الجنرال "هرمجدون".. يوقظ ذكريات سوريا في أوكرانيا
شفق نيوز/ منذ 24 فبراير/شباط 2022، وكل الأنظار معلقة على الحرب في أوكرانيا، لكنْ انطباع "كأني رأيت هذا من قبل" بين أوكرانيا وسوريا يوقظ الذكريات المريرة لدى معظم المعارضين السوريين، وهم يشاهدون القصف "العشوائي" الذي ينفذه الجيش الروسي اليوم وكأنه هو نفسه الذي ألحق الدمار ببلدهم.
بهذه المقدمة افتتحت صحيفة "لوتان" (Le Temps) السويسرية مقالا لخصت فيه "إديث بوفيير" فيلما وثائقيا تقوم بإخراجه، محاولة أن تستعرض التعاون بين الدفاع المدني (الخوذ البيضاء) السوري وبين الأوكرانيين، عندما قرر عناصر الخوذ البيضاء إرسال المشورة إلى نظرائهم، حيث يقول رجل الإطفاء منير مصطفى "واجبنا نحن البشر هو تقديم خبرتنا مع الروس وأساليبهم في شن الحرب. القصف الروسي مستمر هنا حتى اليوم. نحن لدينا عدو مشترك مع الأوكرانيين هو روسيا".
مأساة كان يمكن تفاديها
في سبتمبر/أيلول 2013، وبعد أن استخدم النظام في دمشق الأسلحة الكيميائية عدة مرات ضد شعبه، تراجع الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما عن تهديداته بالانتقام، وعهد بإدارة الملف إلى الروس -كما ترى الكاتبة- ليتحوّل الخط الأحمر الذي رسمته واشنطن إلى ضوء أخضر للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وعندها أدركت المعارضة السورية أن الأمل في مشاركة دولية أكبر قد انتهى.
وزعمت الدعاية الروسية أن موسكو تتدخل في سوريا لمحاربة الإرهاب، لكن الواقع كان غير ذلك، إذ تدخلوا في مناطق مأهولة بالمدنيين وخالية من "الجهاديين"، كما يقول الباحث في العلوم السياسية سلام الكواكبي الذي شاهد مدينته حلب وهي تقصف دون أن يستطيع فعل شيء، موضحا "أتيحت لي فرصة اللقاء بمسؤول روسي قريب جدا من الملف وسألته: إلى أي مدى يذهب الروس؟ نظر إلي بعيون حزينة قائلا: بالنسبة لحلب، هذا هو الحل: غروزني. وبالفعل فعلوا في حلب بالضبط ما فعلوه في غروزني، وما فعلوه بعد ذلك في ماريوبول وما سيفعلونه لاحقا، ربما في مدن أخرى في أوكرانيا".
واستعادت الكاتبة لحظات من المفاوضات بين الروس والمعارضين السوريين للخروج من حلب، وكيف أفهمتهم أنه عليهم أن يُخرجوا كما تريد أو تعتبرهم إرهابيين، وكيف قصفت الطائرات الروسية قوافل النازحين وقتلت العشرات من المدنيين، لينتقد المجتمع الدولي الهجوم دون فرض أي عقوبات على موسكو.
إستراتيجية الأسوأ
بعد حلب -كما تقول الكاتبة- تم استخدام إستراتيجية الحصار نفسها في العديد من المدن في سوريا كحمص والغوطة ودرعا، حيث تستخدم روسيا مدن سوريا ميدان تدريب عسكريا على أهداف حقيقية، حتى إن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو تفاخر بذلك عشية التدخل في أوكرانيا.
وذكرت الكاتبة بأنه منذ عام 2015 نفذت الطائرات الروسية 90 ألف غارة في سوريا، وجاء 98% من الطيارين الروس للتدريب في البلاد -كما تقول الكاتبة- واليوم يعين بوتين الجنرال سيرجي سوروفيكين قائدا للقوات الروسية في أوكرانيا بعد أن كان قائد المنطقة الجنوبية في سوريا، وهو يحل محل الجنرال ألكسندر دفورنيكوف، الملقب بـ"جزار دمشق" حيث نفذ سياسة الإرهاب ضد السكان المدنيين في سوريا، وفق رأي الكاتبة.
وقد اشتهر الجنرال سوروفيكين، الملقب بـ"الجنرال هرمجدون"ـ بقدرته على الرد بشكل غير تقليدي وبسرعة، وبحسب منظمة هيومن رايتس ووتش غير الحكومية، فهو متورط في سوريا في عدة هجمات على مناطق سكنية وقصف بالقنابل الكيميائية وضربات على المستشفيات، وقد تزامن وصوله إلى أوكرانيا مع إعلان بوتين عن قصف عشوائي وواسع النطاق، يبدو أنه ينذر بالأسوأ، كما ترى الكاتبة.
صحوة الغرب
منذ بداية الحرب في أوكرانيا، ضاعف القادة الغربيون تعبيراتهم عن دعمهم للشعب الأوكراني، وأرسلوا شحنات الأسلحة والمعدات العسكرية بصورة منتظمة، وفرضوا العقوبات على موسكو، وهو رد يرحب به السوريون مع لمحة من المرارة، كما تقول الكاتبة، إذ يقول القائد أيوب "لو تلقينا نصف أو ربع ما حصل عليه الأوكرانيون، لكنا عكسنا الوضع، ولكان بإمكاننا إنشاء مناطق حظر طيران يعيش فيها المدنيون بسلام.
يتذكر علاء الدين أيوب، العضو في الجيش السوري الحر منذ إنشائه، وصول شحنات قليلة من الذخيرة قدمها الأميركيون في ذلك الوقت، قائلا "أعطونا ما لا يكاد يكفي، وطلبوا منا التقاط صور لجميع الخراطيش التي يتم إطلاقها والأهداف المستهدفة، وبعد ذلك جف هذا الإمداد بسرعة وتركونا وحدنا".
في عام 2017، منح الرئيس السوري بشار الأسد بوتين السيطرة على قاعدتين عسكريتين في غربي سوريا، قاعدة جوية بالقرب من اللاذقية وميناء في طرطوس، "هذا موقع عسكري دائم لمدة لا تقل عن 49 عاما قادمة مع إمكانية التجديد لمدة 25 عاما (…) واليوم هذه القواعد موقع إستراتيجي يسمح لروسيا بإبراز قوتها في جنوب أوروبا وعلى الجانب الجنوبي من حلف الناتو".
في الوقت الحالي، تستخدم موسكو هذه القواعد أداة لإظهار القوة لإرسال رجالها إلى ليبيا أو جنوبا في أفريقيا، وبالتالي اعتقد بوتين أن بإمكانه توسيع دائرة نفوذ بلاده دون مخاطر، وبتشجيع من نجاحاته في سوريا، استهان بالردود الدولية عند إطلاق عمليته العسكرية في أوكرانيا وبالغ في تقدير قوة جيشه. "الجزيرة"