بين "حبيبة گلبي" و" نحچي بعدين".. ما قصة العلاقات العاطفية القصيرة في العراق؟
شفق نيوز/ انتشرت على نطاق واسع في العراق، ظاهرة العلاقات العاطفية السريعة التي ما تلبث أن يمضي عليها شهر واحد حتى يفارق الطرفين بعضهما بعد أن كانا يراهنان على استمرار علاقتهما حتى "نهاية العمر"، ما يشكل أزمة اجتماعية حقيقية لابد من الوقوف إزاءها.
ويسعى العديد من الأشخاص في ظل الانتشار الواسع للإنترنت إلى التواصل مع الجنس الآخر للتعرف، عبر شبكات التواصل الاجتماعي مثل "فيسبوك"، ما يجعل الأمر يتطور سريعا إلى تكوين علاقات عاطفية وحب وزواج.
ووفّرت منصات التواصل الاجتماعي نوعا من السهولة في الوصول إلى الأشخاص، وقدرة سريعة على خلق التعارف، بعد أن كان الرجل في الماضي يمكث شهورا لمعرفة اسم الفتاة التي أُعجب بها، أو يتحيّن الفرص للاقتراب منها، بينما الآن، يستطيع بواسطة "فيسبوك" العثور عليها ومحادثتها والاقتراب منها في أي وقت يشاء.
كما أن الإنسان قديما كان يرضى بما هو متوافر، ويتأقلم معه، ولكنّ اليوم، باستطاعة الفرد أن يطّلع على مئات الخيارات التي قد تُغيّر وجهة نظره بالشخص الذي سبق واختاره، وقد يرى فرصا أفضل له في غيره، فالبديل متوافر دائما، وبسهولة.
وتبحث الفتاة الآن عن علاقة يتخللها الحب والمودة، ولا ترغب في الارتباط والزواج التقليدي الذي قد يصرّ عليه الأهل والمجتمع، لكنها في محاولة الحصول على الحب "في زمن التجديد المستمر"، تخوض تجارب مؤلمة في علاقات هشة وسطحية لا تستمر بضعة أسابيع أو شهورا في أحسن حالاتها.
ويرى مختصون أن هناك خلطا في المفاهيم بين مفهوم الحب، وبين الرغبة، فما يحدث هذه الأيام وما يُسمّى في العادة حبا، هو بالأساس صورة من صور تلبية رغبات الجسد، ويُسمّى بالخطأ حبا، فهو يعتمد على الشهوة في الغالب على الرغم من أنه يبدو حقيقيّا في عذاباته.
وفي سبيل فهم طبيعة العلاقات العاطفية التي تحدث اليوم، أجرت وكالة شفق نيوز مجموعة من المقابلات مع أشخاص يتحدثون فيها عن تجربتهم الخاصة، حيث تقول فتاة من بغداد تدعى (س.ع)، إنها "تعرفت على شاب عبر الإنترنت، وكانت علاقتنا جيدة، ونتحدث باستمرار، ومن ثم تطورت سريعا وبدأنا نخرج سوية، لكن بعد مرور أقل من شهر تغّير أسلوبه فجأة، فلم يعد يهتم بي كما في السابق".
وتضيف الفتاة لشفق نيوز، "وعند الاستفهام عن سبب هذا التغير، بدا مضطربا ويقول باللهجة الدراجة، (نحچي بعدين/ سنتحدث في وقت لاحق).
وتذكر الفتاة، نقلا عن هذا الشاب إنه تعرف على فتاة أخرى، فلا يطيق البقاء على فتاة واحدة بل يريد علاقات متعددة، ما شكّل صدمة لي، وانتهت بعد ذلك علاقتنا، بعد أن كُنت اتصور أنها ستستمر لـ(نهاية العمر)"ّ!.
وفي نظرة مختلفة، يذكر شاب من النجف يدعى (ز.ي.)، أنه "أحب فتاة وتقدم لخطبتها، وبعد إتمام العقد والاتفاق على جميع المتطلبات، ظهرت شروطاً جديدة إضافية من والدة الفتاة".
ويتابع الشاب لوكالة شفق نيوز، "حيث طلبت مني والدتها أن أنال شهادة الماجستير، وأن يكون لابنتها بيتا منفصلا، وهو خلاف ما تم عليه الاتفاق سابقا، وتفاقمت على إثرها المشاكل حتى انتهت بفسخ الخطوبة بعد أقل من شهر واحد على عقدها".
أما تجربة الفتاة (ز.ع) فكانت مختلفة، فتقول عن علاقة مع شاب تعرفت عليه صدفة عن طريق الأنترنت، إنها بدأت بعبارة من اللهجة الدارجة (حبيبة گلبي/ حبيبة القلب)، واصفة العلاقة معه بأنها كانت "غرامية"، وأحبته.
وتضيف الفتاة التي من كركوك، "رغم أجواء هذه العلاقة الجميلة وكُنت أشعر بالسعادة فيها، إلّا أنها لم تستمر لأقل من شهر، حيث بدأ يتجاهلني بشكل غير اعتيادي، واستمر هذا التجاهل حتى أيقنت بانه لا يرغب في الاستمرار معي، فانسحبت من هذه العلاقة وانتهت منذ ذلك الحين".
ويبقى الانفصال عن شريك الحياة من أسوأ التجارب العاطفية التي يمكن للمرأة أن تمر بها، ولكن بعض النساء يفضلن الانفصال على الاستمرار في علاقة غير راضيات عنها.
وتوضح الناشطة والمدافعة عن حقوق الإنسان، سارة جاسم، أن "علاقات العصر الحالي هشة وسطحية بسبب الانترنت، فيحصل التعارف والملل ومن ثم المشاكل بسرعة، كما أن رؤية المشاهير ورغبة كل طرف أن يكون شريكه بمثل (مثاليتهم) عاملا آخر لانتهاء العلاقات وخاصة التي تكون مبنية على شكل الوجه والجسد وليس الفكر والمنطق والعقل".
وتشير جاسم لوكالة شفق نيوز، إلى أن "هناك خلطا في المفاهيم بين مشاعر الحب والتعلق والشهوة الجنسية، فالحب بطبيعته يسعى إلى إدامة الرغبة، لكن ما يحدث هذه الأيام، وما يُسمّى في العادة حبا، هو بالأساس صورة من صور تلبية رغبات الجسد كأي عملية استهلاكية، ويُسمّى بالخطأ حبا، وبالتالي بعد انتهاء هذه الرغبة تنكشف الحقيقة للكثير، بأنهم واقعون في فخ هذه المشاعر".
وتختلف أسباب الانفصال والطلاق بحسب المحامي محامي عمر هذال المكدمي، الذي يبّين أن "معظم الأسباب تعود إلى زواج القاصرات، منها عدم اتفاق الطرفين قبل الزواج على كيفية مواجهة مصاعب الحياة، فضلا عن التأثير المباشر لأهل الزوجة".
وعن نسب حالات الطلاق في المحاكم العراقية يقول الدليمي لشفق نيوز، إن "نسبة الطلاق 70%، أما نسبة عقد مهر السيد 15%، فيما جاءت نسبة الزواج 30%".