تحقيق: استقرار العراق في حاجة إلى قطاع الأعمال الأمريكي

تحقيق: استقرار العراق في حاجة إلى قطاع الأعمال الأمريكي
2021-04-12T09:05:45+00:00

شفق نيوز/ هناك مناطق في العراق تبدل حالها كثيرا عما كانت عليه منذ حوالي 17 عاما، ومن أبرزها مدينة الرمادي، التي تقع غرب العاصمة بغداد وتبعد عنها بحوالي 108 كيلومترات، وهي مركز محافظة الأنبار

ويقول مايكل روبين الباحث المقيم بمعهد “أمريكان انتربرايز” في تقرير له نشرته مجلة ناشيونال انتريست عن زيارته الأخيرة لمدينة الرمادي إنه منذ 17 عاما كان الطريق إليها من مدينة أبو غريب بمحافظة بغداد، والتي حمل اسمها سجن أبو غريب سيء السمعة، مرورا بالفلوجة من بين أخطر الطرق في العراق. ففي 12 شباط/ فبراير عام 2004، أطلق من وصفهم بالمتمردين قنابل صاروخية على قافلة كانت تقل الجنرال جون أبي زيد، قائد القيادة المركزية الأمريكية في ذلك الوقت، والميجور جنرال تشارلز سواناك قائد الفرقة 82 المحمولة جوا في الفلوجة، بحسب "وكالة الأنباء الالمانية".

وفي وقت لاحق من ذلك الشهر هاجم المسلحون ثلاثة مراكز شرطة في وقت واحد وأطلقوا سراح نحو 100 سجين. وبحلول آذار/ مارس كان المسلحون قد عززوا سيطرتهم على الفلوجة. وأصبحت الهجمات ضد القوات الأمريكية والقوات العراقية المتحالفة معها تحدث يوميا في المدينة، وفي الحبانية المجاورة وفي الرمادي. وفي 31 آذار/مارس 2004 نصب المسلحون كمينا لقافلة تابعة لشركة بلاك ووتر الأمنية، وأشعلوا النار في أفرادها، وسحلوا الجثث عبر الشوارع. وبعد ذلك بأسبوع حاصرت القوات الأمريكية المدينة، لكن بعد 24 يوما أنهى جيمس كونواي قائد مشاة البحرية الحصار ونقل السلطة لما يسمى بلواء الفلوجة، الذي لم يستطع السيطرة على الأوضاع. ومع نهاية العام عادت القوات الأمريكية وسوت الفلوجة بالأرض. وعانت الفلوجة كثيرا بعد ذلك.

ويقول روبين إنه مع ذلك، أصبحت الفلوجة والرمادي الآن مدينتين مختلفتين تماما تقريبا. فالطرق التي تربط بينهما هي من أفضل الطرق في العراق. والاهتمام بمظهرهما واضح للغاية. وفي كل يوم تظهر شركات جديدة . وقام السكان بإعادة بناء مساكنهم . وتزدهر الجامعات المحلية، ويتباهى سكان الرمادي بأن مدينتهم سوف تشهد في القريب العاجل أول فنادق خمس نجوم في العراق. ويعترف العراقيون من خارج المنطقة بأن محافظة الأنبار هي المنطقة الأكثر أمنا بعد كردستان العراق وأنها تتقدم سريعا.

ويتفاخر سكان الأنبار – وهم محقون في ذلك- بأنهم حققوا نهضتهم بقدر ضئيل من المساعدة الخارجية. فالحكومة العراقية ما زالت مقيدة ببيروقراطيتها، وعجزها، وافتقارها إلى المال. ويرجع الكثير في الأنبار الفضل فيما حققوه لمحافظهم على فرحان الدليمي، ونخب شيوخ القبائل ورجال الأعمال لتعاونهم فيما بينهم وتحقيق ما لم تستطع أو لن تستطيع بغداد تحقيقه. فالحكم المحلي وأفراد المجتمع أمر مهم. وفي الوقت الذي تسطع فيه الرمادي والفلوجة، ما زال جزء كبير من الموصل متهدما ، وتم إلقاء القبض على محافظها السابق العام الماضي لدوره في مخطط فساد واختلاس بقيمة ملايين الدولارات.

ويضيف روبين أن الرمادي تظهر ما هو ممكن في العراق. ففي الوقت الذي ساهم فيه مواطنو المدينة في إحيائها، يحقق المستثمرون الأجانب في العراق غالبا أرباحا كبيرة. فمواطنو العراق شباب- إذ أن أكثر من 40 في المئة من السكان ولدوا بعد حرب -2003 والسوق في حالة توسع.

وأوضح روبين أنه بعد لقائه بعدد كبير من الأكاديميين وشيوخ القبائل والسياسيين في الرمادي اتفقوا جميعا على شيء واحد؛ وهو أنه حان الوقت لأن تغير الولايات المتحدة مسارها وأن تعطي الأولوية لقطاع الأعمال، وهم مصيبون في رأيهم؛ إذا أن المساعدات الأمريكية يتم استهلاكها، فهي تشجع على الفساد وتحد من مساءلة الحكم المحلي، لكن استثمار القطاع الخاص مختلف. فهو يبقى لفترة أطول، ويفيد كثير من الأشخاص، ويوفر الحوافز للاستقرار المحلي، ويعزز المشاركة الدولية السلمية. وبينما يقوم الرؤساء ووزراء الخارجية الأمريكيون بملء طائراتهم بالصحفيين والمساعدين، يملأ الرؤساء الآخرون طائراتهم برجال الأعمال.

وقال روبين إن إدارة بايدن متباطئة في انتهاز الفرصة، وأن مستشار الأمن القومي الأمريكي الحالي جيك سوليفان كتب مقالا أثناء الحملة الرئاسية قال فيه إن” الدبلوماسية يمكن أن تنجح فيما فشلت فيه القوة العسكرية”. وفي حقيقة الأمر كان مقاله للاستهلاك المحلي بدرجة كبيرة. فالأمر لا يقتصر على الدبلوماسية والقوة العسكرية، فقد تجاهل أهم قوة لأمريكا وهي” القطاع الخاص”.

وأشار روبين إلى أن الولايات المتحدة والعراق أصدرا في 7 نيسان/أبريل الحالي بيانا مشتركا بعد مناقشات حول حوارهما الاستراتيجي الثنائي. ورغم أن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن ونظيره العراقي فؤاد حسين أكدا على” الشراكة الاقتصادية القوية بين الدولتين، لم يقدما أي تفاصيل بخلاف تسهيل نظام التأشيرات بالنسبة للعراق” لتعزيز التجارة والاستثمار الدوليين” .

واختتم روبين تقريره بالقول إنه إذا كان بلينكن وسوليفان يريدان فعلا إظهار نموذج جديد للدبلوماسية الأمريكية، فإنه يتعين عليهما تجاوز البيانات الرسمية وتشجيع الاستثمار الجاد في العراق وفقا لطاقة كل محافظة عراقية. ويمكن لمؤسسة تمويل التنمية الدولية الأمريكية المساعدة في الحد من الخطر بالنسبة لقطاع الأعمال الأمريكي.

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon