحجارة من المباني وكأنها سيل جارف أو كأن السماء بدأت تمطر عليهم شظايا قاتلة.
وعن إصابته، أفاد بأن قطعة حديدية اخترقت فكه الأسفل وكاد يفقد حياته حيث ظل طوال أكثر من سنة لا يستطيع الأكل بسبب كسور في الفك السفلي أدى لتهشيم الأسنان نتيجة الضربة التي استهدفت موقعا لتنظيم داعش تجمع حوله مدنيون.
وأضاف أن السنوات لم تستطع إلغاء الأثر النفسي من الإصابة، مطالباً الحكومة الهولندية والتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية بضرورة تقديم اعتذار رسمي لذوي الضحايا وتعويضهم ماديا ومعنويا لأنهم فقدوا أغلى ما يملكون في ذلك اليوم المرعب.
سيجارة أنقذت حياته
من جانبه، أكد "ثامر حمد عبدالله"، أنه نجا بأعجوبة من موت محقق في تلك الليلة، إلا أنه فقد شقيقه وابن شقيقه في مجزرة الحويجة.
وروى لـ"العربية"، أنه وبفارق 30 ثانية فقط كان تكسب حياته وخسر أخيه، فقد أصيب الأخ ومات متأثرا بجراحه وقتل معه ابنه الصغير وزوجته.
وأوضح أنه كان معهم قبل لحظات، إلا أنه تأخر عن الصعود إلى سطح المنزل بفارق 30 ثانية بسبب سيجارة كان يشربها متخفياً من أعين تنظيم داعش، وتسببت بنجاته من موت محقق.
في حين أفاد بأن والده قد فارق الحياة بعد فترة حزناً على شقيقه الذي قتل في هذه الضربة، أما الأم الثكلى فما زالت تعاني من هول المصيبة.
حالات سرطانية وأجنّة مشوّهة
إلى ذلك، رأى مدير منظمة الغد في مدينة كركوك طوفان، أن الحادثة كانت فاجعة كبيرة، مؤكداً أن الحكومة الهولندية لم تعر المأساة أي اهتمام يذكر، ولم تعترف ولم تتدخل لمعالجة الآثار أقلها.
كما أوضح أن مكان الانفجار كان يحوي مواد كيميائية، وما يزال تأثيره موجودا، مسببا حالات سرطانية وكذلك ولادات مشوهة وآثار نفسية لا تحصى.
وكشف أنهم رفعوا دعاوى قضائية في القضاء الهولندي ضد وزارة الدفاع الهولندية التي استهدفت المدنيين دون وجود أثر للجماعات الإرهابية المسلحة فيه.
كما أقاموا مؤتمراً للتعريف بقصة الضربة والآثار التي تم تناسيها منذ 7 سنوات، وكان ضحاياها مدنيين أبرياء وأطفال لا ذنب لهم سوى أنهم كانوا في المكان الخطأ.
ضربة خاطئة.. ووعود لم تنجز
يشار إلى أن هولندا كانت نفّذت ضربة جوية خاطئة عام 2015 على بلدة الحويجة العراقية أسفرت عن مقتل 85 مدنيا، مبررة إلى أن عدم القيام بذلك قد يعزز ظهور جماعات إرهابية في المستقبل. وأقرّت الحكومة الهولندية عام 2019 بمقتل 70 شخصا من بينهم مدنيون ومقاتلون من تنظيم داعش نتيجة هذا الهجوم الذي استهدف مصنع ذخيرة ليل 2 إلى 3 حزيران/يونيو 2015.
كما أفادت في رسالة إلى البرلمان أن المصنع المستهدف والواقع في منطقة صناعية، كان يحتوي على متفجرات أكثر مما كان متوقعا، ما تسبب في الكثير من الأضرار الجانبية.
ونهاية العام 2020، تعهدت بتقديم 4 ملايين يورو لإعادة الإعمار، لكن بحسب الدراسة، لم يترجم هذا الالتزام حتى الآن، بعد 7 سنوات من الهجوم، بعمليات إعادة بناء فعلية.
وكان ذلك الهجوم واحدا من نحو 34 ألف ضربة جوية نفذها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة على العراق وسوريا بحسب الدراسة.