قراءة في كتاب أمريكي عن فشل التدخلات: ماذا جرى في العراق؟
شفق نيوز/ اعادت مجلة "حروب صغيرة (سمول وورز)" الأمريكية قراءة كتاب "التخطيط للفشل: حروب الولايات المتحدة في فيتنام، العراق وافغانستان" الصادر العام 2019، معتبرة انه في ظل الترنح الامريكي خلال عملية الانسحاب السريع والفوضوي من افغانستان، سيكون من المفيد الاطلاع على الاعمال المجهولة التي تنبأت بهذا الاحتمال قبل سنوات وتقييم الدروس منها.
والكتاب هو للمؤلف جيمس ليبوفيتش، وصادر عن دار نشر جامعة اكسفورد في نيويورك، ومؤلف من 246 صفحة، في العام 2019.
ويقول تقرير المجلة حول كتاب ليبوفيتش انه يمثل "أطروحة عملية- أكاديمية مستنيرة حول ثلاثة من الاخطاء الفادحة في السياسة الخارجية للولايات المتحدة"، مشيرا الى ان الكتاب "تنبأ بالعديد من إخفاقات حملة افغانستان ويتحدث عن الالم ويحلل، ما مررنا به جميعا في اغسطس/آب وسبتمبر/أيلول من العام 2021"، في اشارة الى التخبط الامريكي في الانسحاب من افغانستان وسيطرة حركة طالبان على البلاد بسرعة كبيرة.
وتوضح المجلة انه كبداية فإن الرئيس جو بايدن يتحمل اللوم، كما يمكن إلقاء اللوم من قبله على الرؤساء دونالد ترامب وباراك اوباما وجورج بوش، وانه بغض النظر عن الحزب الحاكم، فقد "كان هناك تعفن هيكلي في أسس المؤسسة (الحاكمة)، مشيرة الى ان ليبوفيتش يحدد بشكل دقيق طبيعة ذلك، وهو بذلك يطرح اطارا للفكر، اذا تم تطبيقه بشكل سليم، فقد يساعد في "تجنب المستنقعات التي اصبحت سمات (وليست اخطاء) لتدخلات السياسة الخارجية الامريكية".
وتابعت المجلة ان كتاب "التخطيط للفشل" هو مقارنة جيدة لثلاث حالات: فيتنام والعراق وافغانستان، وهو يتضمن المرحلة الاولى (قرار التدخل) مع "تثبيت" على اهداف المهمة، والمرحلة الثانية "الفصل" بين الوسائل والغايات العسكرية، والمرحلة الثالثة تتعلق ب"تحديد الموارد" (حيث اصبحت الحرب عالية الكلفة وهناك حاجة الى تحديد سقف للإنفاق) والمرحلة الرابعة تتعلق ب "فك الاشتباك بين القوات العسكرية (والقيود الزمنية من اجل الانسحاب).
العراق
وحول حرب العراق، قالت المجلة نقلا عن الكتاب ان ادارة بوش ركزت على تغيير النظام في بغداد، لكنها فشلت في التخطيط لتداعيات ذلك بما في ذلك التمرد وتوفير الامن العام. وفي في المرحلة الثانية، فان ادارة بوش رفضت الاعتراف بمشكلة الميليشيات والتمرد، وهي فشلت بالتالي في طريقة التفكير من خلال سياسات مثل اجتثاث البعث وحل الجيش العراقي.
اما في المرحلة الثالثة من حرب العراق، فقد كانت الموارد "مقيدة"، وقام ليبوفيتش ببعض الشروحات بان هذه كانت فترة حملة زيادة القوات الامريكية في العام 2007 ومكافحة التمرد. ويعتبر الكاتب ان ما جرى يتسق في الواقع مع مرحلة "التضييق" (تقليص الموارد) لان هذا كان "الخيار الاقل تكلفة" وكان صغيرا و"قصير المدى".
وفي المرحلة الرابعة، فان الكتاب يتحدث عن تحرك ادارة اوباما نحو موقف تفاوضي بشأن وضع القوات وهو الذي قاد فعليا الى الانسحاب في العام 2011.
ويشير ليبوفيتش في كتابه الى ان هذا الوضع كان يتعلق اكثر بسعة ادارة اوباما لاخراج الولايات المتحدة من العراق من خلال الاشارة الى انه عندما عادت امريكا الى العراق لاحقا لمحاربة تنظيم داعش، فان الحكومة العراقية قبلت بسهولة بفكرة عدم خضوع الجنود الأمريكيين للمساءلة القضائية وفق القانون العراقي.
فيتنام وافغانستان
يجادل ليبوفيتش في كتابه بعدم كفاية الحجج العقلانية التي تفسر دخول الولايات المتحدة الى فيتنام خلال عهد ادارة جونسون التي ركزت على الحل العسكري عن طريق الجو. كما انه في ظل ادارة نيكسون، توسعت الحرب ، ولكن لغرض موقف تفاوضي امريكي اقوى، وانتهى الصراع بسقوط سايغون في العام 1975 حيث انهار الجيش الفيتنامي الجنوبي والحكومة.
اما في افغانستان فان كتاب "التخطيط للفشل" يشير الى ان ليبوفيتش تمتع بالبصيرة لانه نشر في العام 2019، وربما يكون كتب قبل ذلك بكثير الى حين نشره. ويتحدث في الكتاب عن القلق من انهيار وتفكك قوات الامن الافغانية برغم التمويل الامريكي الكبير، وانه يمكن لطالبان ان تثبت وجودها في الاجزاء الجنوبية والشرقية من البلاد وتتحرك في النهاية لتطويق باقي المناطق.
يذكر تقرير المجلة بان هذا يبدو مألوفا في ضوء ما جرى في افغانستان مؤخرا. ويشير الى ان القضية لم تكن ان الحكومة الافغانية والجيش سوف يسقطان كما توقع الكثيرون، ولكن بمدى السرعة في سقوطهما.
وتنشر المجلة ما تصفه بانها "توصيات لصانعي السياسات في المستقبل" اوردها ليبوفيتش تركز على التفكير الواضح حول بدء التدخلات العسكرية وعملية صنع القرار، ومن بينها، الاعتراف بان التقييم هو عملية مستمرة، وتجنب الجدل الغامض مثل النقاش حول المصداقية الامريكية في فيتنام، وتجنب "ابطاء" تاخير القرارات ما يمكن ان يؤدي الى تقليص الخيارات، و"تنظيم" التخطيط للطوارئ للفشل المحتمل، وضرورة ان تدرك واشنطن القيود بما في ذلك القدرة على الاستفادة من الحكومات المضيفة من خلال الدعم او التهديد بالانسحاب، والتفكير في المستقبل المتغير، وحذر صناع السياسات من عدم اتخاذ القرار.