السلطة القضائية في العراق تعلق مهام عملها اثر الاعتصامات
شفق نيوز/ قررت السلطة القضائية في العراق، يوم الثلاثاء، تعليق مهام أعمالها في البلاد وذلك إثر اعتصام أنصار التيار الصدري أمام مجلس القضاء الأعلى مطالبين بحل مجلس النواب العراقي.
وذكر بيان صادر عن السلطة القضائية، أن مجلس القضاء الأعلى والمحكمة الاتحادية العليا اجتمعا حضوريا صباح اليوم على اثر الاعتصام المفتوح لمتظاهري التيار الصدري امام مجلس القضاء الاعلى للمطالبة بحل مجلس النواب عبر الضغط على المحكمة الاتحادية العليا لاصدار القرار بالامر الولائي بحل مجلس النواب وارسال رسائل تهديد عبر الهاتف للضغط على المحكمة".
وأوضح البيان "قرر المجتمعون تعليق عمل مجلس القضاء الاعلى والمحاكم التابعة له والمحكمة الاتحادية العليا احتجاجا على هذه التصرفات غير الدستورية والمخالفة للقانون".
وحمّل البيان "الحكومة والجهة السياسية التي تقف خلف هذا الاعتصام المسؤولية القانونية إزاء النتائج المترتبة على هذا التصرف".
بدوره أوضح مصدر قضائي مطلع في تصريحه لوكالة شفق نيوز، إن قرار التعليق يستمر ليوم واحد فقط، على أن يتم تقييم الموقف في الساعات المقبلة في حال استمراره او انهاء التعليق.
وأردف المصدر بالقول إن المحاكم في بغداد وباقي المحافظات، بدأت عملية إيقاف عملها بعد بيان مجلس القضاء الأعلى وتخرج المراجعين فيها بشكل تدريجي لتوقفها عن العمل بشكل كامل لاشعار اخر.
وتوجه العشرات من أنصار التيار الصدري، في وقت سابق من صباح اليوم، إلى مجلس القضاء الأعلى وشرعوا بنصب سرادق الاعتصام أمام مبنى المجلس في تطور جديد للتصعيد طال السلطة القضائية بعد السلطة التشريعية في ظل أزمة سياسية خانقة تمرّ بها البلاد.
وهذه المرة الأولى الذي يشهد فيه مبنى المجلس الكائن في المنطقة الخضراء المحصنة وسط العاصمة بغداد احتجاجات لما يتمتع به من حماية مشددة، ولكن اتباع الزعيم الشيعي البارز مقتدى الصدر لهم القدرة على اجتياح أي مؤسسة رسمية لما يمتلكون من قاعدة شعبية واسعة على مستوى مناطق وسط وجنوب العراق مسنود بـ"سرايا السلام" الجناح العسكري التابع للتيار.
وحمل المعتصمون شعارات تطالب بتنفيذ دعوة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر لحل مجلس النواب العراقي تمهيدا للمضي في إجراء انتخابات تشريعية مبكرة في العراق.
وتضمنت المطالب التي رفعها المحتجون أمام مجلس القضاء إضافة إلى حل البرلمان "تحديد الكتلة الأكبر، محاربة الفساد والفاسدين، فصل الإدعاء العام عن مجلس القضاء الأعلى مع التعديل، عدم تسييس القضاء".
وكان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر قد طلب، في العاشر من شهر آب الجاري، من السلطات القضائية العمل على حل مجلس النواب العراقي خلال مدة أقصاها نهاية الأسبوع المقبل، حاثا في الوقت ذاته رئيس جمهورية العراق برهم صالح على تحديد موعد لإجراء انتخابات تشريعية مبكرة في البلاد.
وكان مجلس القضاء قد أكد في عدة مناسبات وآخر في بيان رسمي رد فيه على الصدر، بأنه "لا يملك الصلاحية لحل مجلس النواب"، داعيا "الجهات السياسية والاعلامية كافة الى عدم زج القضاء في الخصومات والمنافسات السياسية".
ويمر المشهد السياسي في العراق بمنعطف خطير منذ أن اقتحم أنصار التيار الصدري بزعامة رجل الدين الشيعي البارز مقتدى الصدر مبنى مجلس النواب في المنطقة الخضراء المحصنة وسط بغداد، واعتصامهم فيه إحتجاجاً على ترشيح السوداني لمنصب رئيس الحكومة الاتحادية المقبلة.
وكانت الكتلة الصدرية قد تحصلت على أعلى الأصوات في الانتخابات التشريعية المبكرة التي جرت في تشرين الأول من العام 2021 إلا أن مساعي زعيم التيار أخفقت في تشكيل الحكومة الاتحادية الجديدة جراء وقوف الإطار التنسيقي الشيعي بوجهها من خلال استحصال فتوى من المحكمة الاتحادية بما يسمى الثلث المعطل في عقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية الممهدة لتسمية رئيس مجلس الوزراء.
وانفرطت عُرى عقد التحالف الثلاثي بين الحزب الديمقراطي الكوردستاني بزعامة مسعود بارزاني، وتحالف السيادة برئاسة خميس الخنجر، والتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر عقب استقالة نواب الكتلة الصدرية، وانسحاب التيار من العملية السياسية بأمر من الصدر.
ويعيش المشهد السياسي وضعاً متأزماً وطريقاً مسدوداً لم يسبق له مثيل في تاريخ العراق حيث مرت أكثر من 300 يوم على الإنتخابات المبكرة من دون التمكن من تشكيل حكومة جديدة في البلاد، وبقاء حكومة تصريف الأعمال برئاسة مصطفى الكاظمي.
وكان العراق قد اجرى في العاشر من شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي انتخابات تشريعية مبكرة للخروج من أزمة سياسية عصفت بالبلاد بعد تظاهرات كبيرة شهدتها مناطق الوسط والجنوب في العام 2019 احتجاجاً على استشراء البطالة في المجتمع، وتفشي الفساد المالي والإداري في الدوائر والمؤسسات الحكومية، وتردي الواقع الخدمي والمعيشي مما دفع رئيس الحكومة السابقة عادل عبد المهدي إلى الاستقالة بضغط شعبي.
وما ان تم اعلان النتائج الاولية للانتخابات حتى تعالت أصوات قوى وأطراف سياسية فاعلة برفضها لخسارتها العديد من المقاعد، متهمة بحصول تزوير كبير في الاقتراع، وهو ما نفته السلطات التنفيذية والقضائية، في وقت أشادت به الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بنزاهة العملية الانتخابية.