تقف خلفها جماعات منظمة.. تفشي ظاهرة التسول في السليمانية (صور)
شفق نيوز/ "من مال الله، اعطينا يعطيك الله، لله يا محسنين"، كلمات لا يكاد شارع أو سوق في مدينة السليمانية بإقليم كوردستان، يخلو ممن يرددها، سواء كان طفلاً أم شاباً أم رجلاً مسناً أو امرأة عجوز، بات التسول مهنة البعض منهم أما آخرون فقد أضطرتهم الحاجة والفقر إلى مد أيديهم للآخرين لتأمين ما يسد رمقهم.
فريق عمل لوكالة شفق نيوز، قرر فتح ملف التسول والتعرف على هذا العالم الذي بات واقعاً معاشاً، واتضح أنه يسير وفق نظام عمل تقوده جماعات منظمة، وتبين أنه ليس بالعالم الذي يسهل اختراقه وكشف أسراره بسهولة.
الأطفال الطعم الأشد تأثيراً
فريق شفق نيوز تجول في عدة أماكن يرتادها المتسولون، ومكث لأوقات طويلة ليلا ونهارا يراقب ويوثق ورصد طرقاً متعددة للتسول، منها الطلب المباشر من المارة، والتجول بين السيارات لبيع العلكة عند الإشارات المرورية، وإحراج الناس لشراء المناديل الورقية.
تقول الناشطة في حقوق الإنسان، ليلى طه، لوكالة شفق نيوز، إن "التسول طريقة غير مشروعة لكسب الرزق وعادة ما تنتشر بين الأطفال الفقراء وذوي الدخل المحدود، ويعتمد الأطفال في تسولهم على وسائل مختلفة ومتنوعة تعتمد معظمها على إثارة العواطف ومشاعر الشفقة، كالدعاء أو ادعاء المرض أو الفقر، وتعود ظاهرة التسول لأسباب عديدة أهمها الفقر وانتشار البطالة والتخلف الاجتماعي".
غالبية الأطفال المتسولين من الذكور
فريقنا ومن خلال المتابعة توصل إلى أن غالبية الاطفال المتسولين هم من الذكور، كما رصد مكاناً ينطلق منه المتسولون وفيه يجتمعون، وهناك لاحظ الفريق إحدى الفتيات المتسولات وهي تسلم المسؤول عنها إيراد يومها.
المختص في الشؤون الاجتماعية، انور حيدر، عزا تفشي ظاهرة التسول الى "تردي الواقع الاقتصادي في العراق وكذلك بعض الدول المجاورة للعراق أدت إلى تزايدت فيها ظاهرة التسول".
واوضح لوكالة شفق نيوز، أن "أكثر الأماكن التي يرتادها المتسولون هي وسائط النقل العام والإشارات المرورية والتجمّعات التجارية والأسواق والمساجد والكنائس والمقابر والأضرحة والمزارات الدينية والمستشفيات والأماكن السياحية والأثرية والترويحية، بالإضافة إلى الأرصفة ومواقف السيارات وتقاطعات الطرق والساحات والجسور العامة".
أساليب التسول
وترى المتخصصة في الشؤون الاجتماعية، انتصار صالح، ان "طرق التسول تتنوّع بحسب المكان والزمان ولكن الغاية والمقصد واحد".
وتوضح لوكالة شفق نيوز، أن "من أبرز أساليب التسوّل هي كسب تعاطف الناس باستغلال المرض والإعاقة أو تصنّعهما، وكسب ثقة الناس وايهامهم من خلال عرض تقارير ووثائق طبية مزيفة، اضافة الى محاولة التستّر بالهندام المهترئ، وقلة النظافة، وادّعاء الجوع والحاجة".
وتابعت "كذلك استغلال الأطفال بطرق تدفع الناس لتصديقهم وتقديم المساعدة لهم، واستخدام الأدعية والمفردات التي تدفع الناس لتصديقهم والعطف عليهم ومساعدتهم والتغطية على فعل التسوّل بادّعاء بيع السلع البسيطة في الطرقات".
آثار التسول
وتؤكد ليلى طه على أن أهم الآثار المترتبة على تزايد ظاهرة التسول "انخفاض إنتاجية أفراد المجتمع الذين يمتهنون التسول, لأنّهم يُصبحون غير قادرين على العمل أو تحمّل المسؤولية مع مرور الوقت، اضافة إلى عكس صورة سلبية عن الدولة بشكل عام، وترك انطباع سلبي لدى السياح تحديداً ممّا يدفعهم إلى عدم زيارة المدن والأماكن التي ينتشر فيها المتسولون".
ولفتت إلى أن "التسول يسهم أيضاً بارتفاع معدّلات السرقة والجرائم وكذلك التأثير في التنمية الوطنية بشكل سلبي".
على كم يحصل المتسول؟
فريق شفق نيوز أجرى حواراً مع مجموعة من المتسولين، الذين رفضوا كشف هوياتهم الحقيقية، وتجنبوا التقاط أي صور قد تكشف هوياتهم، فقال احدهم بعد ان سألناه "إذا أعطيناك مبلغ 100 الف دينار شهرياً هل من الممكن ان تترك التسول؟"، فأجاب "100 الف دينار قليلة ولا تكفي"، مما يعني أنه يتحصل على أكثر من هذا المبلغ في الشهر.
الخلاصة
وكانت خلاصة تقريرنا الاستقصائي أن استفحال التسول يعد ظاهرة خطيرة، وهي أصبحت مهنة لمن لا مهنة له، وعرفت اتساعا واستفحالا كبيرين خلال السنوات الماضية، مما أدى إلى اتساع رقعة ممتهنيها، واختلط على المواطن أمر التمييز بين المحتاج الحقيقي ومن يمتهن التسول.