عيد السليمانية.. طقوس خاصة بعد الصلاة وموائد عامرة بالاكلات التراثية (صور)

شفق نيوز/ مع بزوغ فجر أول أيام
عيد الفطر، اكتست مدينة السليمانية بحلة من البهجة والسكينة، حيث استقبل الأهالي
هذا اليوم بفرحة متجددة تحمل معها عبق التقاليد المتوارثة عبر الأجيال.
التكبيرات تعم الأجواء
ومع أولى إشراقات الصباح، ازدحمت
المساجد والساحات بالمصلين الذين توافدوا بملابسهم الجديدة وأيديهم مرفوعة
بالدعاء، وفي مسجد "حاجي احمد" وسط المدينة، اكتظت الساحات بالمصلين من
مختلف الأعمار، يرددون التكبيرات التي تعلن فرحة العيد.
يقول الحاج حسن عبد القادر، وهو
رجل ستيني لمراسل وكالة شفق نيوز: "هذا اليوم له مكانة خاصة في قلوبنا،
فعندما نردد التكبيرات جماعيًا، نشعر بروح الوحدة والمحبة بيننا، صلاة العيد ليست
مجرد عبادة، بل فرصة للتسامح وتجديد الروابط الاجتماعية، بعد الصلاة، نصافح بعضنا
البعض ونتبادل التهاني، حتى لو كان هناك خلاف سابق، فإن العيد يمحو كل شيء".
أما الشاب دانا كريم، البالغ من
العمر 25 عامًا، فقد حضر الصلاة برفقة والده وإخوته، وقال لمراسلنا: "أحب
أجواء العيد منذ الطفولة، لكن أجمل لحظة هي عندما نخرج من المسجد ونجد الناس
يتبادلون العناق والتهاني، أشعر أن المدينة بأكملها تنبض بالسعادة".
العيدية.. فرحة الأطفال
وبعد العودة من الصلاة، ينتظر
الأطفال بشغف لحظة الحصول على "العيدية"، حيث يسارعون إلى أيدي الأجداد
والآباء بملامح يملؤها الحماس.
تقول أم ارام، وهي سيدة سبعينية
لوكالة شفق نيوز: "العيد بالنسبة لي هو رؤية الابتسامة على وجوه أحفادي،
عندما يدخلون إليّ وهم يلبسون أجمل ملابسهم، وينتظرون العيدية، أشعر بسعادة لا
توصف، هذه العادة مستمرة منذ زمن طويل، فهي ليست مجرد نقود، بل رسالة محبة وفرح".
أما الطفل سيروان، البالغ من العمر
8 سنوات، فقال بسعادة: "العيد أحلى يوم في السنة استيقظنا مبكرًا، وذهبنا إلى
المسجد مع والدي، وبعدها حصلت على العيدية من جدي وعمي، سأشتري بها ألعابًا جديدة".
موائد العيد.. نكهات تقليدية
لا يكتمل صباح العيد دون الموائد
الغنية بالأطباق التراثية التي توارثتها الأجيال، وبعد العودة من الصلاة وتوزيع
العيديات، تجتمع العائلات حول مائدة الإفطار، حيث تتزين بالأكلات التقليدية مثل
القيسي (المشمش المطبوخ مع السكر)، و الأرز مع الفاصوليا، والديك الرومي، مع مزيج
من الحمص واللحم المجفف والتوابل.
يقول الشيف سامان جلال، الذي يدير
مطعمًا شعبياً في السليمانية لمراسل وكالة شفق نيوز: "في العيد، تعود
العائلات إلى الجذور، فتتجمع حول الأطباق التي كانت تُطهى منذ زمن الأجداد، طبق
القيسي، على سبيل المثال، يعتبر وجبة رئيسية في صباح العيد، فهو مغذٍ ويمنح طاقة
بعد شهر من الصيام، كما أن الأرز مع الفاصوليا من الأكلات المحببة لدى الكثيرين".
أما السيدة شيرين محمود، وهي أم
لخمسة أبناء، فتقول لنا عن تحضيرات العيد في منزلها: "قبل العيد بيوم، أبدأ
بتحضير الأكلات التقليدية حتى يكون كل شيء جاهزًا لصباح العيد، الإفطار يبدأ بحلوى
العيد مع الشاي، ثم نجتمع حول طبق الديك الرومي الذي يمنح نكهة مميزة ليوم العيد،
أبنائي يفضلون القيسي، بينما زوجي لا يستغني عن الأرز والفاصوليا".
وبعد الإفطار، تبدأ العائلات جولة
الزيارات إلى الأقارب والجيران، وهي عادة متأصلة تعزز صلة الأرحام، يقول فرهاد
كريم، لوكالة شفق نيوز، وهو رب أسرة في الأربعينيات من عمره: "العيد فرصة
لإحياء العلاقات العائلية، وفي هذا الزمن، أصبح الجميع منشغلاً بحياته، لكن في
العيد نضع كل شيء جانبًا ونتفرغ لزيارة الأقارب، أبدأ يومي بزيارة بيت والدي، ثم
نذهب مع العائلة إلى بيوت الأعمام والخالات، ونستقبل أيضًا من يزورنا".
أما السيدة نسرين أحمد، فتقول
لمراسلنا عن استقبال الضيوف: "لا يمكن أن يمر العيد دون أن نفتح بيوتنا
لاستقبال الأحباب، نحرص على تقديم القهوة والحلوى لكل من يزورنا، وهذه التقاليد
تجعل العيد أكثر دفئًا".
وهكذا تمضي السليمانية في صباح
العيد وسط أجواء من البهجة والتقاليد العريقة، من تكبيرات الصلاة، إلى ضحكات
الأطفال وهم يجمعون العيديات، ومن موائد الإفطار الغنية بنكهات التراث، إلى
الزيارات العائلية التي تعيد إحياء صلات المحبة، يظل العيد في السليمانية مناسبة
خاصة تجسد أصالة المجتمع وقيمه الجميلة.