صحيفة يونانية: إدارة بايدن ستدفع بتركيا نحو "العزلة"
شفق نيوز/ خلصت صحيفة "غريك سيتي تايمز" اليونانية، يوم الأحد، إلى أن إدارة الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن ستضع تركيا في "عزلة" وتدفع بها أكثر إلى أحضان روسيا، مشيرة إلى أن تعامل موسكو مع أنقرة سيكون محدوداً بسبب استيائها من تصرفات أردوغان.
وذكرت الصحيفة في تقرير ترجمته وكالة شفق نيوز، ان المرشح لمنصب وزارة الخارجية انتوني بلينكن، أدلى بتصريح غير مسبوق ضد أنقرة قال فيه ان تصرفاتها كعضو في حلف الناتو "غير مقبولة، وان واشنطن سترى ما اذا كان هناك حاجة الى المزيد لما قد تفعله حول معاقبتها".
وفي رد على سؤال من السيناتور الاميركي ليندسي غراهام، حول شراء تركيا انظمة صواريخ "اس-400" الدفاعية، قال بلينكن "فكرة ان شريكا – ما يسمى شريكا- استراتيجيا لنا، يكون على نفس الخط مع روسيا، احدى اكبر الدول المنافسة لنا، امر غير مقبول".
ونقلت الصحيفة اليونانية عن العضو البارز في لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ بوب مانديز، قوله ان تصرفات انقرة في سوريا واليونان وقبرص وناغورني قرة باخ، "مزعزعة للاستقرار".
ورأت الصحيفة ان اجابة بلينكن على سؤال من السيناتور مانديز عما اذا كان "مفتح العينين ازاء تركيا تحت حكم اردوغان"، هي التي كشفت كيفية تفكير ادارة بايدن حول سياستها التركية، ردا بالقول ان "تركيا حليف، وهي بأشكال كثيرة، لا تتصرف كما يفترض بالحليف ان يتصرف"، ثم تابع وهو يقهقه "هذا تحدي مهم جدا جدا بالنسبة الينا، ونحن مفتحي العيون حولها".
واعتبرت الصيحفة اليونانية ان تركيا تدين بقيامتها الى البلاشفة السوفيات الذي قدموا لها سفنا محملة بالاسلحة والذهب في الفترة التي كان الجيش اليوناني على وشك الاستيلاء على انقرة خلال الحرب اليونانية-التركية (1919-1922).
كما عادت الصحيفة الى التاريخ لتشير الى انه بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، واعلان تركيا الحرب على المانيا النازية قبل شهرين فقط من احتلال الجيش السوفياتي لبرلين، انضمت تركيا الى حلف الناتو عام 1952، ولم تكن عضوا عاديا، بل منحت وضعا استثنائيا بسبب موقعها الجيوستراتيجي على البحر الاسود وقربها من القوقاز، بالاضافة الى سيطرتها على البوسفور والدردنيل.
وفي ظل هذه الوضعية الخاصة التي حظيت بها، فإن واشنطن حرصت دوما على استرضاء انقرة حتى انها باركت الغزو التركي لشمال قبرص في العام 1974، وتجاهلت المذابح التركية بحق الكورد والعلويين، والان تتجاهل الاجتياح التركي لشمالي العراق وسوريا.
واضافت الصحيفة انه برغم هذه الاحداث، فإن واشنطن ظلت تتقبل انقرة مع استمرارها في الالتزام بعضويتها في حلف الناتو، وادت دور نقطة الضغط على روسيا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي عندما دعمت مجاهدي الشيشان.
الا ان الصحيفة تابعت ان اردوغان قاد بلاده على طريق استقلال جيوسياسي، ويتصرف وفق مصالح تركيا الخاصة، لا مصالح الناتو، وتشجع اردوغان على التصرف بشكل منفرد في البحث عن شريك في روسيا، وعلى الرغم من ان مصالح انقرة وموسكو متعارضة غالبا، فإن الارضية المشتركة بينهما انهما يتصديان لواشنطن في مناطق جيوسياسية ملتهبة مثل سوريا والقوقاز.
اما حول علاقة اردوغان مع الرئيس السابق دونالد ترامب، فانها بحسب الصحيفة اليونانية كانت قائمة على المصالح التجارية الخاصة لترامب في تركيا، مذكرة بأن ترامب سبق له ان وصف علاقته بنظيره التركي بانها "جيدة جدا"، وان عدم اهتمام ترامب بالتصرفات التركية حتى ضد اليونان، الحليف في الناتو، شجعت اردوغان اكثر.
والان، في ضوء تصريحات بلينكن ومانديز وتنبههما لتصرفات اردوغان، يبدو للمرة الاولى منذ ان اصحبت عضوا في حلف الناتو، ان تصرفات تركيا لم تعد مقبولة، مشيرة الى مواقف مانديز منذ فترة طويلة بمعارضة التصرفات التركية كشرائها لصواريخ "اس -400"، ودورها في حرب اذربيجان الاخيرة، وانتهاكها للسيادة البحرية لليونان وقبرص.
وذكّرت الصحيفة بان بايدن نفسه صرح في العام 2015 انه يتوقع ظهور كوردستان مستقلة خلال حياته، وهو امر لا يمكن ان تتحمله تركيا، مضيفة ان مسألة التهديد بكوردستان مستقلة مجرد نقطة ضغط لادارة بايدن يمكنها ان تستخدمها ضد انقرة.
واشارت الى ان عقوبات اخرى يمكن ان تفرض وتلحق اذى بالاقتصاد التركي بالنظر الى عملة تركيا الضعيفة وارتفاع نسبة التضخم والديون.
وخلصت الى ان مشكلة ادارة بايدن مع اردوغان لا تتعلق بسياساته في سوريا وقبرص واليونان واذربيجان، وانما بشرائه انظمة ال"اس-400" من روسيا.
ولفتت الصحيفة الى ان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اعلن في العام الماضي ان روسيا لا تعتبر انقرة "حليفا استراتيجيا"، وان الشريك والحليف شيئان مختلفان.
وتابعت ان تركيا حاولت التحرك فيما بين روسيا واميركا، لكن فيما من المرجح ان تستهدف ادارة بايدن اردوغان، فان تركيا ستتحرك صوب روسيا.
وقالت الصحيفة اليونانية أن موسكو "مستاءة" من انقرة بسبب استمرار دعمها للجهاديين المتمركزين في محافظة ادلب السورية، ما يجعل الحرب السورية تستمر، كما انها "مستاءة" من نشرها للجهاديين السوريين على حدود روسيا في داغستان في اطار الحرب الاذرية، ما دفع موسكو الى التدخل لابرام وقف لاطلاق النار ونشر قوات روسية لحفظ السلام.
وباعتقاد الصحيفة اليونانية، فانه برغم الامتيازات المستمر لانقرة من جانب الولايات المتحدة، فانه يبدو ان الصبر ازاء تصرفات اردوغان، قد وصل الى نهايته، والرئيس التركي قد ينحو ببلاده اكثر باتجاه روسيا ردا على الضغوط الاميركية، وهو وضع قد تسمح به موسكو بشكل محدود فقط من اجل تعزيز الشرخ في داخل حلف الناتو، الا ان روسيا ايضا، ستكون قادرة على تحمل اردوغان بدرجة محددة.
واستنتجت الصحيفة ان تركيا التي تستعد للاحتفال في العام 2023 بمئة عام على انشاء الجمهورية، قد تكون في اكثر مراحلها عزلة، اذا رفضت الولايات المتحدة وروسيا الانخراط بالمزيد مما اسمته "ألعاب ادروغان".