العراق والتصحر والغابات.. شفق نيوز في مهمة كورية شاقة لانقاذ العالم
شفق نيوز/ المسافة من مطار إنشيون إلى الوسط التجاري في العاصمة سيول، يظهر لك بوضوح، لماذا اختيرت هذه البلاد لاحتضان الدورة الخامسة عشرة للمؤتمر العالمي للغابات، حيث المشاهد الخضراء لا تنقطع على طول جوانب الطرقات السريعة الممتدة فيما سيارة الاجرة تعبر بنا طوال أكثر من ساعة من الزمن.
وحتى في العاصمة سيول نفسها، وهي من أكثر مدن العالم كثافة سكانية حيث يقطنها أكثر من 10 ملايين إنسان، وتحتاج بالتالي إلى الكثير من الإعمار والمباني الشاهقة، فإن الأشجار والنباتات المتنوعة تحيط بكل الشوارع الرئيسية والمتفرعة منها، ومداخل المباني والفنادق و"المولات" والمتاجر على انواعها.
تتباهى كوريا الجنوبية بما قدمته للعالم من تجربة فريدة في تعزيز خضرتها وغاباتها وفق خطط طويلة الأمد، وهي ما بين الثاني حتى السادس من أيار/مايو الجاري، ستكون على موعد عالمي على أراضيها، لتحتفي أمام الاف الحاضرين والمشاركين من كل أنحاء العالم، بنفسها.
وربما تكفي الاشارة الى ان الغابات الكورية الجنوبية تحتل مساحة 14700 كيلومتر مربع من أصل مساحة البلاد المقدرة بنحو 100 ألف كيلومتر مربع وتحتل غابة العاصمة وحدها مساحة تزيد عن 1.16 مليون متر مربع، وهي كما يتباهى السكان هنا، كبرت بهذا الحجم استجابة لمطالب أهلها وافتتحت في العام 2002.
ويمثل المؤتمر المنعقد ما بين يومي الاثنين والجمعة، والذي تشارك فيه وكالة شفق نيوز عبر موفد لها، أكبر تجمع من نوعه من خلال "المؤتمر العالمي للغابات"، وذلك بالتعاون مع سلطات خدمة الغابات الكورية، ومنظمة الاغذية والزراعة التابع للامم المتحدة، وهو يعقد كل 6 اعوام، وبحضور خبراء وعلماء وناشطين ومسؤولين حكوميين من اكثر من 100 دولة.
ومن المؤكد ان كوارث بيئية عديدة حول العالم سيتم تناولها في المؤتمر، بما في ذلك الجفاف الذي نهاية بحيرة ساوة العراقية والجفاف الذي يلحق اضرارا قاتلة بنهري دجلة والفرات، وما يتسبب به التصحر من ازمات اجتماعية وقلاقل اذ يجبر ملايين المواطنين حول العالم بالهجرة ومغادرة اراضيهم الزراعية والارياف نحو المدن المكتظة مع انهيار القطاعات الزراعية.
ولم يعد إنقاذ غابات الكرة الارضية حديثا للترف، بعدما صار واضحا ان التغيير المناخي المتفاقم بفعل اضمحلال وتلاشي الغابات الكبرى يترك اثاره المدمرة على العديد من المجتمعات والبيئات في مختلف قارات العالم، وان مهمة انقاذها، او "استعادتها"، كما يحبذ الخبراء هنا القول، تحولت الى هدف عالمي بلا شك لحماية البشرية من الفناء.
ولهذا، ينعقد المؤتمر تحت شعار بناء بيئة خضراء وصحية ومستقبل مرن مع الغابات حيث يقول الامين العام للمؤتمر العالمي للغابات اونيسك بارك ان المؤتمر ينعقد "في وقت حرج في الجهود العالمية لمكافحة أزمة المناخ، ولدينا فرصة حاسمة لتعزيز التعاون الدولي حول الغابات وتسريع الالتزامات للحد من إزالة الغابات وتحقيق أهداف التنمية العالمية."
ويعلن المؤتمر عن نفسه بالقول ان هناك توجها عالميا لاعادة البناء "بشكل أفضل وأكثر اخضرارا" بعد مرحلة وباء كورونا، ، مع التركيز على أهمية الغابات والسكان الاصليين والمجتمعات المحلية في مكافحة التغير المناخي.
والهدف المركزي الذي يسعى اليه المؤتمر العمل على "استعادة" ما يصل الى نحو 10 ملايين كيلومتر مربع من الاراضي، اي ما يعادل مساحة الصين تقريبا، بالاضافة الى تفعيل دور التكنولوجيا المتطورة في حماية الغابات ومراقبتها.